قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 13 آذار/مارس 2022 12:03

مشروع إعداد المربي.. الواقع والآفاق 2/2

كتبه  د. ليلى حمدان
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فشل التدريس النظامي و الأسري

لا يمكن التعويل على المدارس النظامية في زماننا فهي منهارة بمعنى الكلمة، إما تابعة ذليلة للغرب، تستنسخ أهدافهم فتطبقها حرفيًا لإخراج جيل علماني منتكس عن دينه خادم لعدوه، أو لا تحمل أصلًا رسالة تعليمية تنفع الطفل المسلم، ثم إن أغلب المدرسين حملوا معهم رواسب بيئتهم التربوية بأخطائها، فضلًا عن افتقادهم التجربة و الخبرة و الهدف النبيل.

و هذا تحصيل حاصل لتراكم نتائج الإهمال عبر الأجيال، فقبل عقود كان من نشاهدهم آباء و أمهات اليوم، يتسكعون في الطرقات و الأرصفة تائهين بلا هوية و لا وجهة، ثم تزوجوا و أسسوا لهم أسرًا بلا رصيد علمي في التربية، و فاقد الشيء لا يعطيه لأبنائه! فليس كل أب و أم بقادر على أداء دوره في التربية كما ينبغي.

و مما يزيد الإلحاح للعمل في هذا الاتجاه شدة الافتقار لمن يسهر على صياغة جيل المسلمين بين النخب، فحتى الجماعات الإسلامية تعاني من مشاكل ضخمة و هي غير قادرة على سد هذا الثغر. مما يجعل من مشروع تأسيس المربي و صناعة المؤدب، أولوية بمفهوم المصطلح الأصولي الشرعي.

أولوية الإنفاق على مشروع المربي

نتحدث عن مشروع إعداد شخص موهوب يمتلك أدوات العلم التي تمكنه من أن يصوغ الجيل القادم، و هو مشروع مؤسسي يستوجب الإنفاق عليه لأهميته البالغة في حفظ مستقبل هذه الأمة، و يقول الشيخ حازم: إن الإنفاق في هذا المشروع صدقة جارية هي أولى من الصدقات التي توضع في مشاريع الشجر و الماء أو طباعة الكتب أو غيره من صدقات جارية. فلسنا بحاجة لفرش مسجد، بل إلى صياغة جيل لإنشاء أمة مسلمة.

فالإنفاق على صنع المسلمين و إيجاد كيان الأمة الإسلامية أعظم و أولى من الإنفاق على مشروع يستخدم الموجود الضعيف. و فرق كبير بين إنشاء جيل صفوة الأمة، و بين مشروع يعمل على تعايش أمة قائمة تحت مناهج و خطط و مشاريع غيرها ممن يصنف في مرتبة الأعداء و المنافسين.

نحن بأمس الحاجة لمشاريع تعيد إحياء الإسلام في الأفراد و المجتمعات، تعيد صناعة الأمة المسلمة، لا مشاريع أكبر أهدافها التماهي مع الباطل و التعايش مع الضعف والتيه! و هي المشاريع التي يجب أن تحظى بأولوية إنفاقنا.

سبل الإنفاق في مشروع المربي

يمكن المساهمة في تمويل هذا المشروع بطريقتين:

الأولى كفالة هذا المربي الذي هو صائغ أمة لمدة سنة أو أكثر بحسب ما يتوفر من مال، بعد أن يتم رصده من المساجد و ساحات العمل و تهيئته لسد ثغر التربية، هذه الكفالة ستغطي حاجته المادية لضمان تفرغه التام لعمله كمربي. و كل مشروع يقدم لك بقدر ما تعطيه من نفسك، لذلك كلما بخلت بخلت النتائج، و الجود نهايته إكرام.

أما الثانية؛ بعد توفر المرشحين المناسبين لدور المربي، يتم جمعهم للإعداد في جمعية، و الإنفاق عليهم لتلقي دورات في العلوم الشرعية و التربوية بهدف تحصيل الوسائل التعليمية و الإحاطة بعلم النفس للطفل، و فنون التعامل مع الفئات العمرية المختلفة، و معالجة أزمات التربية كالتمرد و الفوضى، و التأكد من قدرتهم على تقديم نصاب العلم بالعقيدة المطلوب للأطفال و كذا التربية الإسلامية الرشيدة.

آفاق إنشاء معهد لصناعة المربي

إن إنشاء معاهد تستقطب أصحاب العقيدة من الدعاة و العلماء سيصبح حجة بالمقاييس العلمية التجريبية لإنشاء المربي المتمكن الموهوب في مجال التربية، و حين تكون الكفاءات جادة ذات مصداقية فإن هذا المعهد سيصبح الضالة المنشودة في المدارس و النوادي و المجتمعات.

و تبقى نقطة البداية في هذا المشروع و كل مشروع يهدف لإحياء الإسلام في الفرد و المجتمع، ليس إرسال المال و الجلوس في مقاعد المتفرجين، بل انتداب النفس و دفعها لإدارة حركة هذا المشروع و المساهمة بجدية في إقامته و تفعيله. و هو حقًا ما نفتقده في زماننا؛ تلك الهمم المحركة المسخرة لمشاريع تنفع المسلمين و تخرجهم من دائرة المتفرج إلى العامل المؤثر. مشاريع تغير من حال المسلم الفرد، فيتغير حاله و حال أمته تلقائيًا. و كما قال مالك بن نبي: “إنها لشرعة السماء: غيّر نفسك تغيّر التاريخ!”. [5]

الجود من الموجود للانطلاقة

إن الانطلاق بحجم إمكانية معقول يضمن نسبة من النجاح أكثر من الانطلاق بتكاليف ضخمة لمتطلبات يمكن الاستغناء عنها، فلسنا بحاجة لبناء مركز جديد لإطلاق مشروع صناعة المربي؛ لأن المساجد و المقرات كثيرة، فأي مبنى يمكنه أن يستوعب المشروع لا حاجة لتكلفة بناء جديد.

ثم نحن نتحدث عن مشروع لإنشاء أمة لا لإطعامها. مشروع لتحويل الأمة بقواها الداخلية من الاستضعاف إلى القوة، لا للتعايش مع هذا الاستضعاف. من هنا يجب استشعار مدى أهمية الانطلاق بالأسباب المتوفرة في أقرب فرصة ممكنة و عدم التردد في ذلك.

و إن كانت الأجيال السابقة قد أضاعت الأمانة فكل جيل مسؤول عن الفترة التي يعيشها في الدنيا و كل جيل سيسأل أمام الله سبحانه، قال تعالى: (أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جَاءَكُمُ النَّذِير) (فاطر: 37).

و لابد من التنبيه إلى أن التربية من صميم الطاعات و الواجبات و لا يجب أن يُغفل عنها لحساب ترف أو مستحب، و لا الانشغال بحواشي الأمور عن صلبها. ثم لمن نترك الجيل! و المدارس فاشلة، و الأسر عاجزة.

تحويل الانحياز العاطفي لطاقة عمل

جميل جدًا أن يحمل المسلم عاطفة جياشة تجاه قضايا الأمة الإسلامية، لكن الفريضة المغيبة اليوم هي ذلك الانتقال و التحول من هذا الانحياز العاطفي إلى العمل الجاد المتخصص للإسلام. و لنا أن نتأمل كيف ستصبح مجتمعات المسلمين حين تتحول الآلاف و الملايين من مجرد منحازة عاطفيًا للإسلام إلى قوى فاعلة تعرف طريقها و أهدافها قد وقف كل فرد منها على ثغره مخلصًا!

في الختام

إن كل مشروع ينطلق في ظرف شدة و ضعف لابد أن تواجهه تحديات و صعوبات، لكنها تتحطم أمام عزائم تشربت باليقين و استعانت بربها العظيم و أحسنت التوكل عليه و المجاهدة و السعي، و يكفي أنه يعيد للمسجد مكانته، و يتخلص من معضلة التربية “الصدفة” و التربية “اللامسؤولة”، و يضمن التكافل المادي و المعنوي بين الفئات المستفيدة، رأس المال فيه الجدية و الإقبال الفردي بما توفر من أسباب لإنتاج مؤسسي هادف.

يقول مالك بن نبي: “عندما يتحرك رجل الفطرة، و يأخذ طريقه لكي يصبح رجل حضارة، فإنه لا زاد له… سوى التراب و الوقت و إرادته لتلك الحركة. و هكذا لا يتاح لحضارة في بدئها رأسمال، إلا ذلك الرجل البسيط الذي تحرك، و التراب الذي يمده بقوته الزهيد حتى يصل إلى هدفه و الوقت اللازم للوصول”. [6]

و هكذا عندما نضع أمامنا المشكلة بأكملها و نأخذ في اعتبارنا على الأخص عنصرها الأساسي: الإنسان، و كيف يؤثر هذا الإنسان في تركيب التاريخ. سنلاحظ أن هذا الفرد يؤثر في المجتمع بثلاثة مؤثرات كما رصدها مالك بن نبي في العصر العشرين:

أولًا: بفكره، ثانيًا: بعمله، ثالثًا: بماله. [7]

عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأصحابه: تمنوا. فقال بعضهم: أتمنى لو أنَّ هذه الدار مملوءة ذهبًا أنفقه في سبيل الله و أتصدق. و قال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة زبرجدًا و جوهرًا فأنفقه في سبيل الله و أتصدق. ثم قال عمر: تمنوا. فقالوا: ما ندري يا أمير المؤمنين، فقال عمر: أتمنى لو أنها مملوءة رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجراح، و معاذ بن جبل، و سالم مولى أبي حذيفة، و حذيفة بن اليمان”. [8]

و لا عجب أن يحمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هذا الفهم العظيم، فرُب رجل بأمة، و ما الأمة العظيمة إلا بعظم همم أبنائها، و السبيل لتحقيق ذلك، هو صناعة الأجيال منذ الصغر على نور من الله، و صناعة الرجال و النساء العاملين، و بالتالي إنشاء أمة مسلمة هي خير أمة أخرجت للناس.

 الرابط : https://tipyan.com/educator-preparation-project

المصادر
قراءة 684 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 16 آذار/مارس 2022 09:30

أضف تعليق


كود امني
تحديث