سلسلة " حكايا الانتظار "
في قاعات الانتظار قد تختم قراءة رواية كاملة .. ثمّ تستمع لحكايات من حولك فتلهمك بكتابة ألف رواية ..
02- حفيدة الإبراهيمي
لا أحد استقبلني - بعد أبنائي- مثلها.. وصلت إلى المدرسة العليا للتجارة بالقليعة، و كنت أول الواصلات غالبا في مثل هذه اللقاءات الوطنية .. و في انتظار إتمام إجراءات الإقامة سارعت إلى مقعد قريب القي عليه بجسدي المنهك من تعب السفر..
و إذا بفتاة هناك تسبقني و تستقبلني بابتسامة كالقمر ليلة البدر يلفها خجل بديع، و صوت رخيم زاوج بين هدية تختزن حكمة تكبر سنها و بين لباقة تنبئ عن خلق رفيع و تربية عالية ..
ألقيت عليها التحية فحيتني بأحسن منها .. و عرفتها بنفسي فتهلل وجهها أكثر و كأنما سرت في عروقها دماء صنعت من كريات الحب الحمراء و كريات الاحترام البيضاء، و قالت أنها تعرفني من خلال كتاباتي في جريدة البصائر وأنها من المتابعين الأوفياء لركني فيها .. و عبرت عن مشاعر حب راقية يحار اللب كيف خلقت من غير لقاء بيننا، و يخجل القلب أن تمر دون أن يسجلها بماء الذهب بين أضلعه. و أولى هداياها حضن لم يكن ككل الأحضان في صدقه و دفئه و حرارته تأنس له الروح من أول وهلة و يلج القلب بلا استئذان ..
عرفتني باسمها.. و هو من أقرب الأسماء لقلبي و جل الذين عرفتهم بهذا الاسم رائعين و طيبين كأنما الطيبة خلقت لهذا الاسم .. و من جميل الصدف أنّ اسمها مر بي قبل هذا اللقاء بأيام فقط، في تهنئة من شعبتها لها و لصديقتها بمناسبة تخرجهما بتفوق نشرت لهما بجريدة البصائر .. و أذكر أنّ اسمها لفت انتباهي يومها و رسخ في ذاكرتي و حدثتني نفسي في لحظة خاطفة برغبة في التعرف على مثل هذه الطاقات التي نأمل فيها حمل المشعل باقتدار ..
و سبحان الذي ألف بين قلبين كان أول تعارفهما كلمات كتبت على جريدة .. و اللطيف أنّ الجريدة أنشأها أمير البيان و القلم الشيخ البشير الإبراهيمي الذي تتسمى أميرتنا باسمه، لم ألتق بعد بأحفظ منها لكتاباته و لا أكثر حبا و تقديرا منها له و لنهجه رحمه الله .. هي " حفيدة الإبراهيمي " اسم على مسمى جمعتني بها أجمل لحظات انتظار .. ثم جمعتنا غرفة واحدة و مقعدا واحدا في قاعة محاضرات الجامعة الصيفية الرابعة للجمعية .. و جمعتنا بعدها نفس النبضات لجمعية استوطنت بقلوبنا نفس الحب ..