قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2022 10:23

تحليق عابر لطيور الذاكرة: تلك القاعة

كتبه  د. سامي الكيلاني
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أقف في القاعة 240 في المبنى الذي كان يضم قاعات التدريس لكلية النجاح الوطنية بصفوف المدرسة الثانوية، و معها معهد النجاح لإعداد المعلمين، كان المبنى أيامها من طابقين قبل أن يضاف إليه طابق ثالث بعد تأسيس جامعة النجاح الوطنية في العام 1977. استضاف المبنى كلية المجتمع التي ورثت بالاسم معهد المعلمين، ثم أصبح يضم قاعات التدريس لكلية التربية التي أصبح اسمها كلية العلوم التربوية و إعداد المعلمين، ثم استضاف كلية الشريعة لسنوات قبل أن ينعم الله عليها بمنحة مالية من متبرعين لترث مبنى المراكز العلمية بعد تجهيزه و الذي انتقل إلى الحرم الجامعي الجديد للجامعة، ثم عاد إلى كلية العلوم التربوية مشاركة مع كلية الاقتصاد و العلوم الاجتماعية.

هذه القاعة استضافتني مشكورة استضافات لا تعدّ، ربما استضافتني قاعة أو قاعات أخرى أكثر منها من حيث عدد اللقاءات، لست متأكداً من ذلك، و لكنني أجزم أن علاقتي بها امتدت على أكبر عدد من السنوات و لا تستطيع أية قاعة تدريس في الجامعة منافستها في ذلك، و يمكنها كذلك أن تنافس القاعات الأخرى في تنوع المواضيع التي درّستها فيها. دخلتها لأعلم مواضيع في الفيزياء و العلوم العامة، و لأعلم الإحصاء الوصفي و التطبيقي، و لأعلم أساليب تعليم العلوم، و لأعلم مناهج البحث العلمي، و أخيراً لأعلم مساقات في الخدمة الاجتماعية، هذه المهنة التي أصر على تسميتها بالعمل الاجتماعي، لأن هذه المهنة ليست خدمة يقدم فيها طرف إيجابي قادر خدمة لطرف محتاج سلبي، بل مهنة فيها طرفان متشاركين في عملية واحدة تساعد و تمكّن وتغيّر نحو الأفضل.

هذا التنوع لم يكن ترفاً و لا رغبة مني في الانتقال من موضوع مللته إلى موضوع أستهويه، فعلاقتي بالفيزياء كانت و ما زالت قوية فأنا أراها طريقة للتفكير و ليست مجرد قوانين تستبدل رموزها بأرقام، بل مقاربات تجدد نفسها دائماً و لا تؤمن بعائق يمنعها من التفكير في المساحة الممتدة بين الاتساع اللانهائي لكون شاسع و مادة لا ينتهي سبر غورها كلما ظننا أننا امتلكنا ناصية المعرفة عن مكوناتها اكتشفنا أن معرفتنا كانت ناقصة و ما زالت مفتوحة للمزيد. لكن هذا التنوع كان نتيجة تأقلم مستمر في مواجهة ظروف ضيّقت عليّ الخيارات، ظروف صنعها احتلال غاشم خربط أوراقي و خططي للمستقبل بإجراءاته القمعية من الاعتقال و الإقامة الجبرية، ذلك المستقبل الذي أصبح اليوم ماضياً. يطول الحديث عن هذا التنوع و هذه الخربطة، و لا أقبل أن يكون الحديث و التوسع فيها على حساب علاقتي بالقاعة 240، فهي الطائر الذي حلّق و قدح شرارة الذاكرة، ذاكرة القاعة و الحديقة.

و أخيراً أدخلها في محاضرة مساق خدمة المجتمع المحلي على الساعة الثامنة صباحاً و أعود إليها في محاضرة السياسة الاجتماعية على الساعة الواحدة بعد الظهر، أقف أتملى الحديقة التي تقع شمالها في انتظار اكتمال حضور الطلبة أو أثناء انشغال الطلبة في تمرين رياضي أو اجتماعي، هذه الحديقة التي كانت تحيطها أشجار الصنوبر الكثيفة و تتوسطها أشجار أخرى أتذكر منها شجرة خشخاش كم استمتعت بجمال زهورها و رائحة تلك الزهور في الصباح المبكر. سقط عدد من أشجار الصنوبر و بقي عدد قليل منها قرب السور، و أصبحت الحديقة أخيراً أقرب إلى الساحة منها إلى الحديقة. و مع تحولات الحديقة/ الساحة تبدلت الأجيال و الوجوه وطريقة الجلوس فيها. راقبت رواد الحديقة/ الساحة في كل تحولاتها الشجرية و الإنسانية دون أن أموت هماً، فهذه المراقبة لا تندرج في باب من راقب الناس مات هماً، بل على العكس من ذلك فقد راقبتها فَرِحاً بكل مظهر إنساني مدققاً ببعض تفاصيل التقارب و التباعد وأسس تشكيل مجموعات الجالسين في مجموعات صغيرة. تمنيت لو أنني كنت ألتقط صور هذه الحديقة في كل تحولاتها، و لكنني قررت اليوم أن التقط صورتها الأخيرة و ذلك أضعف الوفاء لها. لو أن مهارتي في الرسم توازي قدرة التذكر عندي و درجة صداقتي للمكان لأضفت رسوماً وافية لتحولاتها، وفاء للمكان، المكان صديقي الوفي، المكان صديقي الصدوق. بداية التقطت صورة للساحة، لكنها لم ترُق لي، أزعجتني، إذ توسطتها سارية وضعت من أجل رفع الأعلام و الرايات عليها، عمود عارٍ من أي شيء يقف في وسط الصورة، لقد افترض من مصمم الساحة/ الحديقة أنها ستضم احتفالات يلزمها رفع الأعلام، سارية عارية في وسط الصورة. أظهرتُ امتعاضي و أنا أتأمل الصورة على شاشة الهاتف المحمول. لاحظت أن الطالبات الجالسات في انتظار اكتمال الحضور لبدء المحاضرة يتابعن ما أفعل، حدّثتهن باختصار عن هذه الساحة و ما كانت عليه، و عن عدم رضاي عن الصورة، فأرشدتني طالبة من طالباتي إلى الحل، التقاط الصورة من النافذة الخلفية في الغرفة، ففعلت. نعم كانت الصورة دون تشويش السارية، شكرتها و لم أرغب في توضيح الأمر بأنني اعتدت على تأمل الحديقة من هذه النافذة التي تجاور طاولة المعلم/ المدرس/ المحاضر، و لم يسبق أن تأملتها من النافذة الخلفية، و أنني كنت أسير صندوق العادة فأخرجتني من الصندوق.

انتبهت لاكتمال الحضور و أنني تأخرت دقائق عن بدء المحاضرة. ودعت المنظر، لأبدأ المحاضرة الأخيرة في هذه القاعة، قبل دخول مرحلة جديدة، نهاية الخدمة الرسمية لبلوغ سن التقاعد في التعليم العالي، أي في الأول من تشرين الأول بعد بلوغ 65 عاماً، و لكنني سأزور المكان بالتأكيد كلما سنحت الفرصة، فالمكان صديقي، وتبدلات الحديقة/ الساحة تآخت مع تبدلات الأيام التي مرت، أيامي الموزعة على 42 عاماً من العمل في الجامعة.

الرابط : http://www.odabasham.net/%D9%82%D8%B5%D8%A9/126440-%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%82-%D8%B9%D8%A7%D8%A8%D8%B1-%D9%84%D8%B7%D9%8A%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%84%D9%83-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%A9

قراءة 495 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 16 تشرين2/نوفمبر 2022 08:02

أضف تعليق


كود امني
تحديث