كثير من الناس تقوم حياتهم على الفوضى و العشوائية في كل شيء؛ في عملهم، في علاقتهم الاجتماعية، و كذلك ممارساتهم السياسية و المالية، بل حتى في نومهم و طعامهم؛ و ذلك لعدم امتلاكهم منهجية محددة في الحياة، و غالبًا ما تكون الأهداف التي يسعى إليها غير واضحة المعالم؛ أي: تكون الرؤية ضبابية تمنَع من التعرف على حقيقة ما يُراد في هذه الحياة، و تَحُولُ بينهم و بين تحقيق النجاح المُراد.
من هنا تنبع مجموعة من الإشكالات الجوهرية التي تحتاج للمعالجة و التدقيق فيها، و تتجلى في:
ما هي الآثار السلبية و النتائج التي تترتَّب عن فقدان النظرة الواضحة المعالم التي تَحُول دون تحقيق النجاح؟ و ما هي أهم المهارات المعتمَدة لامتلاك الرؤية الواضحة في الحياة؟ و كيف يمكن للفرد من خلالها أن يحقق النجاح و يَجذبه إلى حياته؟
إننا اليوم في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في طريقة تفكيرنا، و إعطاء الأمور ما تَستحقُّه مِن وقت و جهد؛ فالرؤية الواضحة في الحياة وراء تحقيق كل نجاح باعتبارها منظومة متكاملة من المهارات المكتسبة و المرغوبة، و نظرًا لكون النجاح من أسباب السعادة و مطلبًا يَبتغيه الجميع - دون استثناء - بطرُق متعدِّدة و أساليب مختلفة، فهو لا يأتي صدفةً، بل إنه ثمرة جهد مبذول، و مثابرة تعتمد على العمل الجادِّ و التخطيط الدقيق.
إن الحياة بلا رؤية واضحة ليستْ إلا محض عبث، و مجرد أنشطة غير منظَّمة لا تُثمر شيئًا؛ بحيث يكون الفرد عرضةً لكلِّ شيء باضطراب تفكيره، فيَنعكس ذلك على سلوكاته، و يظهر ذلك جليًّا مِن خلال حالة الفوضى و اللامبالاة الواقعة في ممارساته اليومية.
عندما تغيب الرؤية الواضحة و النظر الإستراتيجي العميق للواقع، تظهر لنا مجموعة مِن الآثار السلبيَّة، و التي تتمثل في:
• التخبُّط في الأعمال و عدم الثبات.
• طول الطريق و عدم سلامته.
• عدم إدراك مآلات الأفعال و تشوُّش الذِّهن.
• كثرة العقبات المؤدية للفشل في الحياة.
• عدم حدوث التغير.
• جلب الفساد أكثر من الإصلاح.
مما يؤدي إلى ظهور مجموعة من النتائج حين تغيب هذه الرؤية المنتظمة:
الابتعاد عن الأعمال المُنتجة التي تحتاج إلى الوقت و الجهد للقيام بها.
الشعور بالملل و الفتور لعدم تحقيق أي شيء يُذكَر.
الهروب أكثر إلى الأعمال السريعة التي لا تَحتاج للوقت و الجهد.
التسرُّع في الحكم على الجهود و تقويمها.
عدم القدرة على مواجهة العراقيل.
الحِرمان مِن التوقُّع المسبق للمشكلات.
تُساعدنا الرؤية الواضحة في معرفة طبيعة المرحلة التي نحن فيها، و الأولويات التي يَنبغي البدء بها، و إلى أين نُريد أن ننتهي، و حدود المَجال الذي سنعمل فيه، فبفضلها أيضًا نُدرك حجم التحديات التي نواجهها، و بذلك نتمكَّن من استبصار الحاضر و استشراف المستقبل، هنا تظهَر أهمية معرفة الذات و اكتشاف الطاقات و الأهداف، عن طريق بناء هذه الرؤية التي تجعل الإنسان فاعلاً و قادرًا على برمَجة ذاته و خَطِّ طريقه.
لا يُمكن للرؤية الواضحة أن تتحقَّق إلا بفعل نسج مجموعة مِن المهارات المكتَسبة و التي يُمكن أن تُجْمَلَ في أربع نقط محورية، هي:
• التنظيم الجيد في كسب الجهد و حسن إدارة الوقت.
• تحديد الأهداف و التخطيط لها بدقة مِن خلال التعامُل معها بالحكمة.
• وضع الأولويات و البدائل.
• التحلِّي بالثقة في النفس في مواجَهة المعيقات و حل المشكلات.
لا بدَّ أن تكون أهدافنا واضحةً أمامنا حتى لا نَفتقِدَ بوصلة السير في خضمِّ سعْي الإنسان لتحقيق رسالته، و الدَّور الذي يعيش من أجله في الحياة على أكمل وجْه، فقيمة الإنسان تتحدَّد بعملِه و إنجازه و عطائه و سعيه في تطوير ذاته وفق تَفكيرٍ سليم، مِن هنا يُثبت الإنسان إنسانيَّتَه و دَوره في الوجود، و بقيامه بواجباته نحو نفسه يتطور ذهنيًّا و فكريًّا بالعلم و المعرفة، و كذلك نحو أسرته و مجتمعه بالحب و المشاركة و الإنتاج، فيَختار واجباته حسب أولويتها، و المهمُّ أن يكون هناك توازُن بينها، فيُحقِّق الفرد النجاح و السعادة في كل ما يقدِّمه و يُنجِزه، و يظهر بذلك الإبداع.
إنَّ وضوح الرؤية يقوِّي القدرة على جذب ما يريده الفرد في حياته من نجاح، و يُمكن تسريع حدوث ذلك عن طريق التركيز على النقاط الثلاث الجوهرية الآتية:
1 - التصالُح مع الماضي للتقدُّم إلى الأمام، بمعرفة المراحل و الحالات التي أوصلت الفرد إلى ما هو عليه اليوم؛ أي: الأمور الإيجابية و السلبية.
2 - استكشاف الطاقات الكامنة في الشخص و تحديدها.
3 - الوضوح مع النفس و كتابة الأفكار لكي ترى بشكل واضِح، و بذلك يتمُّ معرفة ما يُراد تحقيقه في الحياة من نجاحات.
المهم هو السير على الطريق الصحيح في الحياة، و الثبات أمام التحديات، فلا فراغ يستطيع أن يقتلنا، و لا سلبية الآخرين تستطيع أن تتحكم بنا، و لا أهواء النفس تستطيع أن تسيطر علينا.
يحقِّق الإنسان توازنًا و راحةً، و يَعيش في سعادة، و يَستمتِع بأوقاته المنتظمة، و كذا وصوله لنجاح تلْوَ آخر؛ باستنارته بوعيه و نضجه المعرفي في الحياة.
و خلاصة القول:
أنه مَن جعَل الله أولى أولوياته، رتَّب له فوضويات الحياة؛ ليسير في سبيل النجاح وفق رؤية منتظمة تمتاز بالحكمة في التعامل مع الأمور، بعيدًا عن الشك و الغموض و كل القيود التي تكون حاجزًا أمام تحقيق النجاح.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/89220/#ixzz3gQkH9i23
Comments
أظن أنه وقع خطأ في تحرير المقال، كتبه الأستاذأمين أمكاح وليس الأستاذة أمينة أمكاح
RSS feed for comments to this post