توجد حقيقة باتت معروفة لدى كل مطلع على المعارف و العلوم و التاريخ الإنساني، مفادها أن التميز يلتصق دوماً، أو في كثير من الأحيان بالمعاناة، بمعنى لا يمكن أن تحقق نجاحاً و سبقاً، دون أن تجد عقبات و صعاباً، و أحياناً قد يكون أقرب الناس هو من يحاول تثبيطك و كسر تقدمك، ليس كراهية و لا حسداً، و لا عدم حب لرؤيتك متميزاً و متفوقاً، إطلاقاً، و إنما لأنه لا يؤمن بما تذهب له، و لا يؤيد تفكيرك، و يعتبر مساعيك و جهودك و عملك جميعها دون طائل و لا فائدة منها.
هذا واقع و نسمع قصصاً متنوعة حوله، كل فترة من الزمن، و هو طبيعي و اعتيادي، بل يعتبر بديهياً، كون الأفكار الخلاقة المتميزة ثم العمل على تنفيذها صعباً، فهي لا تمر بأي عقل، لذا من البديهي أن يرفضها المجموع العام من الناس و لا يتبناها إلا قلة منهم، لذا يعاني المخترعون و المبتكرون في البداية من سيل الرفض و التجديف ضدهم، و لكنهم بالصبر و المثابرة و العمل بحماس يصلون لمبتغاهم و تحقيق هدفهم، ثم النجاح، هناك ستجد من كان يرفض و يستنكر هو أول من يؤيد و أول من يحتفل.
كثيرة هي المبتكرات الإنسانية التي واجهت في بداياتها رفضاً قبل اختراعها، و قبل الإعلان عنها، بل بعض العلماء و الموهوبين و المبتكرين عانوا من العنف و التعرض للظلم، و البعض منهم فقد حياته و دفعها ثمناً لفكرة أو اختراع، و ما علماء الفلك عن الذاكرة البشرية ببعيد، حيث كانوا يعانون من تسميتهم بالسحرة و المنجمين، لأنهم يرصدون الأفلاك و الأقمار و يدرسون حركة الكواكب و الأجرام السماوية، مثل قصة العالم الإنجليزي إدموند هالي، في عام 1705م، عندما تنبأ بمرور مذنب كل 76 عاماً على الأرض تم تكذيبه، و بعد وفاته، و مرور المذنب وفق التاريخ الذي حدده بدقة، صرخ الناس مذنب هالي مذنب هالي.