في السبعينات من القرن الماضي، كنت طفلة…
كنت أعيش في جزيرة جاوة بعاصمة دولة أندونيسيا : جاكرطا…
كان والدي رحمه الله مختار عنيبة يعد نفسه للذهاب إلي الجزائر في مهمة.
فذكرته في صبيحة مشرقة و قد كنا نتناول فطور الصباح في حديقة إقامتنا :
-أذكرك بابا بوعدك بشراء لي ساعة معتبرة قبل سفرك إلي الجزائر.
نظر إلي أبي رحمه الله مبتسما :
-و سأكون عند وعدي إن شاء الله عفاف.
صنت، مرت أيام و يومين قبل سفره، ناداني ذات أمسية :
-طيب تعالي معي سنذهب إلي المركز التجاري “سارينا” كي أشتري لك ساعة بذوقك.
رافقته جد سعيدة.
نقلتنا سيارة الوالد رحمه الله عند الغروب إلي موقف السيارات الخاصة بالمركز التجاري الضخم.
و صعدنا عدة طوابق قبل الوصول إلي الطابق المقصود.
و هناك وقفت أمام عرض فاخر لساعات يد بكل الأنواع و الأشكال. بقيت مدة و أنا أقلب نظري في البضاعة الجميلة و أخيرا إخترت ساعة صغيرة ذهبية ذات شكل جذاب و عملي في آن :
-أريد هذه بابا.
نادي أبي علي بائعة و بين لها الساعة المرغوب فيها، فقدمت لنا واحدة توأم لها. اخذها أبي و ربطها حول معصمي مبتسما :
-هل أنت سعيدة عفاف ؟ ها أن لك ساعة جميلة.
قفزت من الفرحة، عانقت أبي و سلمت عليه بحرارة و غادرت المكان بعد ما دفع ثمن الساعة طبعا.
عند عودتنا، قال لي أبي “سأسافر و أتغيب لعشرة أيام إن شاء الله، إجتهدي في دراستك و قد أوصيت السائق بان ياخذك إلي مكتبة المركز متي شئت ذلك عفاف.”
وعدت أبي رحمه الله و أنا مبهورة بساعتي أنظر إليها مرة و مرات.
عند ساعة السفر، ودعت ابي شاكرة له إيفاءه بوعده.
تلك الساعة رافقتني لأكثر من عشرين سنة …عاشت معي لحظات و أحداث و وقائع لا تنسي و لا تمحي من الذاكرة…
و هكذا كان والدي رحمه الله معي…