قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 17 آب/أغسطس 2021 11:00

مشهد الطاقة النووية بعد مرور عشر سنوات على كارثة فوكوشيما

كتبه  أديتي فيرما، وعلى أحمد، وفرانشيسكا جيوفانيني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في  شهر مارس الماضي، عَبَرَتْ بنا الذكرى العاشرة لكارثة محطة "فوكوشيما دايتشي" النووية في اليابان، التي تسبَّب فيها زلزال عنيف، و ما تبعه من موجات تسونامي العاتية، فيما يُعَد أسوأ حادث نووي بعد كارثة تشرنوبل في عام 1986.

وقع الحادث في وقتٍ كانت تتجدَّد فيه الآمال، و يسوده تفاؤلٌ سابقٌ لأوانه بشأن موجةٍ جديدة من تقنيات الطاقة النووية، و الدور الذي يمكن أن تؤديه في تشكيل ملامح مستقبل تنخفض فيه انبعاثات الكربون. و قد أسفر الحادث عن تقليص الإنفاق على تلك الصناعة، وسط تجدُّد المخاوف من الثغرات التقنية و المؤسسية و الثقافية التي تعتري البنى التحتية النووية، و إمكانية وقوع أخطاء بشرية عند تصميم تلك النظم المعقدة، و إدارتها، و تشغيلها.

و الآن، بعد مرور عقدٍ من الزمان على تلك الكارثة، لا تزال هذه التساؤلات الجادة عالقة، حتى مع احتدام أزمة المناخ أكثر من أي وقت مضى.

يصف الكثيرُ من الأكاديميين الطاقة النووية بأنها خيارٌ حتمي، في ظل الحاجة الملحَّة إلى الحد من ظاهرة الاحترار العالمي1. و هناك آخرون يتخذون موقفًا أكثر تحفظًا من الطاقة النووية، أو لا يزالون معارضين لها نظرًا للمخاوف البيئية و الاجتماعية2 فقد أقرَّت "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ"، في تقريرها الصادر في عام 2018 بشأن الاحترار العالمي، بالدور الذي يمكن أن تؤديه الطاقة النووية في الحدِّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، غير أنها سلَّطت الضوء في الوقت ذاته على الدور الحاسم الذي سيلعبه القبول الجماهيري في تعزيز الاستثمارات المخصَّصة لهذا المجال، أو تحويلها إلى مجالات أخرى.

كثيرًا ما يُنظَر إلى مسألتَي السلامة و التكلفة بوصفهما التحديين الرئيسين أمام قطاع الطاقة النووية. صحيحٌ أن التقنيات الجديدة تتصدى لهاتين المسألتين، لكن المفاعلات المبنية استنادًا إلى تلك التقنيات قد لا تدخل حيز الانتفاع التجاري حتى منتصف القرن الحالي. فقد يؤدي بها هذا الإطار الزمني إلى أن تصبح مُتقادمة، مع تزايد هيمنة التقنيات المنافسة، مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح (إضافةً إلى وسائل تخزينها)3.

و من وجهة نظرنا، نرى أن ثمة مشكلة أكبر تلوح في الأفق، تتمثل في النُهُج الغامضة و الجائرة، القائمة على المصلحة الذاتية، و التي سلكها قطاع الطاقة النووية لأمدٍ طويل في تطوير التقنيات و صنع القرارات. و من ثمَّ، يجب أن يُطرَح سؤالان حاسمان بشأن مستقبل الطاقة النووية، أولهما: هل سيكون بمقدور هذه الصناعة التغلب على الاستهجان الذي تتعرَّض له من الرأي العام في يوم من الأيام؟ و ثانيًا: هل المكاسب التي ستتحقق جديرةٌ بالمخاطر و التكاليف التي سيتكبدها البشر و البيئة على السواء؟

يتعين على القائمين على هذه الصناعة أن يجيبوا عن هذين السؤالين إذا ما أرادوا المضي قدمًا في هذا المجال. و هذا سيتطلب تحوُّلًا جوهريًا في المواقف و وجهات النظر نحو قطاع أكثر شمولًا، و مسؤولية، و استشرافًا للمستقبل.

كيف وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم؟

في خمسينيات و ستينيات القرن العشرين، بدا وقف انتشار الطاقة النووية أمرًا مُستبعدًا، إلى الحد الذي جعل واضعي السياسات و المطوِّرين يتنبؤون بأنها ستصبح "زهيدة التكلفة، حتى أن قياس استهلاكها لن يُفيد في شيء". إلا أن عقدي الثمانينيات و التسعينيات من القرن العشرين شهدا انخفاضًا حادًا في الاستثمارات الموجَّهة إلى هذه الصناعة. فقد شهدَتْ فترة ركود، بسبب تصاعد المواقف المناهضة للطاقة النووية، و التي تأججت بفعل حادثتي جزيرة ثري مايل (في عام 1979) و تشرنوبل، فضلًا عن ارتفاع تكاليف التشييد، و تراجع الدعم الحكومي.

و قد ذهبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في توقعاتها التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، إلى أن الطاقة النووية قد تضطلع بإنتاج 430 جيجاواط من الكهرباء، أي قرابة 12% من القدرة العالمية على توليد الكهرباء، بحلول عام 1990، و740-1,075 جيجاواط من الكهرباء، أي نحو 15% من قدرة توليد الكهرباء، بحلول عام 2000 (المرجع 4). و على أرض الواقع، لم يبلغ إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية بحلول عام 1999 سوى ثلث الإنتاج المتوقع تقريبًا، إذ وصل إلى 308.6 جيجاواط من الكهرباء5 و مع ذلك، ففي أواخر تسعينيات القرن ذاته، بدأت التوقعات العالمية بحدوث نهضة نووية تنتعش من جديد. و بحلول عام 2010، اتخذت أعمال التشييد منحنى الصعود مجددًا.

ثم حلَّت كارثةُ فوكوشيما! أدى هذا الحادث - جنبًا إلى جنب مع مجموعة عوامل اقتصادية و سياسية أخرى - إلى تفكيك المجمَّعات الصناعية القائمة على الطاقة النووية في العديد من البلدان. فقد صوَّت البرلمان الألماني بالموافقة على التخلص التدريجي من الطاقة النووية، بحيث تُطوى صفحتها تمامًا بحلول العام 2022، و قد جاء هذا التصويت بعد مرور أربعة أشهر على الكارثة التي حلَّت بالمُفاعل. و سار مجلس الوزراء السويسري على النهج نفسه، إذ دعا إلى وقف نشاط مفاعلات الطاقة النووية الخمسة في البلاد. و في اليابان، نجد أنه من بين المفاعلات الأربعة و الخمسين التي كانت تعمل وقت وقوع الحادث، تقرَّر إغلاق 12 مفاعلًا بشكلٍ نهائي، و لا يزال 24 مفاعلًا متوقفًا عن العمل (حتى الآن على الأقل)6.

و في الولايات المتحدة، أجرت اللجنة التنظيمية النووية الأمريكية (NRC) مراجعةً على تشغيل محطات الطاقة النووية في أعقاب حادث فوكوشيما. و تمخضت هذه المراجعة عن إبراز العديد من المخاوف المتعلقة بالسلامة، غير أن الولايات المتحدة واصلت التزامها بتبني الطاقة النووية. و ثمة بلدانٌ أخرى استأنفت إنتاج الطاقة النووية، أو اتخذت خطواتها الأولى نحو إنتاجها.

و يجري حاليًا تشييد نحو 50 مفاعلًا للطاقة النووية في 16 بلدًا حول العالم. و تأتي الصين في صدارة هذه البلدان، بعددٍ يصل إلى 16 محطة نووية تحت الإنشاء، تليها الهند و كوريا الجنوبية.  و طبقًا لتقرير عن وضع الصناعة النووية العالمية (WNISR)، الصادر في نهاية شهر فبراير 2021، يوجد 414 مفاعلًا نوويًا عاملًا في 32 بلدًا، و هي تُسهم بنسبة 10.3% من إمدادات الكهرباء العالمية (انظر: go.nature.com/3khsxqj).

و إجمالًا، يمكن القول إن صناعة الطاقة النووية ماضية في طريقها، لكنها تواجه الكثير من العثرات. فعلى سبيل المثال، يسلط تقرير وضع الصناعة النووية العالمية الضوء على الركود الكبير الذي يشهده هذا القطاع في الوقت الراهن.

و في الوقت ذاته، ينظر كثيرون إلى الطاقة النووية باعتبارها جزءًا ضروريًا من حل مشكلة تغيُّر المناخ. و هم يتخذون من تطوير تقنيات جديدة أساسًا لوجهة نظرهم هذه؛ فعلى سبيل المثال، تولِّد مفاعلاتُ الوحدات الصغيرة (SMRs) أقل من 300 ميجاواط من الكهرباء لكل وحدة (ما يكفي لإمداد 200 ألف منزلٍ في الولايات المتحدة بالطاقة). و يقلِّص حجم هذه المفاعلات من احتمالات وقوع الكوارث، و في الوقت ذاته يتيح تقنين التصميم و إمكانية خفض التكلفة.

و في الولايات المتحدة، تقترب بعض مفاعلات الوحدات الصغيرة المبرَّدة بالماء من تحقيق الجدوى التجارية. فقد أصبح التصميم الذي ابتكرته شركة "نوسكيل" NuScale، في مدينة تيجارد بولاية أوريجون الأمريكية، أول تصميم يتلقى تقييم السلامة النهائي في عام 2020؛ و من المُزمع إنشاء أول محطة في ولاية أيداهو بحلول عام 2030. و تعكف شركات أخرى على تصميم جيل جديد (الجيل الرابع) من المفاعلات الأكثر كفاءة و أمانًا، يعتمد أغلبها على مبرداتٍ أخرى غير الماء. و يتعين على هذه المفاعلات أن تقطع شوطًا طويلًا قبل وصولها إلى مرحلة الجدوى التجارية.

المشاركة المجتمعية

ثمة تطوُّرات مثيرة للاهتمام، لكن الجانب الأكبر من الدعم الموجَّه للطاقة النووية يركز على الخصائص الفنية و الاقتصادية على سبيل الحصر تقريبًا، على حساب التعاطي مع الشواغل الأخلاقية و المعنوية العالقة. فكثيرًا ما يَغفل أنصار الطاقة النووية عن أوجه التفاوت في كيفية توزيع المنافع و المخاطر الناجمة عن التقنيات النووية على الأصعدة المحلية و الإقليمية و العالمية. كما أنهم لا يلقون بالًا للذين يُحرَمون من المشاركة في عمليات صنع القرار بشأن المنشآت النووية المزمع تشييدها، و الذين سيطالهم التأثير الأكبر جراء المشكلات الناشئة7.

فعلى سبيل المثال، يأتي قرابة ثلاثة أرباع الإنتاج العالمي الإجمالي من اليورانيوم من مناجم تقع بمجتمعات يقطنها السكان الأصليون أو بالقرب منها، في الولايات المتحدة و أستراليا مثلًا. و هذه المناجم التي تُركت دون معالجة بعد استغلالها أحدثت تسمُّمًا للأراضي و الشعوب، و أثَّرت تأثيرًا بالغًا في سُبل العيش التقليدية (انظر: go.nature.com/37w5be6). بالمثل، ثمة مخاوف تكتنف النفايات النووية، تتعلق بالعدالة و الإنصاف، نظرًا لأن المستودعات طويلة الأجل ستتخذ على الأرجح مواقع بعيدةً عن المجتمعات التي تستفيد عادةً من توليد الكهرباء من الطاقة النووية. و كثيرًا ما يعلِّق القائمون على صناعة الطاقة النووية بأن هناك حلولًا فنية معروفة لمشكلة تخزين النفايات. أما على أرض الواقع، فلا تزال الأماكن المعينة التي ينبغي أن تُدفن فيها النفايات و كيفية تنفيذ ذلك محلَّ خلاف كبير.

و في تناقضٍ صارخ، نجد أن "الصفقات الجديدة الخضراء"، المقترحة في العديد من البلدان، تطمح بشكلٍ واضح و صريح إلى إعادة توزيع الثروة، و العدالة الاجتماعية، و الإنصاف البيئي. و في الولايات المتحدة، و غيرها من البلدان التي طُرحت فيها هذه النقاشات، يتفاوت دعم الرأي العام للطاقة النووية بين مؤيد و معارض.

لقد فشل قطاع الطاقة النووية على نحوٍ متواصل في إشراك الجمهور بشكلٍ جاد في سُبُل التعاطي مع هذه المخاوف. و يمكن تتبُّع هذا الإخفاق بالرجوع إلى الوراء، وصولًا إلى ستينيات و سبعينيات القرن العشرين. ففي توصيف الدراسات النفسية للمخاطر آنذاك، وُصف عامة الناس بأنهم منساقون وراء العواطف، و غير عقلانيين، و يميلون إلى إغفال الاحتمالات في تقييمهم للمخاطر. و طالبت تلك الدراسات القائمين على قطاع الطاقة النووية إما بتقبل آراء الجماهير عن المخاطر، و تصميم منشآتها تبعًا لها، أو بتوعيتهم8.

و قد اختار القائمون على القطاع النووي المسار الثاني، و عادةً ما يحاولون إشراك الجماهير في المراحل النهائية فقط من الإجراءات الرقابية لمحطات الطاقة النووية، و يركِّزون على توعية الرأي العام بالمخاطر من وجهة نظر القطاع ذاته. و هذه معادلة كَمِّيَّة مباشرة، من شأنها أن تفضي إلى مضاعفة احتمالات حدوث الكوارث و العواقب المترتبة عليها. فهي غالبًا ما تتجنب آراء الجماهير، أو تتجاهلها. فكثير من الناس، مثلًا، على استعدادٍ لقبول المخاطر المألوفة، أو التي يختارونها طواعيةً (مثل ركوب الطائرات، أو التدخين، أو قيادة السيارات) بالمقارنة مع المخاطر غير المألوفة لهم، التي لا يملكون التحكم فيها أو السيطرة عليها. و إزاء الأنشطة الجبرية المحفوفة بالمخاطر، يميل أغلب الناس إلى التقليل من أهمية الاحتمالات، و يحتاجون إلى مستوياتٍ أعلى من الأمان و الحماية كي يشعروا بالارتياح.

أفرز هذا النهج المتَّبع من جانب القائمين على قطاع الطاقة النووية - فيما يتصل بالمشاركة المجتمعية - حالةً انقسام عدائي بين الخبراء و عموم الناس. فعلى سبيل المثال، أحدثت كارثة فوكوشيما أثرًا لا سبيل إلى إنكاره في وجدان الجماهير. غير أن القائمين على قطاع الطاقة النووية يسعون دومًا إلى التقليل من جسامة الكارثة، بالتركيز على أنها لم تخلِّف أي خسائر مباشرة في الأرواح. و صحيحٌ أنها لم تُسفر عن وقوع خسائر بشرية مباشرة، إلا أن الاضطرابات التي ألقَتْ بتبعاتها على الأوضاع الاقتصادية للأفراد، و ما حدث من انفصام للأواصر الاجتماعية، فضلًا عن الأضرار غير القابلة للإصلاح التي لحقت بالنظم الإيكولوجية – كل هذه تداعيات جسيمة، لا يمكن غض الطرف عنها. فبحسب التقديرات، أدت الكارثة إلى نزوح 165 ألف شخص، و بعد مرور عقدٍ من الزمان، لا يزال نحو 43 ألف شخصٍ غير قادرين على العودة إلى مواطنهم9 و ترصد تقييمات مخاطر هذه الصناعة الآثار الاقتصادية لهذه المشكلات و ما شابهها، و لكنها لا ترصد عادةً الأضرار الأخرى التي تلحق بالبيئة، و بسُبُل العيش؛ بالنظر إلى أن تلك الأضرار يصعب قياسها كميًا.

لذا، ثمة حاجةٌ ملحة إلى إشراك الجماهير مشاركة حقيقية، تهدف إلى الإنصات لآرائهم، و ليس مجرد إقناعهم بوجهات نظر القطاع، بشأن قضايا تبدأ من استخراج اليورانيوم، وصولًا إلى كيفية التعامل مع النفايات النووية.

مسارات متباينة

لا شك في أن إشكاليات الأعباء البيئية و الاجتماعية غير المتكافئة ليست حِكرًا على صناعة الطاقة النووية. فاستخراج الليثيوم، على سبيل المثال، لاستخدامه في تقنيات الطاقة المتجددة، و إعادة تدوير الإلكترونيات، يطرح الإشكاليات نفسها. و لكن أداء القطاعات الأخرى كان أفضل من ناحية إشراك الرأي العام في صنع السياسات. فالتحوُّل نحو التصاميم المعنية بالإنسان جارية على قدمٍ و ساقٍ منذ أمدٍ بعيد في مجالات هندسية أخرى10 و قد رأينا كيف انصبَّ تركيز مطوِّري الألواح الشمسية على الاحتياجات الفعلية للمستخدم النهائي. و أثمرت هذه النقاشات ألواحًا شبه شفافة، يستطيع المزارعون زراعة المحاصيل أسفلها، و هو ما فتح الآفاق أمام مجال جديد من "الزراعة بالألواح الضوئية".

يواجه قطاع الطاقة النووية عقبةً من نوعٍ خاص، تعترض سبيل تعزيز الطابع الديمقراطي في تقنياتها. فالمفاعلات النووية الكبيرة لا تلائم أنماط المِلكية التي يتبناها المجتمع المحلي، و التي تهدف إلى تطوير بعض مصادر الطاقة المتجددة. و مع ذلك، ثمة أماراتٌ على ظهور نمطٍ في التفكير أكثر إبداعًا؛ فعلى سبيل المثال، يعكف المركز الوطني الأمريكي للابتكار في مجال المفاعلات (NRIC)، الذي انطلق في عام 2019، على دراسة نظرة المجتمعات المحلية التي قد تستضيف المفاعلات المتطوِّرة إلى ما يكتنفها من مخاطر.

و تطرح أجيالُ المصمِّمين الأحدث عهدًا – و منها الشركات الناشئة، التي يموِّلها مكتب الطاقة النووية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية – تساؤلاتٍ حول أنواع المفاعلات التي قد يُؤيدها الرأي العام. و بأخذ حادث محطة الطاقة النووية في فوكوشيما بعين الاعتبار، فقد دفعت هذه التساؤلاتُ المصمِّمين إلى تبنِّي أفكار أكثر إبداعًا، و إيلاء اهتمامٍ أكبر إلى النوعية فيما يتصل بمسألتَي الأمان و المخاطر11. بل يزعم بعض المصمِّمين أنهم تمكنوا من ابتكار مفاعلات من المُستبعد أن تتعرض لحوادث الانصهار الانهياري، أو إطلاقها كمياتٍ كبيرة من الإشعاع.

نحن لا نُطالب بمشاركة عموم الناس في تصميم المفاعلات النووية؛ و لكنَّ آراءهم حول المخاطر المترتبة على المفاعلات – تلك الآراء التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار في مرحلة مبكرة من عملية التصميم – ينبغي أن تستند إليها الاختيارات المتعلقة بنُظُم أمان المفاعلات، و إجراءات التخطيط في حالات الطوارئ، و دور الارتجال و التدخل البشري في النظم المعقدة. و بطبيعة الحال، يجب أن يكون للجماهير دور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديد مواقع المفاعلات الجديدة، و النُهُج المتَّبعة في هذا الصدد، حال وجودها.

نحو مستقبل أكثر شمولًا

إن الغياب المستمر للمشاركة الفعَّالة من جانب الجماهير في الماضي أدى إلى ما يُطلق عليه "الاستئثار التنظيمي"، و هو استمالة الجماعات المعنية بالحوكمة من أجل إعلاء مصالح صناعة الطاقة النووية. و يشيع اعتقادٌ خاطئ مفاده أن هذه الممارسة لا تحدث سوى في البلدان النامية؛ و لكن الأمر ليس كذلك، فهذه الممارسة تتواجد في معظم البلدان بدرجات متفاوتة، تزيد أو تنقص.

فعلى سبيل المثال، ينظر الكثيرون إلى هيمنة قطاع الطاقة النووية على هيئة السلامة النووية اليابانية آنذاك على أنها كانت السبب الكامن وراء وقوع حادث فوكوشيما12 و حتى في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كثيرًا ما ينظر إليها أرباب هذه الصناعة على أنها نموذج قياسي، فإن الجهة الخاصة التي تولَّت وضع الخطة الإماراتية الاستراتيجية للطاقة النووية التجارية هي ذاتها الجهة الاستشارية لهيئة الرقابة النووية بالبلاد؛ ما يُشير إلى تضاربٍ واضح في المصالح.

و تسعى بعض البلدان التي تتكئ على خبرة ممتدة في مجال الطاقة النووية، مثل الولايات المتحدة و الصين و روسيا، إلى إرساء دعائمها كمزودٍ عالمي للتقنيات النووية. و ينبغي التعامل بحذرٍ مع المساعي الرامية إلى تدشين برامج نووية في بلدانٍ تعاني ضعفًا في الحوكمة، مثل نيجيريا و فيتنام و المملكة العربية السعودية. إننا لا ننازع هذه البلدان حقها في تطوير الطاقة النووية، و لكننا نبحث مسألة ما إذا كانت على استعدادٍ لذلك أم لا. فالجهات التي تؤيد استحداث الطاقة النووية في تلك البلدان يتعين عليها أن تقدِّم الدعم في صورة بناء للمؤسسات، و ليس مجرد عقود لمبيعات التكنولوجيا. و من المؤسف أن التمكين الرقابي لا يحظى بقدرٍ وافٍ من الاهتمام أو الموارد.

في كثير من الحالات حول العالم، تُتخذ القرارات المتعلقة بتأسيس البرامج النووية من جانب مجموعة صغيرة من النخبة السياسية، دون إجراء أي تقييمٍ حقيقي للاحتياجات، أو فهمٍ لوضع الطاقة النووية ضمن سياق سياسة الطاقة الوطنية الأوسع نطاقًا، أو اعتبارٍ لرأي الجماهير في التكنولوجيا و مخاطرها. و عادةً ما تنظر الشركات إلى البلدان الجديدة التي ترغب في اقتناء تقنيات الطاقة النووية على أنها لا تملك سوى نزر يسير من المعرفة، أو الاهتمام بعملية تصميم هذه التقنيات و تطويرها. و من ثمَّ، يبدو أن التوسُّع في تنفيذ مشاريع الطاقة النووية أمرٌ مُدبرٌ و مدفوعٌ برغبة المنتسبين إلى هذه الصناعة في جني الأرباح، و الهيمنة على الأسواق، لا لأنها مكوِّنٌ عضوي من مكونات استجابةٍ جماعية لحلِّ مشكلة مجتمعية، مثل تغيُّر المناخ.

فإذا كنا نريد أن تؤدي الطاقة النووية دورًا مؤثرًا في الحد من انبعاثات الكربون، فلا بد من إفساح المجال أمام وجهات النظر التي ظلت مهمَّشة حتى وقتنا الحالي، و مستبعَدة من عمليات التصميم، و التطوير، و وضع السياسات.

الرابط : https://arabicedition.nature.com/journal/2021/07/d41586-021-00580-4/%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D8%B4%D8%B1-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D9%81%D9%88%D9%83%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%85%D8%A7

References

  1. Goldstein, J. S., Qvist, S. A. & Pinker, S. ‘Nuclear power can save the world’. The New York Times 6 April (2019). | article
  2. Sovacool, B. K. & Ramana, M. V. Sci. Technol. Hum. Values 40, 96–125 (2015). | article
  3. Morgan, M. G., Abdulla, A., Ford, M. J. & Rath, M. Proc. Natl Acad. Sci. USA 115, 7184–7189 (2018). | article
  4. International Atomic Energy Agency. Annual Report (1981); available at go.nature.com/3uxawxd
  5. Nuclear Energy Agency, Nuclear Energy Data 2000; available at go.nature.com/2o1kfjy
  6. Schneider, M. et al. World Nuclear Industry Status Report 2020 (WNISR, 2020).  | article
  7. Turner, K. M., Borja, L. J., Djokić, D., Munk, M. & Verma, A. Bull. Atomic Scientists 24 August (2020); available at go.nature.com/2pc4qah.
  8. Starr, C. Science 165, 1232–1238 (1969). | article
  9. Takamura, N., Orita, M., Yamashita, S. & Inomata, T. ‘Eight years after Fukushima nuclear accident. Community recovery and reconstruction from nuclear and radiological disasters — a case of Kawauchi village and Tomioka town in Fukushima’ (2019); available at go.nature.com/3khqirw.
  10. Costanza-Chock, S. Design Justice: Community-Led Practices to Build the Worlds We Need (MIT Press, 2020).  | article
  11. Verma, A. Epistemologies of safety: a comparative study of contemporary French and American reactor design practices. PhD thesis, Massachusetts Inst. Technol. (2019). | article
  12. Kurokawa, K. & Ninomiya, A. R. ‘Examining regulatory capture: Looking back at the Fukushima nuclear power plant disaster, seven years later’ (2018); available at go.nature.com/3urclwa.
قراءة 854 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 18 آب/أغسطس 2021 12:42

أضف تعليق


كود امني
تحديث