قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Thursday, 08 August 2024 09:22

المسلمون و علوم المعادن

Written by  الأستاذ محمد زغلول عامر
Rate this item
(0 votes)

تعد علوم المعادن ذات منشأ إسلامىٍ صرف. حيث إن تحديد درجة صلابة معدنٍ  أو صلاحيته في صناعةٍ ما، أو حتى استخدامه في أغراضٍ طبيةٍ أو علمية. إنما تم بفضل علمائنا  القدامى، و يمكن القول أيضًا إن القوانين الـ 15 المؤسسة للهندسة الفراغية  تأسست على فهم قواعد علم المعادن، بما يمكن القول معه أن معادلة الصناعة هي نفسها حركة جزيئات المعدن أو “علم هندسة الجزيئات”، و هو المرتكز على تحقيق التوافق بين طبيعة المعدن المنبثقة عن خصائصه الجيولوجية و فيزياء الكم المنبثقة عن حركة جزيئاته المتفقة في تركيبها، و المختلفة في حركاتها.

و يمكن القول أيضًا إن الربط ما بين “الجيولوجيا” و دقائق الحياة البشرية قد تم على أيدي علمائنا القدامى، بمعنى أن الاستفادة من الخصائص المتنوعة للمعادن المختلفة في مجالاتٍ دقيقةٍ كالطب و الكيمياء، و الصناعات التحويلية كتكرير النفط  نجحت جميعها على أيدي علماء المسلمين، الذين استخدموا الرقائق النحاسية الدقيقة الصنع و المطلية بماء الذهب في صناعة آلات الجراحة، و يذكر أن مؤسس علوم الجراحة “الزهراوي” صمم 15 آلة جراحية من النحاس المطلي بالذهب بناءً على فهمه لخصائص النحاس، إذ إنه لتساوي عدد البروتونات و النيوترونات داخل نواة ذرته يعادل بالتالي ضغط الدم، و بالتالي فإن تصميم آلات الجراحة منه  يساعد على معادلة فسيولوجيا الجسم، بما يؤدي لاستقرار حالته العامة خلال إجراء الجراحة، و هو ما يفسر نصح أطباء فرنسيين منذ عدة أعوام بتكثيف جرعات سوليفات النحاس لمرضى القلب الذين ستجرى لهم جراحات القلب المفتوح، لأن سوليفات النحاس تساعد على معادلة فسيولوجيا الجسم خلال إجراء الجراحات، كما و ثبت حديثًا أن تصنيع الآلات الجراحية من النحاس  يساعد على تليين الشرايين و سهولة فتحها، و هو ما أثبته أطباء أمريكيون في سبعينيات القرن الماضى بالموافقة لما قال به “الزهراوي” قبل اثني عشر قرنًا. كما و أن تعريف علماء المعادن المسلمين للنحاس على أنه “المعدن المحايد” كان مما ساعد على جعله أساس الصناعات التحويلية في عصرنا الحاضر، و نقصد بتلك الصناعات  مشتقات البترول تحديدًا، حيث إن استخدام نترات النحاس منذ العصر العباسي في تكرير النفط و تقطيره قد ساعد خبراء أمريكيين منذ ثلاثينيات القرن الماضي على استخدام ذلك المركب في تكرير النفط . حيث يعد النحاس العامل الرئيس في فصل تركيبات النفط الخام عن بعضها تمهيدًا لتكريره، بفضل حياديته التي تعادل عنصري الكربون و الهيدروجين المكونين الرئيسين للنفط الخام و فصلهما عن بعضهما.

البيروني فيصل المعادن 

اكتشف ” البيروني” أن المعادن الثمينة تختلط في أحايين كثيرة بتركيبات النحاس، و بما أنه  كان المكتشف و المحدد الأول لخصائص “الزبرجد”، و”العقيق”، فإنه اكتشف أيضًا تلبس تلك الأحجار الكريمة حال استخراجها بأتربة النحاس، و الذي حفظ الخصائص التي جعلت من هذين المعدنين أحجارًا كريمة، حيث إن اعتبار الحجر الكريم إنما يقوم على الصلابة و الشفافية في آنٍ واحد، كما و أن “البيروني” قد توصل لسر التلازم بين اختلاط ترسيبات النحاس بتلك المعادن الثمينة، و الذي لم يكن سوى تماثل العدد الكتلي للنحاس مع العدد الكتلي لكلٍ من الزبرجد و العقيق، و هما الحجران الكريمان اللذان يعدان أغلى المعادن الكريمة و أندرها وجودًا. و اللذان اكتشف علماء أمريكان منذ عدة أعوام تأثيراتهما الكبيرة على انضباط ضغط الدم لمن يتقلد أحدهما، بفعل تنظيمهما المذهل للطاقة الكهرومغناطيسية داخل الجسم  بفعل الحساسية الشديدة لكليهما.

و انفرد علماء المسلمين أيضًا باكتشاف أكثر من 15 معدنًا مختلفًا، و أيضًا تحديد خصائصها  و جدواها الاقتصادية. و من هذه المعادن: الكوبالت، و الذي اكتشفه تلميذ للـ “بيروني” و يدعى “محمود ابن حسين الغزنوي”، و استخدم الكوبالت على ذلك في صناعة سبيكة بالغة الصلابة جرى استخدامها منذ 1000 عام في صناعة “قاذفات اللهب”، و هي الشكل الأول للمدفع، و كان مسلموا الأندلس أيام الموحدين قد استخدموا تلك القاذفات بنجاح لصد هجمات فرنجة الشمال الإسبانى المستمرة ضد معاقل المسلمين هناك. و كان استخدام الكوبالت في صناعة سبيكة “القاذف” يرجع إلى تحديد خصائصه، حيث إنه يستطيع احتمال درجات الحرارة العالية، إضافةً لتماثل عدده الكتلي مع العدد الكتلي للحديد (235)، و كانت إضافة الكوبالت للحديد و النحاس في تلك السبيكة تدعيمًا لصلابتها و تسهيلاً لتشكيل تلك الآلة، التي أخذت الشكل الأسطواني كالمدفع. 

و اكتشف المسلمون أيضًا أملاح الفوسفور و اليوريا المتعددى الاستخدامات، و اللذان لايخلوا مكون تصنيعي في البتروكيمياويات حاليًا منهما. و كان اكتشافهما الأول في جزيرة صقلية الإيطالية على يد أحد تلامذة “أبي الوليد ابن رشد”، الذي اكتشف تلك الترسيبات الملحية في جبال “بالرمو” عاصمة صقلية، و اكتشف أن الفوسفور ذا خاصيةٍ مذيبةٍ لترسيبات الأسيد و الأوكسيجين المسببة للصدأ، و صنع طلاء لقضبان الحديد من ملح الفوسفور الخام هذا مضافًا إليه ملح أوكسيد الحديد الأحمر، بما أدى لإطالة عمر القضبان الحديدية و تنوع استخداماتها. 

فكرة وادي السيليكون

أصل علماء المسلمين لـ “علم المعادن” في الإطار الذي تعرفه الحضارة الأوربية حاليًا. و ذلك باكتشافهم أغلب المعادن المعروفة لنا الآن، و كان اكتشافهم لخصائص تلك المعادن رافدًا بحثيًّا كبيرًا لعلوم الكيمياء، و التي صارت مع “علم المعادن” أساس الثورة الصناعية الأوربية فيما بعد، والتي ابتدأت بتركيب “جيمس وات” الإنجليزى للآلة البخارية عام 1743 م، و وصلت حاليًا لدمج 70 معدنًا في سبيكةٍ واحدة تستخدم وحدها في تصنيع ألياف السيليكون الداخلة بدورها في كل صناعات “الهاي تك”، إضافةً لدخولها أيضًا في صناعة منظومة الليزر، و التي تعني الأنبوبة التي ينطلق منها شعاع الليزر عبر هدفه، و هي تلك المنظومة / الأنبوبة التي تتكون من سبيكة السيليكون، و التي تحوي تلك الـ 70 معدنًا المسبوكين مع بعضهم، و هي تلك المعادن التي اكتشف علماء المسلمين القدامى 55 منها، نذكر منها القصدير و المنجنيز و الياقوت، و الذي يدخل في تصنيع تلك الأنبوبة / المنظومة بنسبة 35.%، و يكفي علماؤنا القدامى الأفذاذ من فضلٍ في الوصول أخيرًا لتصميم تلك السبيكة السليكونية أنهم اكتشفوا أن الياقوت مخزن حرارة فطري و منظم أيضًا لإطلاقها، بمعنى أنه إذا وضعت قطعة منه تزن 6 جرامات في ضوء شمس الصيف لمدة 15 دقيقة، فإن درجة حرارتها تصبح 650 درجة مئوية، أي إن لها قدرة هائلة على خزن الحرارة، و هو ما أفاد في تصنيع سبيكة السيليكون، حيث إن تلك الخاصية في الياقوت تجعله قادرًا على احتمال الحرارة الهائلة المنبعثة من انطلاق أشعة الليزر من تلك الأنبوبة، و التي تزيد على ألفي درجة مئوية، ثم إن سبيكة السيليكون –بفضل كمية الياقوت الضئيلة الداخلة في تركيبها – تبرد لحظيًّا بفضل الياقوت، الذي يملك عددًا كتليًّا هو الأعلى من بين كل المعادن “1582”، بمعنى أنه يفقد الحرارة بسرعة كبيرة تعادل سرعة اكتسابه لها، و يسجل هذا الكشف للعالم المسلم في القرن السابع الهجرى “زين الدين محمد الغزنوي الحنفي“.

مستقبل المعادن

و ينبغى التنويه بتعلق علوم المعادن بكافة العلوم الهندسية من حسابٍ للمثلثات و هندسة فراغية، و هما العلمان التطبيقيان الأكثر تعلقًا بصناعات الهاي تك في عصرنا، و لولا خصائص المعادن و كيفيات تشغيلها لما تعاظمت الحاجة للعلوم و القوانين الرياضية المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الرقمية في أيامنا، لأن تلك التكنولوجيا تقوم على توظيف القوانين الـ 15 المؤسسة لعلم الهندسة الفراغية في تقطيع و تشكيل الشرائح الإلكترونية المصنوعة غالبًا من التيتانيوم أو النحاس، بما يعد أساسًا لتعاظم قيمة علوم المعادن في عصرنا، و هو عصر الطاقة الكهرومغناطيسية بامتياز، حيث ثبت لعلماء المايكروويف أخيرًا أن الكهرومغناطيسية هي صمام أمان الطاقة  في المستقبل، ليس لأنها مجرد طاقة متجددة، و لكن لأن فهم الخصائص المختلفة للمعادن الحساسة تم بالتبحر في علوم المعادن، و حيث إن أغلب الصناعات في العالم حاليًا تعتمد على أجهزة الذكاء الاصطناعى التي تعتمد تشغيل التيتانيوم و النحاس اعتمادًا على فهم خصائصهما، فإن المايكروويف بأشكاله المختلفة، و التي تتعدد بين أفران تسخين الطعام و صناعة أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، تعتمد أيضًا على فهم خصائص المعادن المختلفة الداخلة في “صناعات المايكروويف”، التي تتفرع لأكثر من 180 صناعة مختلفة. و ينتظر أن يدخل المايكروويف في صناعة الخشب الحبيبي السهل التقطيع و الطلاء، حيث إنه في مراحل تصنيعه من لحاء أشجار متوفرة كالصفصاف و السنط يحتاج للضغط و المعالجة بالطاقة الحرارية العالية لـ “تكنولوجيا المايكروويف”، و التي نشأت من فهم خصاص المعادن الداخلة في تصنيع أفران و أسطوانات المايكروويف، كالحديد و القصدير و الكوبالت، و هو ما يبشر بتحقيق اكتفاء ذاتي من الخشب للدول الفقيرة في مواردها منه  كـ”مصر” و دول الخليج.

المراجع : 

الجماهر في أحوال الجواهر – لأبى الريحان البيروني.

كتاب “قانون القوة” لـ سيباستيان مالابي، عن الدور الذي لعبه أصحاب رؤوس الأموال في تشكيل وادي السيليكون و صناعة التكنولوجيا بشكل عام.
الرابط : https://hiragate.com/29691/
Read 498 times Last modified on Saturday, 10 August 2024 09:43

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab