قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الجمعة, 04 شباط/فبراير 2022 09:51

جذور النزعة الفردانية.. و بوادر الانتشار في المجتمعات العربية

كتبه  الأستاذ عبد الصمد حدوش
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فطرة الانتماء الجماعي متجذرة في الإنسان؛ أي أنه بطبعه ميَّالٌ إلى التعصب لجماعة من الناس، تجمعه بهم فكرة أو دين أو أيديولوجيا أو أهداف معينة. و هذا مُلاحظٌ جدًا في التراث الأدبي للعرب، فإن أشعارهم المأثورة مليئة بالفخر بانتماءاتهم، و التفاخر بقبائلهم، و التعصب لها تعصبًا يصل حد التطرف أحيانا، و ذلك كقول قائلهم:

و هل أنا إلا من غزية إن غوت * غويتُ، و إن ترشد غزية أرشدِ!

فكانوا على ذلك حتى بعث الله فيهم نبيه -صلى الله عليه و سلم-، فهذب عصبيتهم و وجه حميتهم نحو الدين الحق.

طبعًا لم يكن هذا قاصرًا على العرب و المسلمين فحسب، بل كان أبناء كل أمة يفتخرون بانتماءاتهم  و يتعصبون لأقوامهم و يتغنون بأمجادهم، و يعملون لإعلاء مكانة أممهم. لكن مع تطور الزمن تضاءلت هذه الروح الانتمائية شيئًا فشيئًا، و ظلت جذوتها تخبو رويدًا رويدًا حتى بلغنا في عصرنا الحالي من تفكك الروابط الاجتماعية، و الانفصال عن قضايا الأمة و الوطن، و الانكفاء على الشؤون الشخصية درجةً لم تصلها البشرية طيلة تاريخها، سمي هذا التفكك فيما بعد بـ”النزعة الفردانية”.

الفردانية.. باختصار

أصل الفردانية بمعناها الذي نحن بصدده الآن آتٍ من الترجمة عن الإنجليزية لكلمة “individualism”؛ المشتقة بدورها من كلمة “individual” التي تعني الفرد. و هي باختصار تعني الرؤية الاجتماعية التي تعلي من قيمة الفرد المعنوية، و تجعل أهدافه و رغباته، بل شهواته و نزواته، في مكانة أعلى من أفكار مجتمعه و قضايا أمته. و عليه فإنها تعتبر أيَّ إلزامٍ للفرد بمسؤوليات و واجبات نحو القضايا الاجتماعية الكبرى، انتهاكًا لخصوصيته و تقييدًا لحريته.

و يحسُنُ التنبيه هنا إلى ضرورة التفريق بين الفردانية كفلسفة اجتماعية، و رؤية كونية تسعى إلى تحويل أفراد المجتمع إلى عناصر منفصلة عن بعضها، لا يربط بينها رابط أو أيديولوجيا، و هو ما يشبه “نظام كبسولات رائدي الفضاء” كما سماها عالم الاجتماع جيل ليبوفتسكي (1) ، و بين أصل أحقية الإنسان بالتمتع بمساحة خاصة حسيا و معنويا، و التي قد يصطلح عليها أحيانا بمصطلح الفردانية كذلك.

روافد النزعة الفردانية

فشل الأيديولوجيات الكبرى في تقديم الخلاص للإنسان

إثر الصراع الفكري الذي دام زمنًا طويلًا في الغرب، بين الكنيسة و تصوراتها من جهة، و بين الفلاسفة و العلماء الطبيعيين من جهة أخرى، خرج الإنسان الغربي من مظلة الدين شيئًا فشيئًا، و تطلع للفردوس الأرضي الذي وعد العلماء بأنهم سيصنعونه بواسطة العلم، و الذي سيحقق أعلى درجات الرفاهية له.

لكن هذه الآمالَ الوردية ما لبثت أن تكسرت على صخرة الحربين العالميتين، اللتين شكلتا أكثر الكوارث مأساويةً في تاريخ البشرية، و بالتالي كانت الصدمة الكبرى للحالِمين بالفردوس الأرضي. و أمام هذه الإخفاقات المتكررة و التقلبات الفكرية المتنوعة التي شهدها العالم الغربي، بدأ الناس يفقدون الثقة فكريًّا و سياسيًّا و دينيًّا، و يشكون في قدرتها على حل مشاكلهم و تقديم الترياق لأدوائهم الاجتماعية. 

فـ”الأفكار القومية كانت وراء اشتعال الحربين العالميتين اللتين حصدتا أرواح عشرات الملايين، و الشيوعية كانت سجنًا للإنسان عندما طُبقتْ، و الرأسمالية شجعت على الاستغلال، و التجارب الدينية كانت في أكثرها مخيفةً، كل هذه المآسي دفعت الإنسان للثقة في ذاته دون غيرها”. (2)

ثم استمرت الرغبة في التحرر من الروابط الجماعية في التزايد؛ لتنتقل من عدم الاهتمام بالقضايا المجتمعية الكبرى إلى التخلي عن الروابط الأسرية و التهرب منها، و من ثم كان العزوف الكبير عن الزواج، و رمي الآباء كبار السن في دور العجزة.

المغالاة في مفهوم الحرية

على الطرف النقيض من الشمولية، التي تنصّ على ضرورة تذويب الفرد في المجتمع، مع عدم السماح له بامتلاك أي مساحة خاصة، نجد الليبرالية تدعو إلى الفردانية كقيمة مركزية، و تجعل الفرد بأهوائه و رغباته مقدمًا على المجتمع بقيمه و أعرافه، باعتبار أن هذا الانتماء الاجتماعي قد تم فرضه على الإنسان عن طريق الحتمية الجغرافية، و من ثم فإن أي إلزام بمقتضيات هذا الانتماء لا يعتمد على أسس موضوعية. (3)

و هذا المبدأ كما هو ظاهر لا يهتم بما هو صواب و ما هو خطأ، إما من جهة عدم الاكتراث، و إما من جهة إنكار وجود حقيقة أصلًا، و هذا أحد أهم مخرجات ما بعد الحداثة، و من هنا نجد أن شعار الفردانية: أن يعيش الإنسان كما يريد، لا كما يجب عليه.

نسبية الحقيقة

إذا كانت الحقيقة نسبيةً، و لا أحد يملك الصواب، و لا حق لأحد في تخطئة غيره؛ فإن الانتماء لمنظومة فكرية معينة (أمة من الأمم) يكون حينئذٍ بلا معنى، و يكون في نظر الإنسان الحديث تقييدًا للحرية و إلزامًا بشيء لا يستحق أن يتم إلزام الناس به.
و عليه، فإن النِّسبَوِيَّة و السيولة المعرفية، تشكلان بعض أهم روافد النزعة الفردانية؛ لأنهما تعززان في الإنسان التمرد على كل دين أو مذهب، و من ثم انكبابه على ذاته و انفصاله عن مجتمعه، الذي لم يعد يرى له حقًا عليه أو رابطًا يربطه به.

الثورة التكنولوجية والعالم الافتراضي

في حديثنا عن العوامل المساهمة في تنامي النزعة الفردانية، لا يمكننا أن نغفل دور الثورة التكنولوجية و طغيان المواقع الافتراضية على الإنترنت؛ إذ صار الناس -خصوصًا الشباب- يعيشون معظم يومهم في هذه المواقع، و يشكلون أغلب علاقاتهم داخلها، و بالتالي نجد الإنسان عندما يعود إلى حياته الواقعية مصابًا بنوع من “التخمة” العاطفية؛ إذ إن الإشباع الاجتماعي الذي يحتاجه قد تم تحصيله داخل مواقع التواصل، و بالتالي يزهد في العلاقات الأسرية و الاجتماعية. 

بل إن الأمر قد وصل إلى أن الإنسان صار يحصل على انتماءات أيديولوجية و فكرية داخل مواقع التواصل، و بات بإمكانه الانضمام إلى تكتلات افتراضية، تبعده شيئًا فشيئًا عن الانتماء الحقيقي للأمة، و تجعله منعزلًا عن قضاياها و همومها.

طبعًا لا يفوتنا هنا أن نشير إلى نقطة محورية: ماذا عن استخدام مواقع التواصل من أجل تقوية أواصر الانتماء للأمة؟ و من أجل متابعة مستجداتها و التفاعل مع نوازلها، الواقع أن هذا الشكل من الانتماء كثيرًا ما يصير مبالغًا فيه، حتى يصدق عليه المثل الشهير: إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده! حيث إن الانغماس في مواقع التواصل من أجل متابعة قضايا الأمة، يشغل عن العمل الحقيقي لنصرتها، من ذلك مثلًا إصلاح النفس و تزكيتها، و طلب العلوم المختلفة، و قد فصل إبراهيم السكران هذه النقطة في كتاب “الماجريات”، يُرجع إليه للاستزادة.

آثار النزعة الفردانية

استعرضنا فيما سبق من المقال لمحات عن نشأة النزعة الفردانية، و عن العوامل التي سرَّعت انتشارها و رسختها في وعي المجتمعات الحديثة، و بالنظر إلى حالة العولمة التي يعيشها العالم اليوم، فقد انتشرت تلك النزعة في كل المجتمعات تقريبًا، على درجات متفاوتة، و تراوحت آثارها بين ضعف الانتماء لقضايا الأمة أو الانسلاخ منه كليًّا، هذا على المستوى الفكري.

أما على مستوى العلاقات الاجتماعية، فقد انتشر بشكل خطير العزوف عن الزواج، و احتقار مؤسسة الأسرة، يقول جيل ليبوفتسكي واصفًا هذا التفكك الاجتماعي و الفكري: “من لا يزال يؤمن بالعمل حينما نعرف نسب الغياب و الدوران الوظيفي، و عندما نرى تزايد الحماسة للعطل و عطل نهاية الأسبوع و أنشطة الترفيه، و حينما تصبح الإحالة على التقاعد تطلُّعًا جماهيريًّا، بل مثلًا أعلى؟ و من لا يزال يؤمن بالأسرة عندما نرى تزايد نسب الطلاق، و إرسال المسنين لدار العجزة، و عندما يرغب الآباء في البقاء “شبابًا”، و يلجؤون إلى المختصين النفسيين، و عندما تصبح الزيجات “حرة”، و حينما يصبح الإجهاض و منع الحمل و التعقيم أمورًا مُشرعنةً بقوة القانون؟ و من لا يزال يؤمن بالجيش عندما توظف جميع الوسائل في سبيل إصلاحه، و حينما لا يعود التهرب من الخدمة العسكرية عارًا؟ و من لا يزال يؤمن بفضائل الجهد و الادخار و الضمير المهني والسلطة والعقوبات؟”. (4) 

و لا يفوتنا أيضًا أن نذكر ما تشهده الأمة حاليًّا من التجاهل التام لقضاياها من طرف أبنائها و بناتها من جيل الشباب، حتى صار أقصى طموحات الشاب هو الحصول على الوظيفة و تحقيق الأهداف الشخصية، خصوصًا مع انتشار خطابات التنمية الذاتية، و ترسيخها لمفاهيم “الإيمان بالذات” و”تحقيق الذات”، حتى صار الشباب يحيون بمبدأ “عاش ليموت” كما سماه الدكتور سامي عامري في إحدى تدويناته على “فيسبوك”.

و قد عبر جون ألترمان عن هذا الواقع قائلًا: (6)

ظاهرة الفردانية تتسارع في الشرق الأوسط، فالأجيال الصغيرة لم تعد مقيدةً بالروابط الاجتماعية التقليدية، هؤلاء يتجهون نحو تنظيم اجتماعي ذَرِّيّ، فالشباب أكثر قابليةً للتنقل، و العائلات مفككة بطريقة أكثر مما كانت عليه من قبل.

الرابط : https://tipyan.com/the-roots-of-individualism

قراءة 644 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 09 شباط/فبراير 2022 16:42

أضف تعليق


كود امني
تحديث