(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Wednesday, 09 August 2023 06:58

المدينة الوردية – "بتروس"ج5

Written by  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
Rate this item
(0 votes)
ومن المعروف أن زيارة بولس إلى دمشق كانت نحو عام ٤٠ م أي في العام الأخير من حكم الحارث الرابع. ولكن طبيعة وجود الأنباط والحاكم النبطي في دمشق ما تزال مثار جدل بين الباحثين ولعل عودة دمشق إلى الأنباط كانت بموافقة الرومان.
يتميز عهد الحارث الرابع بحركة عمرانية واسعة تركزت في المقام الأول حول القسم الجنوبي من المملكة. فقد أصبحت المستوطنة النبطية في مدائن صالح (هجرا أو إجرا Hegra) إحدى مدن الأنباط الكبرى، ويمكن مقارنة مدافنها الصخرية بمدافن البتراء. وهي تحمل نقوشاً تنتمي كلها إلى القرن الأول الميلادي وغالبيتها تعود إلى النصف الأول من ذلك القرن. ويبدو أن الحارث قام بإرسال مستوطنين إلى هناك لإنشاء قاعدة في الحجاز يمكن التقهقر إليها إذا ما ازدادت الضغوط الرومانية، ويؤكد ذلك أن عدداً كبيراً من النقوش يعود إلى ضباط يحملون ألقاباً عسكرية إغريقية ورومانية (مثل Strategos القائد،Hipparchos الفارس،Centurion قائد المئة).
كما نالت البتراء نصيباً من المنشآت في عهد الحارث الذي ينسب إليه اثنان من آثارها الضخمة وهما: المسرح الذي قطع في الصخر الكائن في الطرف الداخلي للسِّيق (المضيق الجبلي الذي يؤدي إلى البتراء)، والمعبد القائم في وسط المدينة والمشهور باسم قصر البنت. وقد ثبتت نسبة هذين الأثرين إلى الحارث بعد أن كان يظن أنهما يعودان إلى زمن الولاية العربية.
كما يمكن أن تعد «الخزنة» - وهي أشهر آثار البتراء - من إنجازات عهده. لقد عمل الحارث على تحويل الأنباط إلى شعب مستقر يعتمد على اقتصاد زراعي بعد أن تراجعت أهمية التجارة البرية بسبب استخدام البحر الأحمر لنقل الطيوب والتوابل من اليمن والهند.
تذكر بعض النقوش أسماء أبناء الحارث وبناته إضافة إلى زوجاته اللاتي حملن لقب ملكة، وجرت العادة على تسمية هؤلاء الملكات بأخوات الملك، مثلما كان يطلق على وزراء الملك لقب إخوته.
كان الحارث سخياً في إصدار النقود طوال سنوات حكمه، وله أشهر صورة وجه على العملة في تاريخ المملكة فمن بين عشر قطع من العملة النبطية يوجد بينها في المتوسط ثماني قطع خاصة بهذا الملك العظيم.
العملة التي سكها الملك الحارث الرابع وتحمل صورته وصورة الملكة شقيلات مما يدل على مدى التطور الحضاري الذي وصل إليه الأنباط
وهكذا فإن الحارث الرابع كان بلا شك واحداً من كبار الشخصيات في تاريخ العرب قبل الإسلام، وقد بلغت المملكة النبطية في عهده الذي دام ما يقرب من نصف قرن أزهى عصورها، فلا عجب إن كان اسمه يتردد باستمرار على العملة والنقوش النبطية مصحوباً بعبارة «المحب لشعبه» بالآرامية (rhm amh = راحم عمهو).
Read 303 times Last modified on Wednesday, 09 August 2023 07:01