نظرات مشرقة

الحضارة علي درب ورشة

بقلم عفاف عنيبة

رأت الكثير عن مسيرة النهضة الأوروبية في مكتبة المركز الثقافي الفرنسي بجاكرطا، خصصوا سلسلة من الكتب لرواية تاريخ تلك النهضة و إجتهدت لقراءة كل ما يتعلق بتلك المسيرة، علي صغر سني فهمت الكثير و أكثر ما أسرني جانب مهم جدا و هو :

ركزت علي فجر النهضة في إيطاليا التي كانت منقسمة لممالك و إمارات و كانت تعرف تجاذب كبير بين فرنسا في الشمال و بين اوروبا الشرقية و الدولة العثمانية جنوبا و شرقا.

فأول ما بدأت النهضة، كانت عبارة علي ورشات صغيرة يصنعون فيها أدوات يحتاجونها في الترويج لتجارتهم داخليا و خارجيا و كانت الحركة التجارية النشطة في البحر المتوسط حافز لأثرياءهم في بيع سلعهم و تمويل تلك الورشات التي عبرت بالأساس عن رغبة أبناء إيطاليا في الإبداع و الإبتكار و ضمان الكفاف لطبقة من الكادحين خاصة من يعملون في تلك الورشات و قد طوروا فنون كثيرة بدء بأدوات صغيرة في ميادين مختلفة من الخياطة إلي الحدادة إلي الرسم. و هكذا علي مستوي مدينة أو دائرة فيرانزا كانت هناك تجمعات لمهن و فنون كان لها مكانة إجتماعية و سياسية كبيرة و إنقسمت إلي مهن رئيسية و إلي مهن ثانوية.

هذه اللمحة المختصرة التي قدمتها في الأعلي أردت من خلالها الذهاب إلي صلب موضوعي :

كيف نصل إلي إرساء فنون و مهن نرسخ فيها إنتاج من صميم إبداعنا ؟ إلي حد الساعة الصناعات اليدوية تلعب دور في الحفاظ علي تراث من الإبداعات الإنسانية لكن ما نحن في أمس الحاجة إليه نهضة صناعية قائمة علي ما يخترعه ذكاءنا و هذا يتطلب نوع من التنظيم الذي لمسته في مطالعاتي عن النهضة في إيطاليا بين القرنين الثاني عشر ميلادي إلي السادس عشر ميلادية و نفتقده في طول و عرض عالمنا الإسلامي.

في جل الإتفاقات التي نعقدها من اجل التعاون الإقتصادي مع بعض الدول المتطورة كثيرا ما نلح علي بند نقل التكنولوجيا إلينا لكن ما أعرفه ان أسرار الإبتكار و الإختراع ليس من المنطقي التعويل علي كشفها لنا. لهذا علينا بالإعتماد علي عقولنا و ذكاءنا لنهج كيفية مغايرة في تلبية إحتياجاتنا وفق خصوصيتنا و خاصة وفق المباديء و القيم التي علمنا إياها الإسلام أي إحترام التوازن الكوني و البيئي و قدسية الحياة لدي البشر و بقية الكائنات، بلا إعتماد هذا النهج، من شبه المستحيل توقع نهضة علمية في عالمنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى