عن الطبراني عن أبي أُمامة و أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال : (( لمّا خلق الله العقل قال له : أقْبِل فأقْبَلَ، ثمّ قال له : أدْبِر فَأَدْبَرَ ، قال : و عِزَّتي و جلالي ما خلقْتُ خلْقًا أحبَّ إليّ منك، بك أُعطي، و بك آخُذ)).
يقول الدكتور محمد النابلسي: (( أي إذا أعْمَلَ الإنسان عقلهُ اسْتحقّ عطاء الله عز و جل، و إذا لمْ يُعملهُ أهلك نفسهُ، لذلك يقول عليه الصلاة و السلام : " من لا عقل له لا دين له، و من لا دين له لا عقل له، و تبارك الذي قسمَ العقل بين عباده أشتاتًا، إنّ الرّجلين ليسْتوي عملهما، و بِرُّهما، و صَوْمهما، و صلاتهما، و يختلفان في العقل كالذرَّة جنْبَ أُحد، و ما قسم الله لِعِباده نصيبًا أوْفرَ من العقل و اليقين " لذلك آيات القرآن الكريم طافحةٌ بقوله تعالى : أفلا يعقلون ؟ أفلا ينظرون ؟ أفلا يتفكّرون ؟ أفلا يسمعون ؟ أفلا يبصرون ؟ لمّا خلق الله العقل قال له : أقْبِل فأقْبَلَ، ثمّ قال له : أدْبِر فَأَدْبَرَ، قال : و عِزَّتي و جلالي ما خلقْتُ خلْقًا أحبَّ إليّ منك، بك أُعطي، و بك آخُذ .
((يا أيها الأخوة المؤمنون؛ قليلٌ من التفكير الصحيح، قليل من إعمال العقل، قليل من التبصُّر، قليل من التدبّر، إذا فكَّرْت، و إذا تدبَّرْت، و إذا تأمَّلْت، و إذا أبصرْت، رأيْت أنَّ السعادة كلَّ السعادة في معرفة الله تعالى، و أنّ الشَّقاء كلّ الشّقاء في البُعْد عنه)) انتهى كلامه.
فمن هنا نستطيع أن نقول لا بد من التدبر و تحكيم العقل، فيما هو صواب، و فيما ما هو غير ذلك... و خاصة إن كانت هذه الأفعال أو تلك، تصدر من عقل رزين مثقف، و يحدث أحيانا أن لا نستطيع عقولنا تفسير ما نراه من قلة ذوق، أو قلة أخلاق، فتجدنا نصاب بالدهشة و الحيرة.
من المتعارف عليه أن تربية الطفل تبدأ من الأسرة و من الوالدين أساسا، و بعد سنواته الأولى، يدخل إلى المدرسة لكي يضيف إلى شخصيته ملامح أخرى جديدة، و بعض المهارات التي تكون له في حياته المستقبلية أدوات ضرورية إثبات ذاته و تأكيد شخصيته...
و من المتعارف عليه كذلك، أن من يتكفل بتربية التلميذ و تعليمه، ينبغي أن يكون هو في ذاته قدوة صالحة ليتأسى به التلميذ في مسلكه و كلامه و هندامه...
و مما يحز في القلب، أن ترى بعض أساتذة اليوم لا يأبه بهذا المطلب و لا يلتفت إلى هاته المعايير و التي هي تعتبر المصدر الرئيس الذي يستمد منه التلميذ كل القيم الفاضلة، و المبادئ المثلى لكل ما هو جميل و فاضل... لذا ترانا نستغرب من اللذين يلبسون بعض اللباس الذي ليس له أي صلة بأخلاق الأستاذ المربي، مما قد تجد مكتوبا عليه باللغة الأجنبية كلمات غير لائقة تماما لا بالأستاذ، و لا بالمدرسة، و لا بالتلميذ، و في أماكن غير محببة في الجسم ...
و هنا يحق لنا نسأل قائلين: أين هو دور المدير (ة)، حتى و إن لم ينتبه الأستاذ، فلا بد من عين تراقبه، لأن الأستاذ عندما يلج من باب المدرسة، لم يعد يمثل نفسه، بل أصبح يمثل منظومة تربوية متكاملة فكريا، و عقليا، و أخلاقيا، و بيداغوجيا...أصبح يمثل عالم الفضيلة و القيم السامية و المثل العليا، و هو مدعو إلى أن يدم التربية الصالحة للتلميذ عمليا و تطبيقا من خلال مظهره و مسلكه و كلامه و أساليب تعامله مع الغير... فإذن يجب على الأستاذ و على كل القائمين على المؤسسات التعليمية ان يتنبهوا إلى أن التربية البعيدة الأثر و الباقية على امتداد العمر هي التربية التي تعززها الأفعال بعد الدعوة إليها بالأقوال...
Comments
RSS feed for comments to this post