لبيك: حج الفقراء...رواية للمفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله نشرت عام 1947م ، و دارت أحداثها في مدينة عنابة حين تنازعتها العادات الأوروبية و الاستعمار، صوّر فيها مالك بن نبي حياة الجزائري البسيط من خلال ابراهيم الذي انغمس في حياته متأثرا بالعادات الأوروبية، و يقرر الذهاب في رحلة الحج فيلتقي بالصبي الصغير هادي و يمضيان معا خلال الرحلة التي تتابع فيها توبة إبراهيم، و شوقه إلى البيت الحرام، الذي يدفعه إلى عبور البحر رغم الفقر و الجوع و المشقّة، في هذه الرواية يعود بن نبي لهوايته الأولى، حيث كان قبل أن يصبح مفكرا و تشغله قضايا المجتمع يريد أن يكون كاتب قصة، تظهر في هذه القصة الروح الجزائرية بخصائصها، كما تناول فيها بن نبي اختلاف العقيدة عبر الحوار بين ربان السفينة و الحجيج.
إسلامنا أيها الأحبة يدعوا إلى التواصل و الأخوة، إنه لدين عظيم، الله المنّان منّ علينا بمواسم تحفزنا إلى التواجد معا، إلى التعارف و التعاون، يأتي موسم الحج، موسم تتوسع فيه دائرة التعارف و الترابط بين مسلمي العالم، ما أجمل تواجد وفود المسلمين في بقعة واحدة محررة من قيود العنصرية، و الجهوية و من أوهام العرقية، و من أمراض العظمة و الفخر بشتى صوره، ثم يأتي العيد ليحمل لنا مزيدا من التواصل و المحبة بين أفراد الأسر في كل المجتمعات المسلمة، ناهيك عن الجمع. مواسم الخير و الاجتماع تتوافد علينا نحن المسلمين لأن الله المنّان منّ علينا بهذا الدين العظيم الذي يحملنا على الوحدة و المحبة و التواصل، المحبة في الله منابر عالية إذا استوينا عليها ارتقينا و رزقنا الله تعالى يوم القيامة منابر من نور أعدّها للمتحابين فيه عن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ( قال الله عزّ و جل : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون و الشهداء) رواه الترمذي و قال حديث حسن صحيح.
بل بالحب في الله ندخل الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم.
(جورج مونبيوت) كتب مقال في موقع صحيفة الجرديان بعنوان عصر الوحدة يقتلنا و جاء فيه:(إننا دمرنا الحياة الطبيعية، و تدهورت معيشتنا، و أسلمنا حريتنا و إمكاناتنا لاطمئنان مزيّف و قاهر، و اعتدنا على البؤس و الغم، و بعد أن استهلكنا كل شيء، تحولنا إلى فريسة لأنفسنا، لقد دمّرنا جوهرنا الإنساني الذي هو قدرتنا على الترابط و التواصل ).
الإسلام يعلمنا العيش سويا في ترابط ، الله عزّ و جل جعلنا أكثر الكائنات الحية تواصلا و اجتماعا، من أسباب وجودنا التكامل مع بعضنا، و الذي يميّزنا على مر العصور عن الأجناس الأخرى من الكائنات الحية هو وجود المجتمع و الترابط و التواصل مع الأخرين، يقول جورج منبيوت في مقاله :( إننا الآن ندخل عصر ما بعد الكائن الإجتماعي، أسلافنا لن يصدقوا ما حدث لنا أبدا، لقد تراجعنا فأصبحنا أكثر وحشية و بهيمية فقدنا عقولنا).
Comments
RSS feed for comments to this post