إن التاريخ يتميز كما يتميز الجسد بذاكرته، و ذاكرة التاريخ هي أسطورة شعوب بأكملها، و لذا قد أدى بعض مدوني التاريخ الإسلامي إلى تشويه أحداث التاريخ بسبب اختلاف شكل المرئي باختلاف زاوية الرؤية و لذا فالأوروبي ينظر إلى تاريخنا من زوايا متعددة الأمر الذي يقوده في المسيرة إلي نظرة خاطئة و ينظر إلي تاريخنا من مواقف خاطئة متعددة منها:
أولاً - جهل الغالبية العظمي من المستشرقين باللغة العربية مثل قول الزهري: إن الخلفاء قد أمروا العلماء بتدوين الأحاديث النبوية فنرى المستشرقين نقلوا للناس أن الخلفاء أمروا بنقل أحاديث و هنا فرق بين أي أحاديث وبين الأحاديث النبوية....
التاريخ نافذة نطل منها على ماضينا لنبصر مستقبلنا.. و الجذور البعيدة تعطي دفعة أو انتكاسة فكيف بصاحب المجد التليد أن يرتكس بمن ينظر خلفه فيرى سيد الخلق و صحبه الكرام ثم تتبعه كوكبة يسير فيها السلف الصالح و محمد الفاتح الذي دوخ أوروبا ، و قطز الذي دحر التتار و صلاح الدين الأيوبي الذي ضمد جرح الأقصى و طهره.
إن التاريخ هو البذور و كلما نبتت نبتة كان أصلها يرجع إلى تلك البذور فجذورنا ضاربة في أرض الحق و فرعها في السماء و لكن مزوري التاريخ من المستشرقين و الطائفيين، أبوا إلا أن يحاولوا بكل جهدهم طمس بريق تاريخنا المشرق فراحوا تحت ظلمة الحقد و التزوير، يحاولون أن يغطوا ما جاء به سيد الخلق محمد (صلى الله عليه و سلم) من رسالة سماوية، و منهجية عظيمة، و أن يطفئوا نور الكواكب المضيئة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و تابعيه ) .. و راح أحفادنا لا يرون من تاريخهم إلا قشورًا زائفة و كأننا أمة بلا أصل و بلا تاريخ!!
إن الكثير من الأقلام المتخصصة المأجورة، و وسائل الإعلام المسخرة لطمس الحقيقة التاريخية و تقديمها للناشئة مشوهة، تجعل الصفحات النيرة من تاريخنا، صفحات حالكة شديدة الظلمة.
يقول بعض مؤرخي التاريخ أن:" المستشرقين كان لهم الدور الهام في تزوير التاريخ، فمنهم فريق درس الإسلام عقيدة و نظام الحياة، فعرف فيه الحق الذي يجب أن يتبع، و قاده ذلك إلى إعلان إسلامه و الاعتزاز بهدايته، فوقفوا بجوار الإسلام، و أسلموا و منهم: المستشرق النمساوي – و المستشرق الكبير روجيه جارودي.
و يوجد من درسوا الإسلام و أعلنوا إعجابهم بما درسوا و دافعوا عن الإسلام دفاعاً مستميتاً دون أن يعلنوا إسلامهم، و من أشهر هؤلاء تولستوي - الأديب الروسي - الذي دافع عن الرسول (صلي الله عليه و سلم) و عن الإسلام دفاع المنصفين، فعاقبه البابا فأرسل الإمام محمد عبده رسالة طويلة يشكره فيها على حسن صنيعه بالإسلام، و منهم من حارب الإسلام بكل حقد و تعصب، فأعماه حقده ذلك عن الحقيقة البازغة كالشمس في وضح النهار.
و يؤكد تلاعب هؤلاء الحاقدين بتاريخنا تلك الصورة المشوهة التي يقدمها المسلسل التركي:" حريم السلطان" الذي يعرض حاليا في بعض القنوات الفضائية العربية الذي يظهر أعظم سلاطين الدولة العثمانية المعروف بـ:" سليمان القانوني" كألعوبة في يد الجواري و المحظيات يصرفنه كيفما شئن، و ذلك بهدف تشويه تلك الفترة الزاهية من التاريخ الإسلامي، و وضرب رموزها و قياداتها حتى لا تشكل مصدر إلهام لشباب الأمة في بذل النفس و النفيس في خدمة الأمة و ابتعاث مجدها، و هذا ما يدعو إلى وقفة للإعلام الهادف، من الجريدة إلى الإذاعة إلى كل وسائل الإعلام المسموعة و المقروءة، للتنبيه للمسلسلات التاريخية التي تعبث بتاريخنا و تعمل على تشويهه تحصينا للجيل الصاعد، الذي لا يعرف عن تاريخه سوى اليسير....