ضاعت فلسطين بسبب الفراغ الحضاري الذي كانت تشكوه منطقة العالم العربي الإسلامي و لأن اليهود إبتنوا لأنفسهم شرعية أمر الواقع عبر هجرة إستيطانية، جزء منها وقع في عهد الدولة العثمانية و الجزء الثاني منه حدث إبان الإنتداب البريطاني لفلسطين و الجهة التي حسمت الصراع القائم في الأرض المقدسة بين سكان أصليين و مستوطنين أجانب كانت الشرعية الأممية و المتمثلة في هيئة الأمم المتحدة!!
بعد الإستقلال الظاهري لمعظم الدول العربية و المسلمة، إنتقلت السلطة من الإستدمار الغربي إلي أيدي محلية غير أمينة هي عبارة علي نخبة حاكمة متغولة حرمت شعوبها من أبسط حقوقها كالحرية و العدل و الأمن.
فكان لزاما علي الشعوب أن تتحرر من وصاية غير شرعية و كان لها ذلك عبر إعتصامات و تظاهرات سلمية ضخمة نهايات عام 2010 بدايات عام 2011. فالشرعية التي يمنحها شعب من خلال حراكه المستقل عن أي جهة خارجية، طال الزمن أم قصر يؤتي أكله و أما الشرعية التي تأتي عبر مجلس الأمن و الأمم المتحدة فهي شرعية مطعون فيها. من أعطي الضوء الأخضر للإنتداب البريطاني في فلسطين و من أصدر قرار التقسيم في فلسطين و من أعطي لأقلية يهودية الصهيونية الحق في إقامة كيان غاصب سموه دولة "إسرائيل" في فلسطين ؟ هي الشرعية الأممية التي تتحكم فيها القوي الإستعمارية القديمة و الجديدة.
إحدي خطايا الأنظمة في العالم العربي الإسلامي أنها إنخرطت في الأمم المتحدة و شرعت في الأخذ بقراراتها و قوانينها لتصبح لها الأولوية علي حساب القوانين المستمدة من خصوصيتها العقائدية !
اللجوء إلي الأمم المتحدة بحثا عن دعم و عن شرعية مزيفة، هذا ما لا نتقبله و لا نستطيع السماح به. فقد حان الوقت لننتزع حقوقنا إنتزاعا و إذا ما إنتظر الشعب الفلسطيني أن ينصف من هيئة أممية تأسست لخدمة مصالح الكبار الأقوياء، فهو واهم.
آن الآوان لنراجع عضويتنا في الأمم المتحدة و في محافل دولية أخري كالصندوق النقد الدولي، سياسة التدخل في شؤوننا التي تنتهجها منظمات دولية تمس بسيادة الشعب علي أرضه و بحقه في تقرير مصيره. ليس كل ما هو دولي صائب و الشرعية الوحيدة التي علي الدول إحترامها و حساب لها ألف حساب هي شرعية الشعوب التي تمنحها لحكوماتها و لن يقدر لأي نظام سياسي أو لأي نخبة حاكمة النجاح و الإستمرار إذا ما لم تكن مباديء الحكم الراشد ديدنها.
فأي إتجاه نتجه إليه علينا الإنطلاق فيه أولا و أخيرا من أرض الواقع المحلي و أن نطبق السياسات التي تلاءم الظروف النفسية لشعوبنا، و أن نحرص كل الحرص علي إستقلالية القرار. فما يسمي بالشرعية الدولية ما هي إلا غطاء رسمي لسياسات النهب و السرقة و الكذب و المساومة و الإبتزاز التي تتعرض لها الحكومات و الشعوب. طوينا و لله الحمد صفحة الإستبداد، فالأنظمة الديكتاتورية التي تبقت، تعلم اليوم أن أيامها معدودة و أن وقت الحساب قد آن و أن تظاهرات سلمية و إرادة الشعب العنيدة بإمكانها إسقاط أعتي أنظمة الإستبداد.