قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 29 أيار 2022 12:00

الإرادة..طاقة النفس الكامنة

كتبه  الأستاذ مصطفي عاشور
قيم الموضوع
(0 أصوات)

“لا تُلقينّ عصاكَ دونَ المَطلب”(1) و إذا كانتِ النُفوسُ كِباراً … تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ (2) هناك طاقة كبيرة في النفس، و كنز دفين يُغفل، و يحتاج أن تحفر بعيدا لتعثر عليه، ليس في الأرض، و لكن بداخلك، الذى بات مجهولا مع كثرة الصخب و الضوضاء في الحياة، فترك الذات بلا اكتشاف، يعني أن يظل الإنسان في مكانه لا يبرحه، و على حاله لا يغادره، و المفتاح هو الإرادة، التي تتخذ مسميات كالعزيمة و الإصرار و الهمة.

علم و فلسفة تُعرف الإرادة بأنها “تصميم واعٍ على أداء فعل معين، و يستلزم هدفاً و وسائل لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة إلى أن العمل الإرادي، وليد قرار ذهني سابق”، جاء في كتاب “التعريفات” للإمام للجرجاني بأنها “صفة توجب للحي حالاً يقع منه الفعل على وجه دون وجه، فهي ميل يعقب اعتقاد النفع “، و من ثم فهي مرتبطة بالحياة، و تقدير المصلحة، فالعقل يقف خلفها، كما أنها مرتبطة بالحافز أو الهدف الذي يخلق الإصرار على المضي في الفعل. في كتابه ” العالم كإرادة وفكرة ” المنشور 1818 يرى المفكر “شوبنهور، أن شخصية الإنسان تكمن في إرادته، و أن ” العالم كفكرة هو تجسيد للإرادة” فالإرادة ليست شيئا عابرا في الحياة، و رآها آخرون كنوع من التعبير عن الرغبة، و الرغبات لا تنتهي و لا تتوقف، لذا فالإرادة حاضرة دوما، لكن الفيلسوف “نيتشه” رآها  في كتابه “إرادة القوة” نوعا من القوة لا تتبدى إلا في ظل المقاومة، فيقول:”لا يمكن أن تظهر إرادة القوة إلا من خلال علاقة مقاومة،  إنها تبحث عمّن يقاومها، و تبحث عن المواجهات، و الصراعات “.

يضع باحثون في جمعية علم النفس الأمريكية APA تعريفا إجرائيا لقوة الإرادة استنادا إلى مجموعة من المحددات، منها -القدرة على تأخير الإشباع و مقاومة الإغراءات قصيرة المدى لتحقيق الأهداف طويلة المدى. -القدرة على تجاوز فكرة أو شعور أو اندفاع غير مرغوب فيه  . -التنظيم الواعي و الجهد للذات، بواسطة الذات. ترتكز  تلك المحددات على دور النفس في تنظيم الجهد الإنساني، و تكثيفه نحو نقطة ما أو هدف محدد. و الحقيقة أن موضوع هذه الطاقة شغل الفلاسفة و علماء الدين و النفس و الاجتماع و الصحة، لأن الإرادة تعبر عن الجوهر الإنساني المنوط به اتخاذ القرار، و تحديد الدوافع و السلوك، و اختيار السبل و المفاضلة بينها، و من ثم كانت الإرادة مجالا لاهتمام كل من يدرس الإنسان من الناحية المادية أو الروحية أو المجتمعية. و قد عرفها الصوفية المسلمون تعريفات تكاد تنطبق على ما توصل إليه علم النفس الحديث، فرأوا أن ” الإرادة حجب النفس عن مراداتهـا، و الإقبـال علـى أوامـر الله تعـالى، و الرضا”، و رأوا أن  “ترك العـادة هـي بـدء طريـق السـالكين، و أول منـازل القاصدين”، و يرى عالم النفس الأمريكي “وولتر مايكل ” Walter Mischel ” أن “مقدرتنا على إبعاد أنفسنا عن مواقف الإغراء، هي أمر ضروري للتحكم في النفس” و هي رؤية تتفق ما رأته المتصوفة في أن تربية النفس و إكسابها القوة يقتضي تقوية الإرادة، و لا يتأتى ذلك إلا من خلال مقاومة الإغراءات و الشهوات،  و من يتتع موقف الصوفية من الجوع و الصيام، و ترك ملذات الطعام، سيلحظ أن لتلك تمارين دور في تقوية الإرادة، لكن ما يميز الرؤية الإسلامية هو العمق و الارتباط بالجزاء الأخروي الذي يجعل لذة انتظار الثواب في الاخرة أقرب للنفس من لذة التمتع الآني. و قد أجرى علماء النفس الأمريكيون تجربة استمرت وقتا طويلا عرفت باسم “تجربة الخطمي” أو حلوى المارشميلو the marshmallow test، و قد أجريت في عام 1968  حيث تم اختيار (600) طفل و تم تخييرهم بين تناول قطعة من حلوى المارشميلو أو الانتظار (15) دقيقة و تناول قطعتين، و وضعت قطعة الحلوى أمام الطفل بمفرده على منضدة، و كانت النتيجة أن الغالبية امتنعت عن تناول تلك القطعة انتظارا لأخذ القطعتين، و تم بحث سجل هؤلاء الأطفال من جديد لأول مرة عام 1988، أي بعد عشرين عاما من التجربة، فوجد أن غالبية الأطفال الذين انتظروا و أخروا ملذاتهم كانوا أكثر نجاحا في حياتهم، و لديهم حياة عملية أفضل، و من ثم كان حضور الإرادة، ذا نفع للإنسان في حياته المستقبلية، أما استعجال الملذات و الانهماك في الاشباع السريع و العاجل فيضعف الإرادة، و له مضاره المستقبلية على مسيرة الإنسان الحياتية. يُستفاد من التجربة أن التفكير الواعي يحسن من أداء الإرادة و يقويها، لأن جزءا من تكون الإرادة و صلابتها و تماسكها و استمرارها هو نتاج حوار مقنع و واعي مع النفس، و ليس قرارا عشوائيا سريعا، أو نتيجة إكراه، فوجود الإكراه يضعف الإرادة و يجعل الإنسان يستدعي المرواغة، و لعنا هنا نستحضر مسألة الصيام، و ما يفرضه من امتناع عن المفطرات و المحرمات، و هنا ربما يفسر ما جاء في الحديث القدسي ” كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به”(3) لأن من يختبر حقيقة النية و الإرادة هو الخالق سبحانه و تعالى. لا مبالغة أشار علماء النفس أن المبالغة في تقوية الإرادة قد يفقد الإنسان التوازن، و يُعيقه عن تحقيق بعض الغايات، فالإرادة يجب أن تُستدعى في الوقت المطلوب و المحدد لها، لا أن تكون نشطة دوما، فنشاطها الدائم يبدد قوتها و يفقدها حيوتها، و هنا يمكن فهم الحديث النبوي ” إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَ أَحَبَّ الصَّلَاةِ إلى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَام، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، و يقومُ ثُلُثَهُ، وَ يَنَامُ سُدُسَهُ، وَ كانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَ يُفْطِرُ يَوْمًا.”(4)، فهذا الاستدعاء المحسوب للإرادة يقويها، و لا يشتتها، و يمنحها فترة للراحة تستعيد فيه قوتها. و يطالب علماء النفس بعدم المبالغة في تقدير قوة الإرادة حتى لا تغتر النفس بقوتها، يقول جلال الرومي: ” النفس من كثرة المديح تتحول إلى فرعون”، كذلك يطلبون عدم تعريضها للمغريات لأنه قد يصيبها لحظة ضعف، فيفشل الإنسان في ضبط نفسه، و هنا نستعيد الأخلاق الإسلامية في عدم الخلوة بإمراة، حتى و لو كان لتعليمها القرآن، و ألا يُعرض المسلم نفسه لما لا يطيق من البلاء، و كما أكدت الدراسات النفسية فمعظم الناجحين بارعون في تأخير الإشباع، و بارعون في مقاومة الإغراءات، بارعون في التغلب على الخوف من أجل القيام بما يحتاجون إلى القيام به، كما أنهم يعرفون أنفسهم و قدراتهم بشكل جيد. و الحقيقة أن الافتقار إلى قوة الإرادة عائق أمام التغيير سواء في النفس أو في الواقع، لكن قوة الإرادة لا تنمو بشكل مفاجيء ، و لكنها ثمرة مجاهدة طويلة مع النفس، و لهذا كان تشجيع الصغار على الصوم و الالتزام بأوقات الصلاة مدخل لتقوية الإرادة، و خلصت دراسة نفسية أعدتها عالمة النفس الأمريكية ” Terrie E. Moffitt “على مدار 32 عاما : ” أن الأفراد الذين يتمتعون بدرجة عالية من ضبط النفس في مرحلة الطفولة، يتمتعون بصحة بدنية و عقلية أكبر في مرحلة البلوغ، و عدد أقل من مشاكل تعاطي المخدرات و الإدانات الجنائية ، و لديهم سلوك ادخاري أفضل”، كذلك فإن الاقتناع بأن فشل الإرادة مرة ليس معناه نهاية العالم، و لهذا يفهم الرؤية الإسلامية في مسألة الاستغفار، فالاستغفار قبل أن يكون اقلاعا عن الذنب أو الخطأ، هو إرادة و إصرار على السير في طريق الإيمان و الخير، حتى وإن تعثرت القدم مرة أو أكثر.

[1] الشاعر ابن حمديس الصقلي

[2] الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبي

[3] رواه البخاري ومسلم

[4] رواه مسلم

الرابط : https://islamonline.net/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%81%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7%d9%85%d9%86%d8%a9/

قراءة 647 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 01 حزيران/يونيو 2022 09:13

أضف تعليق


كود امني
تحديث