الحاجة باتت ملحة لكتابة "قصة البتراء"
هل ذكرت مدينة البتراء في القرآن الكريم؟
قال رب العزة في سورة الأعراف:
(واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين)
وفي سورة الحجر يقول رب العزة:
(ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون).
والأقوام الذين أخذتهم الصيحة (قوم لوط وأصحاب الأيكة وأصحاب الحجر) وهذا ترتيبهم الزماني وقد سكنتها شعوب عديدة كان آخرهم الأنباط..
ونجد الأبنية المحفورة بالصخر ممتدة من الربع الخالي جنوب جزيرة العرب وحتى جبال القلمون شمال دمشق من بلاد الشام والغالب من الإشارات في القرآن والسنة أن الحجر ينطبق على موقع البتراء وما حولها في الأردن من بلاد الشام، وقد مر بها رسول الله ولم يدخلها.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم ثم زجر فأسرع حتى خلفها) رواه مسلم.
ويقول ابن كثير في تفسيره أصحاب الحجر هم: ثمود الذين كذبوا صالحا نبيهم، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين؛ ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين.
الواضح أن عظمة البتراء وفرادتها جعلتها ساحة لنسج التصورات الدينية من دون أدلة تاريخية ثابتة. من ذلك أيضاً زعم مستشرق ألماني، يسمي نفسه كريستوفر لوكسنبرغ (هذا ليس اسمه الحقيقي)، إن الإسلام لم ينشأ في مكة، بل في البتراء، ويستند في ذلك إلى دراسته مخطوطات القرآن القديمة، خصوصا التي وجدت في مسجد صنعاء الكبير في سبعينيات القرن العشرين، ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الهجري الأول، إذ يقول إنها مكتوبةٌ بالخط الذي جرى تطويره في شمال الجزيرة العربية، وسمّاه المستشرق الإيطالي مايكل أماري، في القرن التاسع عشر، "الخط الحجازي"، وليست مكتوبةً بالخط الثمودي الذي كان مستعملاً في مكة والمدينة.
وبعد لوكسنبرغ، يتابع تلميذه الباحث المغربي، محمد المسيّح، صاحب كتاب "مخطوطات القرآن"، القول إن أساس حضارة العرب المسلمين نابع من حضارة عربية أقدم، معتقداً من ثم أنهم أحفاد هؤلاء الأنباط الذين كانوا أسياد القوافل التجارية بامتياز، مفسّراً اختلاف ما يقوله عما هو معروف من تاريخ الإسلام بأنه كُتب في بداية العصر العباسي، أي في القرن الهجري الثاني، عندما أمر الخليفة أبو جعفر المنصور معلم ولده، ابن إسحاق، بوضع كتاب عن بدايات الإسلام، أعاد صياغته ابن هشام لاحقاً، وهو اليوم أقدم "سردية إسلامية" متوفرة. لذا، يرى المسيّح، أن هذه "السردية" أعادت صياغة الأحداث وأماكنها على هوى العباسيين.