قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev 
السبت, 01 حزيران/يونيو 2024 09:02

الفكر التصادمي .. بين التنظير و التطبيق

كتبه  أ.د. راغب السرجاني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الفكر التصادمي

إننا نودُّ أن نُشير إلى ظاهرةٍ خطرةٍ أخرى؛ بل إنَّنا نعدُّها الأخطر في كلِّ ما ذكرناه من ظواهر تُؤَكِّد اندفاع العالم نحو الهاوية، و نقصد هنا ظاهرة انتشار الفكر التصادمي، و محاولة "تأصيل الصدام" و تشريعه، و إظهاره بمظهر أخلاقي، و ذلك للأسف من قِبَل بعض كبار الكتَّاب و المفكِّرين في عالمنا المعاصر!

نظرية "نهاية التاريخ"

و قد ساعدت الثورة الإعلاميَّة الكبرى و الأحاديَّة القطبيَّة التي نحيا في ظلِّهَا على انتشار أفكار هؤلاء المنظِّرين الصداميِّين من الأميركيِّين -خاصَّةً- أو الأوربيِّين بشكلٍ عامٍّ، و من أشهر هؤلاء المنظِّرين الفيلسوف الأميركي فرانسيس فوكوياما[1] (Francis Fukuyama) الذي وضع نظريَّة بعنوان "نهاية التاريخ"، و شرحها في مقاله الشهير "نهاية التاريخ" بقوله: إنَّ ما نشهده الآن ليس نهايةً للحرب الباردة، أو مرور فترةٍ معيِّنةٍ لمرحلة ما بعد الحرب، و إنَّما نهاية للتاريخ، بوضع حدٍّ للأفكار الأيديولوجيَّة في التاريخ الإنساني، معلنة انتصار قيم الليبراليَّة الديمقراطيَّة الغربيَّة التي تمثِّلها بالطبع الولايات المتحدة الأميركيَّة[2].

و بناء على هذه القناعة لدى فوكوياما دعى الرئيسَ الأميركي السابق بيل كلينتون[3] إلى ضرورة التخلُّص من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، و وقَّع على خطاب مماثلٍ وَجَّهَهُ إلى الرئيس بوش[4] في أعقاب هجمات 11 سبتمبر؛ حيث كان فوكوياما مؤمنًا بضرورة التخلُّص من الأنظمة الاستبداديَّة بالقوَّة خاصَّةً في حالة الشرق الأوسط[5]!

نظرية "صدام الحضارات"

وعلى النهج الصدامي نفسه صار صامويل هنتنجتون أستاذ العلوم السياسيَّة الأميركي، الذي نشر في صيف عام 1993م مقالًا بعنوان: "صدام الحضارات" في مجلة الشئون الخارجية (Foreign Affairs) الأميركيَّة، فأثار جدلًا واسعًا، ثُمَّ نشر هنتنجتون هذه الفكرة في كتاب بعنوان "صراع الحضارات" نظريَّة جديدة للعلاقة بين الحضارات، و قد لاقى الكتاب شهرةً واسعة، فتُرجم إلى 33 لغة، و وُزِّعَ في مختلف أنحاء العالم[6].

و اللافت في نظريَّة هنتنجتون و نظرته إلى حضارات العالم التي ترى أنَّ ما يحكم العلاقة بين تلك الحضارات هو "الصدام"، و هذا الصدام أساسه الثقافة أو الهويَّة التي تحكم كلَّ حضارة، و يعتقد هنتنجتون أنَّ خريطة العالم بعد الحرب الباردة ستكون مرتبطة بالتفاعل بين سبع أو ثماني حضارات كبرى تشمل: "الحضارات الغربيَّة، الكونفوشيوسية، اليابانيَّة، الإسلاميَّة، الهنديَّة، السلافيَّة الأرثوذوكسيَّة، و الأميركيَّة اللاتينيَّة، و ربَّما الإفريقيَّة".

و ستكون أهمُّ النزاعات الواقعة في المستقبل عند الحدود الثقافية الفاصلة بين هذه الحضارات، و يرى أنَّ هناك احتكاكًا يحدث الآن و سيزداد في المستقبل على طول تلك الحدود، التي تُعَدُّ -في رأيه- بمثابة نقاط لانفجار الأزمات و الحروب الحضاريَّة!

ثمَّ يُبَيِّن هنتنجتون بشكلٍ واضحٍ أنَّ البؤرة المركزيَّة للصراع في المستقبل ستكون بين الغرب من جهة، و الإسلام و الكونفوشيوسية من جهةٍ أخرى؛ حيث سيعقدان ما سمَّاه "الترابط الإسلامي الكونفوشيوسي" ضدَّ قيم و مصالح الغرب[7].

و نحن نرى أنَّ فكرة صراع الحضارات –و أمثالها- من الأفكار التصادميَّة مثَّلت الأساس النظري لشرعنة عدوان الغرب بقيادة الولايات المتحدة على العالم الإسلامي[8].

أخطر النظريات

و أخطر من ذلك ما جاء به المفكر الفرنسي جون كريستوف روفان[9] (Jean Christophe Rufin) في كتابه "الإمبراطوريَّة و البرابرة الجدد"؛ حيث يُقَسِّم العالم إلى عالمٍ متحضِّرٍ و برابرة متخلِّفِينَ، و هذا الحال مثل حال الإمبراطوريَّة الرومانيَّة القديمة، التي يصفها بأنَّها كانت عادلة و متحضِّرة، و جيرانها من الشعوب السلافيَّة و البربريَّة يعيشون دون نظامٍ أو تحضُّر.. ثُمَّ ينتقل إلى واقعنا الحالي فيقول: إنَّ الغرب يُمثِّل روما المتحضِّرَة بينما سكَّان الجنوب؛ مثل: أميركا الجنوبيَّة و إفريقيا و جنوب آسيا، يُمَثِّلون البرابرة الهمج، و لضمان الحفاظ على الشمال الناهض المتقدِّم لا بُدَّ من وجود مناطق عازلة تفصله عن الجنوب المتخلِّف، و هذا ما تُمَثِّله بلاد الشمال الإفريقي في القارَّة الإفريقيَّة، و تركيا و دول القوقاز في آسيا، و المكسيك و كوبا في أميركا اللاتينيَّة، و لا مانع لديه من تقديم الدعم الغربي لهذه المناطق العازلة لتقوية وجودها، و بالتالي حمايته من الهمج المتخلِّفين[10]!

و لعلَّ هذا الطرح يُفَسِّر لنا أمورًا كثيرة نلمسها في واقعنا المعاصر؛ مثل: الدعم الأميركي لدول الشمال الإفريقي لا سيَّما مصر و المغرب، و كذلك يُفَسِّر سَرَّ الرفض الأوربِّي لضمِّ تركيا إلى دول الاتحاد الأوربِّي لتُصبح من دول الشمال، بينما أوربَّا تُريدها حاجزًا و عازلًا عن الدول المتخلِّفة –في رأي روفان- كما تُوَضِّح لنا فكرة روفان سِرَّ الدعم الغربي للكيان الصهيوني منطقةً عازلةً بينهم و بين الجنوب، بالإضافة إلى أنَّها تمتصُّ كلَّ التوتُّرَات و الشحنات العدائيَّة الآتية من الجنوب المتخلِّف.

لقد نسي أو تناسى جون كريستوف روفان و أمثاله من أين أتته العلوم التي يتباهى بها الآن، لقد جاءت من دول الجنوب التي يصفها بالجهل، بل إنَّ الغرب لم يعرف علوم الأقدمين إلَّا عن طريق المسلمين؛ فحضارة اليونان لم تُعرف إلَّا من خلال الحضارة الإسلاميَّة و ترجماتها[11]، و رأينا في هذا الفصل كيف حصل الغرب على المواد الخام التي بنى بها صناعته و نهضته، و من أين أتى بالقوى العاملة -المسخَّرة- لخدمته، و كيف استعمر الشعوب و حال بينها و بين العلم، ثُمَّ ينعتها الآن بالجهل و التخلُّف، و كأنَّها وُلدت كذلك همجيَّة و متخلِّفَة!

و يستطرد روفان في شرح رؤيته قائلًا: "إذا لم ينجح الغرب في التنظيم الديموجرافي لدول الجنوب عن طريق التنمية و التخطيط العائلي، فلا مانع من أن يلجأ إلى طرقٍ وحشيَّةٍ تكون خاصَّةً بالجنوب فقط و لا يُسمح بها في الدول المتقدِّمَة؛ فما دمنا فشلنا في مراقبة و تنظيم الزيادة الديموجرافيَّة، فلماذا لا نترك الكوارث الطبيعيَّة تفعل فعلها؟... مثل: الحرب، و المجاعات، و الفيضانات، و الزلازل، و الأوبئة –و خاصَّةً السيدا[12]- لتتكفَّل بالقضاء على الفائض الزائد من السكَّان في الجنوب"[13]!

***

و نتيجةً لكلِّ العوامل التي مرَّت بها البشريَّة في تاريخنا القريب؛ من حروب استعماريَّة إجراميَّة، التي ما زالت آثار ظلمها تترك غُصَّة في حلق أبناء العديد من الدول، ذلك على المستوى الإنساني، و من مظاهر التجبَّر التي تُمارسها القوى الكبرى الجديدة التي ورثت عصر الاستعباد و الاستعمار، حيث نرى الهيمنة و الاغترار بالقوة، و نرى السطوة الإعلاميَّة الجبَّارة، و كيفيَّة صناعة الأعداء، و تأجيج الصراعات المذهبيَّة و العرقيَّة و الحدوديَّة لصالح أساطين تجارة السلاح في العالم..

كذلك مما نشاهده من عمليَّات بسط النفوذ السياسي؛ بل و الاحتلال العسكري للمناطق الغنيَّة بالمواد الخام و مصادر الطاقة..

و على جانبٍ آخر نرى الأزمة المالية العالمية و تداعيَّاتها الضخمة على دول العالم أجمع الغنيَّة منها والفقيرة..

كلُّ ذلك وسط جوٍّ مشحونٍ بمشاعر يملؤها الإحباط و اليأس من المستقبل، و بأفكارٍ صداميَّةٍ تُؤصِّل للعنف و تتخذه سبيلًا واحدًا للنجاة..

في النهاية:

نحن نتوقَّع أنَّ العالم مقبلٌ على انفجارٍ كوني جديد..

قد يسحق عددًا كبيرًا من البشر..

و قد تفقد البشريَّة تقدُّمها و تعود عشرات السنين إلى الوراء..

و من ثَمَّ كانـت هـذه النــــظريَّة[14]..

المصدر:

كتاب المشترك الإنساني.. نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب، للدكتور راغب السرجاني.


[1] فرانسيس فوكوياما: هو يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما Francis Fukuyama (1952م-..)، كاتب ومفكر أميركي، من أصول يابانيَّة، يُعَدُّ من أبرز مفكري المحافظين الجدد، من كتبه: (نهاية التاريخ والإنسان الأخير)، و(الانهيار أو التصدع العظيم).

[2] سوف يتم مناقشة هذا الموضوع بتوسُّع في فصل "وقفة مع الفكر الغربي الحديث" من الباب الثالث في هذا الكتاب.

[3] كلينتون: هو ويليام جيفرسون بيل كلينتُون William Jefferson "Bill" Clinton (1946م-..): رئيس الولايات المتحدة الأميركيَّة رقم (42)، انتُخب لفترتين رئاسيتين متتاليتين بين عامي 1993 و2001م، وفي عام 2004م، أصدر سيرته بعنوان: (My Life).

[4] جورج بوش الابن George W. Bush‏ (1946 -.. ): رئيس الولايات المتحدة الثالث والأربعون، اتَّسمت فترة حكمه بالعدائيَّة والحرب الصليبيَّة على الإسلام، وفي عهده احتُلَّت أفغانستان والعراق ومساندته للصهيونيَّة في فلسطين.

[5] يُمكن الاطلاع على نصِّ الخطاب على هذا الرابط: www.newamericancentury.org/Bushletter.

[6] صحيفة صنداي تايمز الأميركيَّة، 29 ديسمبر 2008م: www.timesonline.co.uk.

[7] محمد سعدي: مستقبل العلاقات الدولية، ص120، 121.

[8] انظر هذا الموضوع بتوسُّع في فصل "وقفة مع الفكر الغربي الحديث" من الباب الثالث في كتاب (المشترك الإنساني) للدكتور راغب السرجاني.

[9] جون كريستوف روفان Jean Christophe Rufin (1952م-..): طبيب ودبلوماسي ومفكر سياسي فرنسي، عمل سفيرًا لفرنسا في السنغال وجامبيا، وعمل مديرًا للصليب الأحمر الفرنسي، وأستاذًا في معهد الدراسات السياسية في باريس، من كتبه: (المتمردون في العالم).

[10] Jean-Christophe Rufin.L.Empire et les nouveaux barbares - Paris: J.C.Lattes.1991.

[11] للمزيد انظر: راغب السرجاني: ماذا قدم المسلمون للعالم.. إسهامات المسلمين في الحضارة الإنسانية، مؤسسة اقرأ - مصر، ط1: 1430هـ=2009م.

[12] السيدا: من الأمراض البكتيريَّة الفتاكة.

[13] Jean-Christophe Rufin."Nord-Sud: C,est La nouvelle gerre froide," Match (Paris) (22aout 1991),P.5.

[14] نظرية المشترك الإنساني (نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب)، للدكتور راغب السرجاني.

الرابط : https://www.islamstory.com/ar/artical/3408014/%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82

قراءة 123 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 05 حزيران/يونيو 2024 08:02

أضف تعليق


كود امني
تحديث