التجمع بين الافراد و حرية الارتباط في المجتمع الغربي:
ان الاقتناع التام بإمكانية الاستقلال الفكري الذاتي و ما يلحقه من استقلال في الثقافة، و من ثم العمل على نبذ الأفكار الدخيلة هو أولى مراحل التخلص و لنقل التحرر من التبعية الفكرية و الثقافية. إن الفكر الواعي المتيقظ يستطيع و بسهولة تحليل الفكر الدخيل المسوم و استنباط اضرار تلك التبعية، و الخيبة التي قد تلقي بظلالها فيصبح المجتمع أكثر عتمة و ظلامية، يتبعها خسائر ماحقة للدين و النفس و المجتمع الذي يؤول بالجميع الى الذل و المهانة.
لا بد من قراءة ما يجري و ما يؤول له الحوار بنظرة ناقدة فاحصة النظرة لهذا الانهزام و الانقياد على غير هدى، و التأمل العميق في القرآن و السنة و التاريخ الإسلامي، فتاريخنا مليء بإسهامات الأمة العربية و الإسلامية في بناء الحضارة، و القيم الأخلاقية العظيمة التي أثرت في بقية الأمم، و مقارنة ذلك بالدمار الفكري و الأخلاقي و القيمي الذي أوصلت الحضارة الغربية الإنسان المعاصر إليه.
إن الانسان الغربي قد اعطي حرية الارتباط غير المشروع سواء بوطنه او علاقاته غير الشرعية دون قيود أخلاقية و لا إنسانية و لا دينية مع أنهم يسوقون – أي المجتمع الغربي- انهم يعيشون في مجتمع ديني معتدل، و هذا المفهوم قد صنع من فردهم انسان يسير على غير هدى، مما جعل مجتمعهم مفككا بلا تجمع بين أفراده.
التجمع بين الأفراد و حرية الارتباط المقننة في المجتمع المسلم:
لا يخفى على أحد ان كل الشرائع التي تسمي نفسها أديان لم تعبأ بمصلحة الفرد، و لم تعامله معاملة إنسانية، فمن يتحكم بتلك القوانين – المشرع- سواء من الكنيسة أو ممن يعتبر نفسه صاحب القرار، ألا و قدم مصلحته الخاصة على مصلحة مجتمعه، فظهرت الرأسمالية و الليبرالية و العلمانية و حتى الشيوعية، ثم ما لبثوا يحاولون تصديرها الى المجتمعات العربية و الإسلامية بشعارات رنانة مثل القومية مثلا. و لكن الإسلام منذ بزغ نوره دائما كان نصير المظلومين و المقهورين بتأييده المطلق لهم، فغدا أكثر جاذبية، متفرد الانتشار على المستوى العالمي، و الدين الوحيد المستعد للمنازلة و الكفاح في حدود العقيدة، لأن الشريعة الإسلامية ليست مرهونة بأهواء الناس قبولاً او رداً، و لا كون آراء الناس هي الحاكم بشرعية النظام الذي يحكمهم و يقضي بينهم، مما جعل المجتمع المسلم أكثر تجمعا و ترابطا، و فرده أكثر انتماء لدينه و وطنه و عقيدته.
لقد أعطى الإسلام حرية للفرد بشكل مقنن بعيدا عن الفوضى و العشوائية، و رسخ قيما في نفس الفرد المسلم، فالمودة مثلا هي القيمة الراسخة في الزواج و تفوق في مفهومها الحب، الحب يرفع قيمة الزواج أما المودة فهي تسمو بالمرء عاليا، فهي تلتهم المحب فتنشره شعاعاً منيرا، و غير ذلك فهو هراء، هباء في هواء، المودة بين الزوجين ذوبان فالتزام دون تبخر و لا انعتاق. أما فيما يتعلق بحرية المسلم و العربي في الارتباط بوطنه، فقد رسخ الإسلام كدين لكل العصور أن الوطن و الدين و العرض و الإنتماء اليها هي ما يميز هوية المسلم عنْ أَبي الأعْوَر سعيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرو بنِ نُفَيْلٍ، أَحدِ العشَرةِ المشْهُودِ لَهمْ بالجنَّةِ، ، قَالَ: سمِعت رسُول اللَّهِ ﷺ يقولُ: منْ قُتِل دُونَ مالِهِ فهُو شَهيدٌ، ومنْ قُتلَ دُونَ دمِهِ فهُو شهيدٌ، وَمَنْ قُتِل دُونَ دِينِهِ فَهو شهيدٌ، ومنْ قُتِل دُونَ أهْلِهِ فهُو شهيدٌ.
رواه أَبو داود، والترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.