؟إن التخطيط الممَنهج الجاد للعائلة ككل له إيجابياته، فما بالكم بالتخطيط للعُطل المدرسية سواء أكانت الشتوية أو الربيعية أو الصيفية، التي تمنح للتلاميذ، فذلك ضروري حتى نغرس في أبنائنا و بناتنا مبدأ حسن استغلال الوقت، و نعودهم على توظيفه التوظيف الأمثل، حتى لا تذهب حياتهم هدرا.
ففي كثير من الأحيان يقوم بعض الوالدين بشكل شعوري أو لا شعوري، بمنح أبنائهم الحرية المطلقة بدون ضابط و لا توجيه، لأن مفهومهم للعطلة مفهوم خاطئ كل الخطأ، إذ هي تعني لهم تحرر التلميذ من تلك الدروس المرهِقَة و المذاكرة و الامتحانات و القيام باكرا في حين أن العطلة تعني استبدال نشاطات مفروضة بنشاطات مرغوبة، أي أن تكون فرصة لممارسة الهوايات المفضلة، كالمطالعة، و الرياضة و السياحة، أو العمل الاجتماعي التطوعي، و لا تعني بتاتا التوقف عن أي نشاط، لأن الذي يتوقف عن النشاط إنما هو الكائن الميت، أما الكائن الحي فلا بد له من القيام بنشاط ما، و من هنا ينبغي للأبوين تصحيح مفهومهما للعطلة التي تعني عند البعض العَطَل، و الذي يعني بدوره الخلل الذي يمنع الآلة من آداء وظيفتها بشكل سليم.
ثم إن الأبوين حينما يطلقان العنان لأولادهما بهذه المناسبة، يتسببان في خطأ لا يمكن تدارك آثاره و معالجة نتائجه الضارة، لأن الصفات التي سيكتسبها الطفل في هذه العطلة تصبح ملازمة له – و لو لمدة، و قد تصبح عادة راسخة، و ممكن أن تصبح جزءا من شخصية الطفل، و يتعب الأبوان في العودة به إلى ما كان عليه، خصوصا إن كان في سن المراهقة كالنزوع إلى الكسل، و حب النوم، أو مشاهدة المسلسلات، أو السهر مع الأصدقاء إلى ساعة متأخرة من الليل.
و يحدث ذلك غالبا نتيجة عدم التخطيط لهذه العطلة بما يكفل للطفل الاستمتاع بها، و الانتفاع منها إذ ينبغي على الآباء وضع نصب أعينهم توظيف الفراغ الذي تتيحه العطلة، بما يعود على أبنائهم بالنفع، و ذلك بإشغالهم بالأنشطة المتنوعة، كالذهاب إلى حدائق الحيوانات و حدائق الألعاب التي تتناسب مع سنهم و الخروج إلى الغابات أو الذهاب مع مجموعة من الأصدقاء و بمرافقة الأولياء أو الذهاب إلى نزهة مع مجموعة الكشافة إلى غير ذلك من الأنشطة التي يجد فيها الطفل متعته، و يكتشف نفسه، و يتعرف على محيطه و يوسع من آفاقه.
و من مضمون هذا التخطيط الإبقاء على العادات الصالحة التي سبق لنا أن اكتسبناها في وقت الدراسة، فمثلا الاستيقاظ باكرا، و جعل وقت لمراجعة الدروس، كل هذا له الأثر الطيب إن أحسن الأبوان توجيه أبنائهم، كذلك بالنسبة إلى زيارة بعض المكتبات للقراءة، أو لبحث علمي أو أدبي يعود عليهم بالنفع، و لا ننسى كذلك وقتا مخصصا للعب، لأنه مهم جدا، لأن بعد هذه الفترة من الترفيه يعود الطفل إلى واجباته و هو كله نشاط و حزم.
و لا يغيبن عنك أيتها الأم و يا أيها الأب أن السماح لأبنائك بقراءة المجلات الهابطة، إنما يحمل ولدك على تعلم الفساد، و كذلك من يسمح لأبنائه برؤية المسلسلات الفاسدة، إنما يبذر في نفوسهم الفسق و الزيغ و الضلال، و الأم و الأب اللذان لا يهتمان بمعرفة أصدقاء أبنائهم و من يصاحبون، سيجنون ثمار ذلك حنظلا، و الأدهى من ذلك أن يمارس الأهل هذه المحرمات أمام أبنائهم، حيث ينظر الأبناء إلى الآباء دوما كبطلين جديرين بالتقليد، فلنتق الله في أبنائنا فنحن لهم رعاة و كل راع مسؤول عن رعيته كما جاء في الحديث.
الرابط :