(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 19 آذار/مارس 2023 07:31

" الشمس كانت تشرق ليلا "

كتبه  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)
أيضيعُ عبدٌ لا يفارقُ نُطقَه: يا حيّ يا قيوم إليك حياتي؟؟
إن أجسادنا ما هي الا أردية نلتحف بها لتبق أرواحنا دافئة.. نسترها من برودة الحياة؛ و في وقت ما، فإننا سنخلع ذلك الرداء لنواجه حرارة الحقيقة، لنعود الى طبيعتنا؛ فهي أرواحنا..
ان الجسد لبالي.. آيل للزوال حتى أثناء حياتنا.. جسد الإنسان يتغير كتغير الفصول.. فالجسد الآن هو جسد مختلف عن ذاك الذي كان موجودا قبل سنوات.. لكن الروح ستبقى دون تغير.. نعم ستبقى ان ما فتئت تردد " يا حيّ يا قيوم إليك حياتي "
أسوأ تجربة يمر بها إنسان هي أن يتعرض لسرقة.. و اسوأ هذه السرقات هي سرقة الانسان لعمره، فهو يسرق عمره باللهو و اللعب ناسيا أن لكل شيء نهاية.. فيكون هو المسروق و يكون هو السارق...
في يوم ما شعرت بالأسى على ما فات.. و باكتئاب في انتظار ما هو آت.. و بت حائرا في حاضر ابحث فيه عن الذات.. فقادني المولى الى بقعة فيها بركة و ثبات.. الى مكة، أطهر البقاع فيها ماء فرات...
ليست كل الاماكن تشعر فيها أنك في حالة نفسية جيدة.. بعض الأماكن تعاني فيها من الاضطراب بمجرد أن تدخلها أو حتى تفكر في عبورها.. و بعضها تشعر فيها بميلاد جديد.. عبق من النور يلف تقاسيم وجهك.. يرخي أسداله على وجنتيك...تلك هي مكة.. بيت الله الحرام، هذا هو ضوء القمر الذي كان الهامي على الساحة الكبيرة يسكب في نفسي توقا الى عالم جديد، الى حياة جديدة الى ليل جديد و فجر جديد!
رؤية بيت الله العتيق تبعث الحياة في الجماد، و يسمو بها الفكر، و يرتقي الخيال، و تبث في النفس الفرح و السرور، و ترفعها عن الدنايا، و تميل بها إلى الجمال و الكمال، فهي من عوامل الأدب للإنسان..
في بيت الله الحرام، مؤلم أن نجهل ما تحويه أعماقنا من مناجم و نقضي حياتنا نعاني من فقر عاطفي أو قحط حقيقي لكل معاني الحياة.
في بيت الله الحرام يقشعِّر الجسد و ينتفضُ الفؤاد مَهابة و حبا و جَذلا و شعورًا آخرا لا يُوصف ...سبحانه رب العزة عما يصفون.."
عندما ترى الكعبة – و بلا شعور- ستتخلى عن كل فكرة تتعلق بالمستقبل، و عن كل فكرة تخص الماضي و ستهمل كل صورة و كل تجريد، و تعيش الحاضر، في تلك اللحظة ينبثق الاستغراق!
في ذلك المساء، كانت السماء تضحك، على الرغم من نشيج الغيوم، و لم يكن أحد معي، كنت أحاول أن أمسح دمعة تدلّت من عيني، عندما مرّت غيمة ما.. و عفرت الهواء و المطر بالضجيج، و مزقت أصابعي المتعانقة، حبّاً و خوفاً.. و عزلة!!
شمسنا هي أبعد الاشياء الطبيعية التي ترى نهارا مثيرة حب الاستطلاع الإنساني.. و جسم الإنسان هو أفضل مرشح للاهتمام المنهجي المبكر، و لكن في مكة كانت شمسنا تشرق ليلا أيضا،
تشعرنا بالسّخط على ماضينا، لكن ماضينا تُصلِحُهُ لحظة توبة.. و إن شعَرنا بالسّخط من حاضِرَنا؛ فحاضِرَنا تُسعدهُ لحظة رضىً بما وهبَنا الله.. و إن كنا قلقِين على مستقبلنا، فمستقبلُنا تكفلهُ لحظةُ توكُّلٍ على الله.
في مكة – فقط في تلك المساءات – الشمس كانت تشرق ليلا!!
الجمعة الموافق
قراءة 386 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 21 آذار/مارس 2023 11:48