الكتاب المدرسي هو من أهم الوسائل التعليمية التي تضم جزءًا كبيرا من مادة التعلم، و عنصر هام في المنهاج التعليمي للتلميذ، و هو بذلك وسيلة مشتركة بين التلميذ و المعلم، و أهم مصادر التعلم و المعرفة بالنسبة للتلميذ...
فالكتاب المدرسي إذن هو تلك الأداة التي يستمد منها التلميذ معلوماته، و هو يمثل خبرة الأجيال و تراكماتها العلمية و الأدبية، لذلك يجب أن يكون الكتاب المدرسي ذا أسلوب يثير في نفوس التلاميذ استجابات إيجابية، لما يثيره في عقولهم و خواطرهم من مشاعر و إنفعالات، فالكتاب بالنسبة للتلميذ أو للمتعلم هو الاداة الاولى التي تعبر عن المنهج، و تترجمه و تدفعه نحو تحقيق غاياته المستقبلية.
من هذا المنطلق باستطاعتنا القول: إنه من الواجب أن تطرأ على الكتب المدرسية (المقررة ) في جميع التخصصات الكثير من التحسينات التربوية و الإبداعية، بحيث تجعل منه أداة مهمة للتعلم، لا وسيلة للتعلم بالخطأ و هدر القدرات و المواهب..
فمحتوى الكتاب المدرسي هذا يقتضي من الأطراف المعنية بأمره، أن تراعي فيه كل المراعاة ما يوضع فيه من مقررات، و ذلك بالاهتمام البالغ و الشديد بلغة الكتاب، و أن تحرص على أن يكون مناسبا للنمو العقلي و الانفعالي للتلميذ، و أن تسمه باللمسة الجمالية الإبداعية، التي تعزز صلة التلميذ به، و تشوقه إلى الرجوع إليه و الاستعانة به، و تثير لديه الرغبة في الإبداع، و تحول بينه و بين حالة الركود، و هكذا يكون المنهج الدراسي كالهرم الذي يتكون من عدة أجزاء ليشكل في النهاية البناء الكلي لشخصية الطفل أو التلميذ المتمدرس.
أما إذا نظرنا إلى الكتاب من زاوية أخرى و هي جوهرية، و التي تتمثل في جودة الكتاب المدرسي من الناحية الشكلية أو الإبداعية، و هي تتضمن حجم الحروف، و نوعية الورق، و حسن الطباعة، و استخدام الألوان في الرسوم و العناوين الرئيسة، و الاهتمام بالغلاف خاصة لتلاميذ الطور الابتدائي، و يأتي بعدها مضمون الكتاب، و هو الجانب المادي المعرفي، الذي يضم المادة المقررة التي ينهل منها التلميذ لاكتساب العلم و المعرفة، التي لها أثرها الواضح و الهام في مساعدته مستقبلا على تنمية قدراته العقلية و الوجدانية، تتضح لنا بجلاء تام أهمية الكتاب المدرسي و ما يضطلع به مندور في العملية التعليمية...
و لكننا عندما نرجع إلى الكتب المدرسية الموضوعة بين أيدي أبنائنا و فلذات أكبادنا، نصدم بشدة لا من حيث الشكل فحسب، بل من حيث المضمون كذلك، فهي تعج بالأخطاء اللغوية و المعرفية، الأمر الذي يجعلنا نتوجس خيفة على مستقبل أبنائنا، و هي أخطاء فظيعة ما كان لها أن تتسرب إلى كتبنا المدرسية بأي حال من الأحوال، خاصة مع وجود مؤسسات التأليف التربوي في بلادنا، و قد رصد هذه الأخطاء المتضمنة في كتبنا المدرسية الخاصة بالطور الابتدائي وحده الأستاذ عبد الكريم مليزي، فوجدها تعد ألفا و ثلاث مائة خطأ، و قد نشر بعضها في جريدة الشروق الصادرة بتاريخ 08 سبتمبر 2014، و هذا وضع لا ينبغي السكوت عنه، بل يستدعي متابعة المتسببين فيه، و العمل على تنبيه المعلمين إليها للتكفل بإصلاحها و تلافي تسربها إلى التلاميذ، و الحيلولة دون تكرارها مستقبلا، لأن العبث بلغة التلميذ و معارفه، هو عبث بمقومات المجتمع بكامله، و ذلك يضر بانسجامه و توافقه، كما يحد من قدرته على التطور و الازدهار، فهلا كنا أكثر حزما في مجال التأليف التربوي، فإنه إذا كان تزييف العملة يضر بالاقتصاد الوطني، فإن تزييف المعارف و اللغة أشد إضرارا بحاضر و مستقبل المجتمع كله، فهلا استوعبنا ذلك و أدركناه ...
ما رأيك أيها القارئ شاركنا بتطلعاتك المستقبلية للمنظومة التربوية