قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 06 شباط/فبراير 2024 09:12

كيف عالج الوحي مسألة الشر في الشخصية المسلمة؟

كتبه  الأستاذة هبة عنتر
قيم الموضوع
(0 أصوات)

النّكبة تتلوها النّكبة، و الطّامات تتابع، إلا أن الطّامة الكبرى لم تأتِ بعد!

الدّجاجلة كثر، و الطّواغيت على العروش تربّعت، و جذور ظلمها تجذّرت، و الشّعوب المعدومة هوَت تحت خطّ الفقر المدقع!

و لأنّ النّوائب تأبى إلا أن تأتيَ جمعًا، فقد تكاثرت الأمراض و الكوارث على الشّعوب المكلومة أصلًا، و طفت على السّطح من جديد التّساؤلات عن العدالة و الحكمة الإلهية، فبأي ذنب يقتل الأبرياء؟ و لماذا تكثر الكوارث في أرضهم؟ و لماذا تتكالب الضّباع على الأسد جريح؟ لماذا المعاناة من الفساد و الاستبداد؟ لماذا يحدثُ كل هذا؟

تاريخ سؤال الشر

سؤال الشّرّ ليسَ وليد العولمة الحديثة، بل إنّ بذرته الأولى وُجِدت في صيغة سؤال قبيلَ خلق آدم يوم تساءلت الملائكة {أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدّماء} [البقرة: 30]، ثمّ نمت برعمة السؤال إلى شجرة مشوهة حين حرّف بعض أحبار اليهود التصور الحقيقي و الاعتقاد الإيماني بالإله، فقدّم العهد القديم المحرّف الإلهَ بوصفه ربًّا ظالمًا حاقدًا على البشريّة، كل شأنه و همّه السعي لأن يذيقها سوء العذاب ظلمًا و عدوانًا، ثمّ كانت السّياسة القمعيّة للكنيسة كالسّماد لشجرة (معضلة الشّرّ الفلسفية) حيث كرّست العداء للإله القابع في النّعيم اللّاهي عن معاناة البشر بل ربّما المسبب لها، و مع بداية الثّورة الفرنسية، و بزوغ نجم التّنوير، و رغم إعدام القساوسة و رجال الدّين و السّعي المستميت لفتق الرّتق بين الدّين و السّياسة أينعت تلك الشّجرة و رسخت جذورها و قسيَ عودها و نضجت ثمارها.

و بفصل السّماء عن الأرض في الفكر التّنويريّ الأوروبي سعى الإنسان الأرضيّ لصناعة فردوس دنيويّ يحاكي الفردوس الّذي طرد منه أبوه آدم، فهو يتصف بالنعيم الدائم، و أنه جنّة تحاكي وصف الإله لها: {لا يجوع فيها و لا يعرى، و لا يظمأ فيها و لا يضحى} [طه: 118- 119] بمعنى آخر، فقد دفعته الرغبة لصناعة عالم لا مكابدة فيه و لا تعب.

انطلاقًا من الرّسم الأوليّ لهذا العالم الأفلاطونيّ نُحِتَ العالم الحديث، ملأته عدمية نيتشيه، و جبرية كامو، و عبثية سارتر، و أمام هذا الكمّ من الفلسفة التّشاؤمية الّتي بنت المدينة الفاضلة غابت الغائيّة، و غرق العالم الغربيّ رغم التّنوير في ظلمة العدميّة و اللّامعنى من الوجود.

و لأنّ النّاس خُلِقتْ من نفس واحدة، فإنّ الأسس النّفسيّة للإنسان هي هي عربيًا كان صاحبها أم أعجميًّا، و بذلك طفا على السّطح العربيّ و الإسلاميّ التّساؤل نفسه “لماذا خلق الله الشّرّ؟ لماذا يعذّب الله الأبرياء؟ لماذا تتوالى الطّامّات على المنكوبين أصلًا و تذر الظّالمين؟”

سعيًا للجواب

تساؤل الشّرّ إنّما برز كارتجاج نفسيّ أساسًا، ينبعُ نتيجة عجز الإنسان العربي عن الموازنة بين الإيمان بالله من جهة، و تقبل هذا الكمّ الوافر من المصائب و الويلات من جانب آخر، نتيجة تضع غشاوةً على أعين السّاخطين الذين منعتهم الشبهات من رؤية الحكمة الإلهيّة.

لمّا كان الإسلام دينًا متكاملًا واقعيًّا فإنه لم ينكر الشّرّ، بل أكّدَ وجوده مع القدرة على فهم الإنسان الحكمة منه حينًا و العجز عن فهمه أحيانًا، فالكون “ليس شفّافًا بالصورة التي توضح لنا الحكمة من كل ابتلاء” -كما يصف د. سامي العامري-.

نتيجة لهذا التّصوّر الواقعيّ، و سعيِ الدّين الحثيث لتهيئة الخليفة المنشود لعمارة الأرض فقد عمد لبناء الدّعامات النّفسيّة للفرد المؤمن، هذه الصّمامات الّتي بنَت الشخصيّةً المسلمة و أكسبتها مناعةً تقيه فتنة الابتلاء و تثبّتُ قدمه عند الزّلل.

و لأنَّ كلّ شعور و سلوك يسبقهما فكرة في عالم الكلمات و المعاني، فقد كان مطلع الدّرب في مسيرة الصّناعة و الإعداد للإنسان “الأميّ” تعلّم الأبجديّة و تسمية الأسماء بمسمّياتها، تمامًا كما عُلّمَ آدمُ أوَّلَ ما علّمَ الأسماء كلّها ثمّ نسيَها خَلَفه لمّا طال عليهم الأمد، فنسخ مفهومَ الشّرّ بمفهومِ الابتلاء، و هو اصطلاحًا الامتحان أو الاختبار، و يحتمل الخير و الشّرّ لقوله تعالى في سورة الأنبياء: {وَ نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]، فالبلاء يكون حسنًا و يكون سيّئًا، و أصله المحنة.

أمّا الرّسول الأكرم ﷺ فقد أكّد أنّ الابتلاء كلّه خيرٌ ما دام قدَرًا من أقدار الله و جنديًّا من جنوده، و ذلك في الحديث المشهور: (عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خير، و ليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، و إن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له) [أخرجه أحمد في المسند و مسلم في صحيحه]، و قوله ﷺ في سياقٍ آخر: (ما يصيب المسلم من نَصَب، و لا وَصَب، و لا هم، و لا حزن، و لا أذى، و لا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه) [أخرجه البخاري] و بذلك لن يضيع المؤمن بين حكمة ربّه و رحمته -كما ذكر ابن تيمية رضي الله عنه و رحمه-.

و بعد تبديل البالي من التّسميات بجديدها، انطلق الإسلام ليزيل الزّينة الزّائفة عن العالم الورديّ الّذي يسوّق له السّابقون الأوّلون من الملاحدة و اللّاأدريون، فعمد لتغيير التّصوّرات المثالية للحياة في ذهن ولد آدم، الحالم بفردوسٍ أرضيّ لا يعدو أن يكون ظلًّا دميمًا للأصل، مشدّدًا أنّ الإنسان خلقَ في كَبَد من النّفخة الأولى حتّى النّفخة الأخيرة، و أنّه في اختبار مادام في الجسد نفس، مؤكّدًا أنّ الدّنيا أطوار لا ثبات فيها، لا الخير فيها دائم و لا الشّرّ و كلاهما زائر لا مقيم، كما عبّر الكاتب أيمن العتوم بعبارة بليغة  في روايته نفرٌ من الجنّ عن هذا المعنى بقوله: “و لولا أنّ الشّرّ خُلقَ لما عرفا جمال الخير، و لولا أنّ الخير وُجِد لما عرفا قُبح الشّرّ…. و هما مثل الموت و الحياة، لو لم يُخلق الموت فأيّ عقلٍ يمكن أن يفسِّر معنى الحياة؟”.

ثمّ أظهر للإنسان الذي خال نفسه بغنى عن الإله قصوره، فهو مهما بلغ من اتساع الأفق يبقى هباءة أمام الكون الفسيح، و بذلك تنتهي فرضيّة القدرة على خلق عالم بلا ألم، فالإنسان الحديث رغم ما توصّل إليه من علم و عتاد يبقى يرتجف كجناح ذبابة عند الفزع، و لا يزال قلبه يسقط بين قدميه عند الصّدمة الكبرى، و لايزال عاجزًا عن منع الحروب بين أبناء جنسه فكيف به على الكوارث الكونيّة؟

لقد أكّد الله في مواضع مبثوثة من كتابه أنّ الخير كلّه بيده و أنّ الإنسان لمحدوديّة علمه مهما بلغت من امتداد قد يسبّبُ الشّرّ خلال سعيه للخير {و يدع الإنسان بالشّرّ دعاءه بالخير و كان الإنسان عجولًا} [الإسراء: 11].

و بين تغيير المسمّيات و التّصوّرات، قصّ الله عبر كتابه قصص الأنبياء مبيّنًا من جهةٍ حجم المعاناة الّتي لحقت بهم كاشفًا أحيانًا عمّا عقب هذه المحن من منح و لطائف، فقصّة يعقوب و تمكين يوسف معروفة، و صبرُ أيّوب على ابتلائه مضرب مثل، و غيرها الكثير و هذه القصص كانت لتبيان أنّ الحياة لم تسلم لأحد حتّى أصفياء الإله مصدّقَا قوله تعالى {وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25] من جهة، و تثبيتًا لقلوب المؤمنين المرتجفة من صروف الدّهر من جهة ثانية.

و لعلّ أكثر الصّور الواضحة الّتي قدّمها القرآن في معرض الحديث عن معضلة الشّرّ هي مشهد النّبيّ موسى عليه السّلام مع العبد الصّالح، حيثُ اتضح جهل الإنسان بمقتضى الحكمة الإلهيّة من أمورٍ ظاهرها فيه العذاب و باطنها فيه الرّحمة، فموسى الّذي طرح مسألة الشّرّ من موقع قوة – كما حسب- بإنكاره المستمر أمام أفعال العبد الصّالح “الشّنيعة” ظاهرًا سرعان ما أسلمَ للحكمة الإلهيّة الرّحيمة حين كشفت الأسباب و زيحت عن الأعين الغشاوة.

خاتمة المقال

إنّ انطلاق الوحيّ الإلهيّ لتغيير المسمّيات و التّصوّرات انعكس دون ريب إيجابًا على عالم الشّعور و السّلوك لدى الفرد المؤمن المسلم، فتغيير عالم الأفكار أزال عن العيون اللّثام، و أنار البصائر و أنزل السّكينة على القلوب فكانت تسلية للمؤمن فيما يصيبه مترجمًا ذلك بصبر على احتمال الشّدائد و النّوازل.

إنّ سؤال الشّرّ إذًا ليس بدعةً جديدة، إلا أن الإسلام لم يكن مهتمًا لا بتسفيه حجج الباطل و إفحامه عبر البراهين المنطقيّة و البديهيّة محطّمًا بذلك الصّخرة الأساسية الّتي يستند عليها الإلحاد فحسب، بل كان اهتمامه أيضاً ببناء شخصيّة إنسان سويّة، قادرة على الموازنة بين الإيمان بالله عزّ و جلّ، و الصّبر على ابتلائه سواء انكشفت الغاية منه أم لا.

الرابط : https://al-sabeel.net/%d9%83%d9%8a%d9%81-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d9%8a-%d9%85%d8%b3%d8%a3%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84/

قراءة 199 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 07 شباط/فبراير 2024 08:26

أضف تعليق


كود امني
تحديث