نظرات مشرقةيهمكم

حديقة لوكسمبرغ…

بقلم عفاف عنيبة

مختار عنيبة طوال حياته المهنية كديبلوماسي في وزارة الخارجية الجزائرية حرص كل الحرص علي وضع مسافة بينه و بين فرنسا.

كنا في كل مرة في سفرياتنا و نضطر للمرور بفرنسا، نقيم بها 3 أيام ليس أكثر. لنا اهل في فرنسا لكننا في كل المرات كنا نرفض دعواتهم بزيارتهم في فرنسا.

مسألة مبدأ بالنسبة لمختار عنيبة التي كانت ثقافته بالفرنسية أقوي من العربية لكنه لم يسمح لنفسه ابدا بالتحدث معنا نحن ابناءه بالفرنسية.

علمنا مع الوالدة حفظها الله العامية العربية الخالية من أي كلمة أجنبية.

في اندونيسيا، سجل ابناءه في المركز الثقافي الفرنسي و لكن في نفس الوقت وضح لنا السبب :

الفرنسية اللغة الثانية في المنظومة التربوية الجزائرية لهذا و أنتم في المدرسة الجزائرية لا بد لكم أن تكونوا أقوياء في اللغات الأجنبية و منها الفرنسية.

 

في يوما ما زرنا فرنسا عائدين إلي الجزائر و كان فندقنا غير بعيد من حديقة لوكسمبورغ. أخذني أبي لنتجول فيه قبل الخروج في فسحة طويلة مع كل أفراد العائلة و هناك أفهمني الكثير من الحقائق حول علاقتنا المرضية مع فرنسا :

“تذكري دوما عفاف من ماتوا من أجل حريتنا جميعا، أترين الحديقة حولك، أنظري النظافة و التنسيق الجميل للزهور و السلوك الحضاري للفرنسيين و الأجانب لكن خلف كل هذه الصور البراقة هناك الحقد اللانهائي علينا نحن من ندين بدين الإسلام، في الجزائر لن تجدي مثل هذه الحديقة و لا هذا المستوي من التحضر بسبب سياسة إستدمار فرنسية ثم سياسة تجهيل إتبعتها دولة الإستقلال بفرضها نظام إشتراكي علماني…ضاعت الجزائر و ضاع شعب جزائري كان شامخا بدينه أيام الإستدمار الفرنسي و اليوم غدي نسخة باهتة و منحرفة لتطور غربي لا يمت بصلة لجذورنا و ديننا.”

كنت أستمع إلي أبي رحمه الله و في نفس الوقت كنت أراقب ما حولي، أحتفظ بصورة جميلة جدا عن حديقة لوكسمبورغ في باريس، غير أنني كنت أعلم ايضا أن أقنعة مهرجانات البندقية لا تنفع في إخفاء معالم وجه الوحش….

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى