قضية تحرير فلسطين عسكريا وقع التخلي عنها كلية من عقود و نظام التجزئة العربي كما هو نظام محكوم عليه بالزوال آجلا أم عاجلا. فليس من الممكن ان تكون لكل دولة سياسة دفاع منفردة، فالأعداء في زمننا الحاضر يعتمدون علي تحالفات قوية و مثال أوكرانيا بارز للعيان، ما كان بإمكان الجيش الأوكراني الصمود في وجه روسيا العسكرية لولا الدعم الغربي.
نحن مقبلون بفضل القراءة الرصينة للأحاديث النبوية الشريفة علي عصر حروب و الشعوب المسلمة مستهدفة في وجودها، بعد ما إبتلع الصهاينة فلسطين، فالعدو أي كانت صفته لن يهدأ له بال إلا بعدما يكون أحكم سيطرته علي كامل الكوكب و صراع الوجود قائم في توقيت تتضاءل فيه فرص البقاء مناخيا و إقتصاديا و سياسيا لعدة شعوب.
فآلية الدفاع لدي كل دولة علي حدة لن تصمد طويلا، بالنظر إلي عدة عوامل داخلية و خارجية، نحن لا نملك تصور موحد لما يجب أن تكون عليه مجتمعاتنا و العولمة الرقمية ضربت في الصميم الهوية العقائدية للمجتمعات المسلمة هذا دون الحديث عن علمانية الأنظمة التي حاربت منذ إستقلالها الصوري اي مرجعية فعلية للشريعة الإسلامية في حياة الأفراد و الجماعات.
فمنظومة الدفاع هزيلة و الفساد السياسي و الإقتصادي لغم فرص الإستقرار و الإزدهار لدي الكثير من الدول العربية. هذا و التطبيع مع العدو الصهيوني مكن هذا الأخير من إختراق المنظومة القيمية كما هو حاصل في مصر و الإمارات العربية المتحدة.
فما يجب أن نأخذه بعين الإعتبار ان الحرب القادمة ستجتاح مجموع المساحة التي تضم العالم العربي و لن تكون حرب تقليدية. فما لا يغيب عنا في خضم التطورات السريعة، اننا ضحايا الغلبة الحضارية الغربية. الغزو الثقافي و الحضاري الغربي الذي نتعرض له ليل نهار بدون ادني إنقطاع، لا يمكننا من الدفاع عن أنفسنا ما بالكم بالإستقلال الثقافي و الحضاري الفعلي…فقد نتج عن هذا الغزو الشرس تارة و الناعم تارة أخري ظهور جيل لاديني، جيل لا يعول عليه. و الجيل السابق الذي يحتوي علي عناصر صالحة لم يجد في النخب المتناحرة الأرضية التي يقف عليها لمواجهة طوفان الغزو.
ما هو مصير عالم عربي و داخله علي هذه الحالة من التداعي الخطير ؟
لا بد من إستفاقة، لا بد من بارقة أمل في بحر من البؤس و الخذلان و الفشل…هذا ما نتأمله و ما نعمل علي بثه عبر موقع نظرات مشرقة و غيره…