قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 24 آذار/مارس 2024 09:28

صناعة الطفل الإيجابي في الزمن المعاصر

كتبه  الأستاذ محمد الغباشي
قيم الموضوع
(0 أصوات)
 

الإيجابية هي ترياق النجاح، و هي الوصفة الأولى للحركة و النشاط والمبادرة. الإيجابية هي السر الذي لا يخفيه الناجحون لكن لا يراه الفاشلون، و هي الطاقة الداخلية التي تدفع الإنسان نحو العمل و التميز عمن حوله، و هي المحرك الرئيسي للإنجاز، و الشعلة الملهبة للحماس، و البوصلة الموجِّهة نحو إحداثيات الجودة و الارتقاء.

دائمًا ما نسمع عبارة "كن إيجابيًا"، و افعل كذا و لا تكن سلبياً أو اتكالياً، في حين لا يدري الكثيرون معنى أو مفهوم أن يكون الشخص إيجابياً، و كيف يمكن أن يكتسب هذه المهارة، أو يكسبها لأبنائه لاسيما في مرحلة الطفولة..

الإيجابية تحمل في طياتها عدة مفاهيم، فتعريفها الشائع هو القيام من كل عثرة، و مواصلة السير بعد كل فشل، و عدم السماح لليأس بمساس أرواحنا أو للإحباط بالسيطرة على نفوسنا. و هذا معنى جميل و لا شك، إلا أنه لا يروي الظمأ، تشعر أنه تعريف بلاستيكي بلا روح، إلا أن الإيجابية تتجلى في أكبر صورها في استشعار مسؤولية الحركة و التحرك تجاهها كأنه لا يوجد غيرك لينفذ المهمة.. أن تستشعر أنك أنت الذي سينقذ العالم عبر فعلك البسيط الذي قد يراه الآخرون تافهًا..

هدهد و خبَّاز يغيران العالم:

هدهد سيدنا سليمان عليه السلام، أرسله نبي الله في مهمة، لكنه لاحظ أثناء مهمته أن هناك أمة من الأمم تعبد الشمس من دون الله تعالى، فلفت ذلك نظره، فاستهجن فعلهم و خرج من تلقاء نفسه في مهمة جديدة لجمع المعلومات و إعداد تقرير تفصيلي عن هذه الأمة، حمّل نفسه المسؤولية مدفوعاً بكونه جندياً إيجابياً لا يطيق رؤية خطأ يرتكب أمامه و يسكت، ليعطي تقريرًا مفصلاً فيما بعد للنبي سليمان عن هذه الجريمة، فتتحرك الجيوش و تتصاعد الأحداث و تدخل أمة بالكامل في دين الله عز و جل بناءً على إيجابية هذا الهدهد الضعيف: (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَ أُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ لَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَ قَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ يَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَ مَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [النمل: 22-26].

هذا هو معنى الإيجابية الذي نتحدث عنه، أن تستشعر المسؤولية و كأنك الفرد الوحيد في العالم القادر على تنفيذ المهمة، وهذا المعنى هو ما نسعى لترسيخه لدى أبنائنا و شبابنا، في البيت، في المدرسة، في الجامعة، في العمل، في الحياة..

   كلما كان سن الطفل أصغر سهل زرع هذه القيم بداخله، فأبناء الطفولة المبكرة والمتأخرة أيسر ممن يكبرهم من المراهقين في زرع هذه القيمة على وجه التحديد

تعجبت حينما قرأت يومًا كلامًا لأحد الخبازين المتميزين، يقول: "أسعى لتغيير العالم من خلال صنعي للبسكويت!!". تأمل كيف آمن هذا الرجل الإيجابي بمسوؤليته تجاه العالم!! رغم أنك لو سألت: و ماذا سيغير صنع البسكويت في العالم؟! ما قيمة هذا العمل بجوار ما يحدث في العالم من حروب و صراعات و أزمات؟! لو قارنّا فلن نجد قيمة على الإطلاق في الظاهر، و لكن الشخص الإيجابي يرى "تغيير العالم" يبدأ بتغيير عالمه الشخصي أولاً: نفسه، ثم بيته، ثم شارعه، ثم مدينته، ثم مجتمعه، هكذا على الترتيب، فإذا كانت هذه الإيجابية متمكنة من كل شخص في العالم، و كل فرد أدى ما عليه بهذه الروح فسيتغير العالم تلقائيًا بالتأكيد نحو الأفضل.

أهمية الإيجابية في حياتنا:

في هذا الزمان لسنا مطالبين فحسب بأن نكون إيجابيين، بل إننا مجبرون على ذلك في هذا العالم حيث نعيش الآن؛ لقد أصبحت المنافسة شرسة جدًا، و الجميع يتسلح في ظل هذه المنافسة الشرسة بكل ما يستطيع من أسلحة، و إنه من أهم أسلحة هذا العصر الإيجابية و روح المبادرة، على كافة المستويات و في كل المجالات، سواء في العمل أم الدراسة أم حتى حياتنا الاجتماعية و العائلية، فالسلبية قاتلة لكل شيء، قاتلة للتميز و التفوق و حتى للاجتماع الإنساني، فمهما بلغت كفاءة الفرد و إمكاناته إلا أن سلبيته ستقضي عليه. حتى سوق العمل نفسه صار يحتاج لأشخاص إيجابيين يؤمنون بما يفعلون، و لديهم روح المبادرة و الحماس لتطوير الأعمال و المهارات، حتى إن إدارات الموارد البشرية (HR) لم تعد تقتصر في النظر للسير الذاتية على الإمكانات العلمية أو الوظيفية فقط، بل تعدت ذلك في البحث عن شخصيات تتمتع بمهارات أعلى من ذلك بكثير و على رأسها الإيجابية و روح المبادرة في العمل.

كيف نزرع قيم الإيجابية و المبادرة في الأطفال منذ الصغر؟

كلما كان سن الطفل أصغر سهل زرع هذه القيم بداخله، فأبناء الطفولة المبكرة و المتأخرة أيسر ممن يكبرهم من المراهقين في زرع هذه القيمة على وجه التحديد، فالمراهق الذي اعتاد الاتكالية و الكسل منذ نعومة أظفاره، و كان أبواه يقومان مقامه في كافة ميادين حياته، بدءاً من عقد رباط حذائه و انتهاءً بتنظيف غرفته و كتابة فروضه الدراسية بدلاً منه؛ فإن مهمة تغيير هذا الشاب ستكون من أعسر ما يمكن مستقبلاً. لذا نؤكد على ضرورة زرع هذه القيمة مبكرًا لدى الطفل؛ بحيث يعتادها و تكون سجية ذلك و لا تحتاج إلى عناء كبير في تقريرها.

و من أهم وسائل زرع الإيجابية و المبادرة لدى الأطفال:

أولاً: تكليف الطفل بالمهام التي تناسب سنّه، فليست هناك سنّ على الإطلاق لا يكلف فيها الطفل بمهمة بحجة أنه صغير، إلا الرضّع طبعًا، فبمجرد ما يبدأ الطفل يتحرك و يعي و يدرك ما حوله ينبغي على الوالدين أن يكلفوه بأداء مهام مهما كانت تافهة و بسيطة، لكنها تطور أداءه و تزرع بداخله الاعتماد على نفسه و تطرد عنه الاتكالية و الاعتماد على الآخرين. و هنا خطأ كبير يرتكبه الوالدان أحيانًا -و الأمهات على وجه الخصوص بدافع العطف و الرحمة-، و هو تسويف تدريب الطفل على الاعتماد على النفس بحجة سنه الصغيرة، و عدم الرغبة في تحميله أعباءً مرهقة، رحمةً و شفقة به، و يظل يكبر الولد و يكبر حتى تضيع فرصة تدريبه، بينما تترسخ لديه السلبية و الاتكالية، و يصل لمرحلة يتعسر عليه فيها تقديم يد المعونة أيًا كانت للآخرين، أو حتى لنفسه، بل ينتظر فيها أن يخدمه الجميع بحجة أن ذلك حق من حقوقه التي اكتسبها بمجرد وجوده في الحياة.

ثانيًا: توجيه الطفل نحو الفعل و التصرف المبادِر الإيجابي دائمًا، و ألا يكون سلبياً تجاه الخطأ الذي يراه، و هذه فكرة إسلامية أصيلة في ذاتها، ففي الحديث: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه"... و هكذا.. فهذه هي قمة الإيجابية و المبادرة، و حتى في حالة العجز التام عن إصلاح الأخطاء المحيطة فتطالبه الشريعة بأن يحزن في داخله لوجود خطأ لم يقدر على إصلاحه و تغييره. و ذلك أضعف الإيمان.

و هذا من شأنه أن يمنح الطفل حصانة ذاتية تجاه الاختراق الخارجي، سواء في الأفكار أم السلوكيات، فكونه مبادرًا بإصلاح الخطأ الخارجي يبعده درجة أو خطوة عن الخطأ ذاته، و يمنحه درعًا واقيًا شديد الصلابة تجاه سهام الشر التي تهاجمه، و يجعله قوة دافعه و مهاجِمة بدلاً من كونه مدافعًا عن نفسه ليس إلا.

ثالثًا: تدريب الطفل على حل المشكلات التي تواجهه، حتى لو صنعنا له موقفًا تدريبيًا و خلقنا له مشكلة ما مناسبة لعمره و إمكاناته و ندربه على تحليلها و وضع فرضيات لحلها و التعامل معها. فهذا من شانه أن يزيل عنه مخاوف الفشل في المواجهة.

رابعًا: زرع الطفل في بيئة إيجابية: فمجرد وجود الولد بين أصدقاء و زملاء مبادرين سيجعله تلقائيًا يتصرف بإيجابية، فهم كالقدوات له و النماذج التي يحتذي بها، و هذا من أعمق الوسائل. و لو كانت القدوة ممن يفوقه سنًا و مقامًا سيكون لها أثر جيد أيضًا، كالأبوين و المعلمين و الأقارب. و هذا ما يطلق عليه التعلم بالنمذجة.

خامسًا: تدريب الطفل على تقديم المساعدة و العون للآخرين: كأن يساعد إخوته أو أصدقاءه في فهم بعض دروسهم، أو أداء بعض مهام المنزل، فهذا من شأنه أن يفتت الاتكالية بداخله، و يجعله باذلاً لا مجرد آخذٍ فقط.

سادسًا: تعاون كل المؤسسات التي تتعامل مع الطفل و تحتك به في إنجاح هذه الفكرة، بدءاً من مؤسسة الأسرة، مروراً بالمدرسة، و انتهاءً بالمراكز التربوية و الأقارب و جماعة الرفاق و غيرهم. فهذا مما يسهل هذه المهمة و يعمق أداءها لدى الأطفال، فهذه البيئات يعضد بعضها بعضًا، و تتكامل أدوارها مع الطفل بالتكرار و التأكيد على القيمة، و لا تزال القطرة تسقط تلو القطرة على الصخرة، حتى تحفر في وسطها المجرى.

و في الختام علينا أن نتذكر أنه لولا روح الإيجابية و المبادرة التي سرت في المجتمع المسلم لما فتح المسلمون الدنيا، فكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم خرجوا داعين للدين و معلمين للناس الإسلام في دول لم يسمعوا عنها أبدا، حتى وصل بعضهم للهند في أقصى الأرض و مات و دفن فيها. و كثير من الاختراعات التي نفعت العالم أجمع كانت بدايتها مجرد مبادرات إيجابية من مخترعين مستقلين، لكن كان لديهم شغف و رغبة حقيقية في النفع العام و روح مبادرة شجعتهم على البذل و العطاء بهذه الصورة. 

الرابط :https://albayan.co.uk/Article2.aspx?ID=27776

قراءة 120 مرات آخر تعديل على الخميس, 28 آذار/مارس 2024 09:33

أضف تعليق


كود امني
تحديث