(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 29 نيسان/أبريل 2023 17:09

" كم يخسر من لا سر له"

كتبه  الأستاذ ماهر باكير دلاش من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن الأسرار هي ما يساعدنا على العيش، كم يخسر من لا سر له!
بسم الله نخوض دروباً جديدة آملين ألا نتعثر فلكل شيء ثمن، و كلما عزّ المراد ارتفع ثمنه. يحدث أحيانًا أن نلتقي بأشخاص لا نعرفهم البتة، و مع ذلك نشعر بالاهتمام بهم و بدافع يقربنا منهم قبل أن نبادلهم كلمة واحدة، و لكن هذا لا يعني الفضفضة، و إفشاء الأسرار.
قــمــة الألــم، أن أكتشف أنني كنت أرسم أحلامي لشخص أعمى.. أن أكتشف أنني كنت أصف مشاعري لشخص أصم.. أن أكتشف أنني كنت أكتب معاناتي لشخص جاهل لا يجيد القراءة.
يقرؤنا كُل من اقترب؛ فالبعض يستهين بالسطور، وَ البعض الآخر يسيء الفهم، و البعض لا يفهم بتاتا!
"أتمنى أن تقرؤوني كما أريد أن تقرؤوني. بعدها لا يهم سواء بقيت في الذاكرة او تركت شعاعا كأي شهاب"
أكان لزاما علينا أن نموت ليتعافى من حولنا من خرسهم العاطفي؛ فالهدوء الذي يلازمنا أحيانا ما هو إلا رحلة قصيرة نبحث فيها عن بعض الحلول لمواجعنا و آلامنا، أو ربما لتبلدنا و صدماتنا من واقع فرض علينا أن نعيشه!!
في ليلة هادئة فيها الكثير من النرجسية الممتزجة برومانسية غير معهودة قلت في نفسي: لا بد من فضح كل الأسرار المخبأة، يا نفس اخلقي معي حديثا ربما نلتقي، ربما أنتظرك!؟ إلى متى سأظل أنظر في وجوه خاذلي، محدقا في أعينهم؟!
أصبحت شاعرا أكتب قصائدا جمة يصحبها نوع مؤذٍ من الضجيج، خلف القوافي تستتر الأماني و تختبئ تحت الضلوع و تنتشر بين الصور.. الكثير من الورق الغالي قد لا يساوي ما كُتب فيه شيئاً، و لو بقي أبيضا لظلّ أغلى.. و بعض الورق الرخيص قد يحمل بين طياته حقائق الكون و الوجود!!
هذه اللحظات قابلة للنقاش، فيها أتجرأ على أن أعود بالذات إلى هذا المكتوب، في الفترة المعتبرة، و المحاولاتَ التي خاب مسعَاي في مكان لائقٍ على الورق، أصررت للأمانة في اللحاق بي، صُنع الفن نفسه الذي ألعب بملامحه، و للصدق أكثر، راعي الحرفة وحده، من لا تخفى عليهِ أسرارها.
هذا المساء، سأحتسي قهوتي لموعد مستحيل.. و كأني ولدت منذ دقيقة، و لكن الوقت يمضي أسرع ما يمكن...!! من العمر مرت آلاف السنين مما تعدون.. و مضى الوقت أسرع مما تخيلت.. مد اللبلاب يده.. مدت الأيام يدها، و مد القهر يده.. مددت يدي؟!
ما المنطق في أن أركض وراء الذاكرة، و هي شاردة تسعى إلى الهروب من نفسها، شعثاء، مُعَفّرة، مُروَّعة، مسكونة بِهول ما رأت؟ كأن همًّا واحدًا لا يكفي، أو كأنّ الهموم يستأنس بعضها ببعض، فلا تنزل على الناس إلا جملة واحدة؛ فالمصائب تبدو كبيرة تقبض الروح، ثم يأتي ما هو أعتى و أشد، فيصغر ما بدا كبيرًا، و ينكمش متقلصًا في زاوية من القلب و الحشا، و أمسى البكاء مبتذلًا، ربما لأن الدموع صارت تستحي من نفسها، لا مجال.
أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة، أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع و يثمر، و أفضل أن أستمع للكلام لا أن أكون أنا الكلام، و من ثم سأتأبط الصمت فهو ليس بالضرورة يدل على سذاجتنا أو أننا لا نعي ما يدور من حولنا.. بل في ذلك إرضاء لرغبتنا في استكشاف الآخرين و العمق في أغوار شخصياتهم لإدراك خفاياهم، و استمرار حفاظنا على أسرارنا ؛ فكم خسر من لا سر له؟!

قراءة 350 مرات آخر تعديل على السبت, 29 نيسان/أبريل 2023 17:30