(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 21 May 2015 11:35

تعلموا تسلموا

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

"لا سلامة بدون علم و حكمة" ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

سبحان الله ما أعظم احتياط هذا الدين، و أشدّ تشوفه إلى الإبقاء على صلات الزوجين، و لكن أكثر الناس لا يعلمون.

لا تكد تجد من يسأل عن أحكام الطلاق قبل أن يشرع فيه ، لو تعلم الناس كيف يطلقون لتقلّصت حالات الطلاق بشكل كبير، ما لا تستطيع أي إجراءات أخرى تحقيقه.

و القاعدة أنّ السنّة هو أن يطلق الرجل زوجته في طهر لم يقربه فيه طلقة، ثمّ لا يتبعها طلاق حتى تنقضي العدّة.

العمدة في منع طلاق الحائض حديث ابن عمر رضي الله عنه أنّه طلّق امرأته و هي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه سلم، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال:" مره فليراجعها، ثمّ ليمسكها حتى تطهر، ثمّ تحيض، ثمّ تطهر، ثمّ إن شاء طلّق قبل أن يمس، فتلك العدّة التي أمر الله أن تصلق لها النساء" رواه الشيخان.

سبحان الله ما أعظم هذا الدين، في الحديث دلالة أن بعد المراجعة تترك الزوجة حتى تطهر، ثم تحيض ثمّ تطهر، أما الطهر الأول فلأن الشرع منع من الطلاق في حال الحيض، إما لأن فيه تطويلا للعدّة، على القول بأن القروء الحيض، و قيل أن ذلك أمر تعبدي، و قد يكون من الحكمة و ذلك أن الحيض يتسبب في شيء من النفرة بين بعض الأزواج، بسبب المنع من القربان، و قد تؤدي هذه النفرة إلى الطلاق، لهذا جوّز الشرع في حال الحيض ما عدا الجماع على الصحيح. و كان من المنتظر أن يجوّز طلاقها بمجرد طهرها لزوال المانع، لكنّه مدّ المهلة، و استأنّ بالزوج، فندب إلى ترك المرأة حتى تحيض، ثمّ تطهر، فإذا مرّ على الزوج كل هذا، و لم يتراجع عن رغبته في فك العصمة، كان هذا دليل على أن الأمر قد تجاوز ما يعرض للناس من الغيظ العابر، و التبرم المؤقت، ثم يتراجعون عنه و يستدركون، و لذلك شرط في الطهر أن لا يكون قد مسّ فيه، فإن مسّ وجب عليه أن ينتظر حتى تحيض و تطهر. هذا كله في إطلاق الطلاق، ثمّ ماذا بعد هذا ؟ تأتي العدة، و عدّة الحرة أن لا تدخل في الحيضة الثالثة، فإنها تطلّق طاهرا فتحيض، ثمّ تطهر ثمّ تحيض، ثم تطهر ثمّ تحيض، فإذا ظهر أول الحيضة الثالثة بانت منه، فلا ترجع إليه إلا بعقد جديد مستوف لما هو مطلوب فيه.

و كل هذا و المرأة في بيت زوجها، تقوم بوظيفتها، إن كانت رغبة أي زوج في الطلاق رغبة سطحية أو لعارض، أو لغضب، تكفي هذه المدّة و هذه الإجراءات لمحوها و لإزالتها، فمن من الرجال يرى أمامه زوجته و رفيقة دربه، و ربما أم أولاده طيلة هذه المدّة ثمّ لا يتراجع، أو يتجاوز أحقادا صغيرة، أو نفرة عابرة، أو غضب كأنه سحابة صيف؟ و من من النساء من لا تراجع نفسها، و حسابتها و تلتفت إلى إصلاح ما يجب إصلاحه، مغتنمة هذه الفرصة، فتدنوا من زوجها، و تتحسس العيوب التي من أجلها و صلا إلى هذا المنعطف، فتتدارك بحكمتها الأمور، و تصلح من شأنها، و شأن زوجها.

أمّا ذهاب الزوجة لبيت أهلها، لا يزيد الأمر إلاّ سوءا، فيتشكل للزوجة مناصرين، و للزوج مناصرين و تستفحل الأمور و تتوسع الخصومة.

لو تعلم الناس كيف يتصرفون في حالة الطلاق وفق أمر الله تعالى و حدوده ، لقلّت حالات الطلاق، و التأمت الأسر، و تدنّى الشر، فالحمد لله على نعمة الإسلام لا نحصي ثناء عليه.

من الفوائد أن الزوج لا يكون محققا للعشرة بالمعروف كما أمره الله تعالى حتى يكون متفقدا لزوجته يعلم حالها، و أن لا يكون مهملا لها تحت أي حجة، ناسيا لحالاتها، معرضا عنها، غافلا عنها بما سواها، حتى لا يكون ظالما لها.

إن معرفة الزوج بحيض زوجته و طهرها، يستند إلى دنوه منها و مجالسته إياها و محاورته لها، و تفقد أمرها، و إلاّ كيف يعرف حيضها و طهرها ؟ و هي من أخص حالات المرأة.

كما لا ينبغي أن يكون الزوج في الطلاق مجازفا، بل يتروى حتى يعلم ما يجوز له مما لا يجوز، فيصدر عنه الطلاق إن كان لابد منه بعد تفكير و ترو.

سبحان الله كيف تربي أحكام الله تعالى الأزواج على حسن المعاشرة فيما بينهم، و الاهتمام بمن نعاشره من كل الجوانب، سواء كانت مادية أو معنوية، و الإخلال بأي جانب يهدم هذه العشرة ، فتصير مع الوقت و الإصرار و اللامبالاة مضرّة، نعوذ بالله من الضرر و الضرار.

Read 1531 times Last modified on Wednesday, 31 May 2017 08:23