في كل عام تصل قيمة الرشوة إلى ترليون دولار ، فيما تصل قيمة المبالغ المسروقة بطريق الفساد إلى ما يزيد عن تريليونين و نصف دولار، في اليوم الدولي لمكافحة الفساد كان موضوع هذا العام (متحدون على مكافحة الفساد)، و لأن الفساد جريمة خطيرة، و ظاهرة اجتماعية و سياسية و اقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان.
لله عزّ و جل سنن كونية لا تتغير، و الحكماء و العقلاء قديما و حديثا يعرفنها مثال على ذلك: يعرفون أن الظالم مقسوم، و أنه لا بد أن يأتي الله على هذا الظالم و ينتقم منه، لأن الله عزّ و جل قد يمهل الظالم، لكن لا يمكن أن يجعل الغلبة و التمكين له، و إلا لحصل الفساد العريض في هذه الحياة فما من ظالم فله يوم و له نهاية يرى الناس فيها العبرة، مثال ذلك أيضا ما بارز الناس ربهم بالمعاصي إلا عظمت فيهم الفتن، و جعل الله عز و جل بأسهم بينهم و عظم فيهم القتل و الهرج لأنهم خرجوا من أمره الشرعي، كذلك من قدّم الخير للناس إلا وجد أثره، و لهذا لما شكى النبي صلى الله عليه و سلم لخديجة و هي المرأة العاقلة المواسية فقال صلى الله عليه و سلم : ( إنّي خشيت على نفسي ) قالت له رضي الله عنها: ( كلا و الله لا يخزيك الله أبدا، فإنّك تحمل الكل، و تعين على نوائب الدهر و تصل الرحم) عرفت أن من يقوم بهذه الأخلاق فإن الله لا يخذله و لا يضيعه، فكيف بعد الإسلام عندما تقررت هذه الأشياء بالشرع، الجزاء من جنس العمل، هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان، و من بغى و ظلم فإن الله سينتقم منه، هذه سنن كونية عرفها الناس قبل الشرع، ثم جاء الشرع مقررا لها و هذه حقائق عظيمة.
نحن خير أمة أخرجت للناس، و بيدنا الدواء، و العالم من حولنا يتضرر من جراء الفساد العريض و هذه الجرائم، لكن أين العمل ؟
و قد أحسن الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله حين قال : (أنّ العالم في عذاب، و عندكم كنز الرحمة، و إنّ العالم في احتراب، و عندكم منبع السلم، و إنّ العالم في غمة الشك، و عندكم مشرق اليقين، فهل يجمل بكم أن تعطلوه فلا تنتفعوا به و لا تنفعوا ؟ أحيوا قرآنكم تحيون به، حققوه يتحقق وجودكم به، أفيضوا من أسراره على سرائركم، و من أدابه على نفوسكم، و من حكمه إلى عقولكم، تكونوا أطباء، و يكن منكم الدواء) أثار محمد البشير الإبراهيمي.
على المسلم أن لا يستسلم للظروف، عليه أن يبذل ما بوسعه لإصلاح ما فسد في نفسه و في ما حوله، حتى يصير بإذن الله الفاسد إلى صالح، و الصالح إلى ما هو أصلح منه.