مقارنة بالماضي القريب، ثلاثين سنة إلي الخلف، كنا لازلنا نعرف طعم النزهة و تصفيف باقات الورد و اللعب مع الحمام في ساحات مدننا و قرانا.
مرعب هذا الشعور الذي يتملكنا و نحن نكاد لا نرفع أعيننا عن شاشة النقال، لوحة الإيباد و الحاسوب، تلفنا وحدة مترامية الأطراف و المخرج قصير المدي، ساعة نمضيها في عجلة من أمرنا لنعود و نتسمر مرة ثانية و ثالثة و هكذا حتي تنطبق جفوننا تعبا.
ما الذي يجعلنا نصرف نظر عن الطبيعة من حولنا و كيف نقابل بعضنا البعض برسائل إلكترونية جافة؟
أين هو التواصل المفعم بالنشاط و المحبة ؟ نصبح و نمسي و لا نعرف عن محيطنا سوي ما نلتقطه علي شبكات التواصل الإجتماعي. نظن خطأ أن العزلة التي نسبح فيها طوال اليوم، باب سحري ينفتح علي عوالم مجهولة. أخفي عنا فضولنا أفراح الروح و أستبدلنا الضوء الطبيعي بأشعة إصطناعية تتلف البصر.
كل همنا أن نعرف ما الذي يجري علي آلاف الكيلومترات منا و نجهل كل شيء عما يحدث علي أمتار منا. نراهن علي عالم إفتراضي و لا نعبأ بالفرص المتاحة في واقعنا المباشر، متي تنجلي غيوم الإنبهار لتصبح إطلالتنا حقيقية ؟ متي نطلق الجمود لنسعي إلي العيش في أبعاد مألوفة ؟ يرافقنا الأمل في غد أفضل، صانعين لمصيرنا، مؤثرين غير منفعلين.
هل ستظل هذه الأمنيات حبيسة السطور أم أنها قابلة للتحول في يوم ما قريب ؟
لا ندري، الأكيد أنه آن الآوان لمراجعة ذاتية جادة، فتغريدة التويتر صامتة بينما أصوات البلابل علي أغصان الأشجار نداء حي و ساحر، مذكرة إيانا بعظمة الخالق و ضآلة المخلوق. أي كانت إغراءات الشبكة العنكبوتية، تحيلنا إحتياجاتنا إلي مجالنا الخاص و العمل ضمن مساحة حرية أفضل بكثير مما يتيحه لنا العالم الآخر، فضاء وهمي لانهائي.