هذه الواقعة حقيقية، وردت في أحد كتب عالم دين إيراني، محتوي كتابه الأسرة في الإسلام في العصر الحديث*.
في إيران في العصر الحديث يضطلع الدعاة الدينيين بدور مميز : فهم يجوبون أرض إيران شرقا، غربا، شمالا، جنوبا علي الأقدام، زائرين و مقيمين في قري في الريف الإيراني و عند البدو و القبائل الإيرانية المرتحلة.
و يتلخص عملهم في تثقيف مواطنيهم بمختلف مستوياتهم المعرفية بما جاء في الدين الإسلامي من أخلاق و فقه السلوك.
هم يعملون ذلك مجانا و مضيفيهم يتكلفون بكل إحتياجاتهم دعما لدورهم الريادي في الحفاظ علي الإسلام في قلوب و عقول بسطاء الشعب الإيراني.
في يوم ما إتجه داعية إيراني إلي منطقة ريفية مشهورة بثمار الرمان و حل ضيفا علي أهلها. فتسابق الناس لإستقباله في بيوتهم و تقدم رجل إيراني فقير ليدعوه إلي بيته، فشرف كبير للناس إستضافتهم داعية إلا أن أحد وجهاء القرية أزاح الرجل الفقير من طريقه و دعا الداعية إلي منزله و كان ما كان.
في اليوم الأول الثاني قام رجل الدين بالدعوة في مسجد المكان و إنتقل إلي ساحة يجتمع فيها السوق ليدعو مرتاديه إلي الدين القويم لكن في اليوم الثالث و الرابع و بقية الأيام إختفي الداعية.
إستفسر الرجل الفقير عن اخبار الداعية، فقيل له إنه مريض و هو طريح الفراش.
ذهب الفقير ليزور المريض في منزل الرجل الغني.
إستقبله الداعية و هو شاحب الوجه.
-ما بك مولانا ؟ هل تشكو مرض من قبل ؟
-لا، إنما الطبيب الذي زارني كشف وجع حاد في بطني، لعلي أكلت شيء فاسد لكن مضيفي كل أكله صالح و ممتاز.
فنظر الرجل الفقير مليا حوله ليتأكد من وجوده لوحده مع الداعية المريض ثم خفض صوته و قال له :
-أعلم ما اصابك.
-كيف ؟
-مضيفك رجل غني لكن ماله، مال حرام كسبه بإغتصاب أراضي فقراء القوم و قد عرضت عليك ضيافتي في أول يوم لأنني إنسان أكسب قوتي من عرق جبيني، أحرص كل الحرص علي المال الحلال. فأكل هذا الرجل الغني و كل ما يملكه حرام لهذا اصبت بهذا المرض و نصيحة مني لك، حالما تتعافي تعالي إلي بيتي سأحسن إستقبالك و أسرتي علي تواضع معيشتي.
و هذا ما كان، إستعاد الداعية صحته، شكر للوجيه الغني ضيافته و ذهب إلي بيت الفقير و اقام عنده و كانت إقامته عنده جيدة و قام بالدعوة علي أفضل وجه ثم غادر بعد شهر المنطقة ليتجه إلي منطقة ريفية إيرانية أخري ليقوم بتعليم الدين الإسلامي لأبناء وطنه.
*كتاب الأسرة و نظامها في الإسلام للمؤلف الخطيب الشيخ حسين أنصاريان