إذا قورنت المرأة العربية في كل أنحاء البلاد المسلمة مع نظيرتها في سوريا أو فلسطين، أو تونس أو ليبيا، بما ابتلاها الله من هذه الحروب التي تجد نفسها فيها، إلا و تردد الحمد لله على نعمة الأمن و الأمان و الصحة و العافية، فكم من نعمة يتقلب الإنسان فيها و لا يعرف قيمتها إلا حين تُسلب منه، و نعوذ بالله من السلب بعد العطاء.
و لا يسع أي أحد إلا و أن يتأثر التأثر العميق مما يراه من معاناة الأم و الأخت و الزوجة و الطفل السوري اللاجئين، و ما يتبعه من عبء ملقى على أكتاف المجتمعات التي تستضيف اللاجئين في الأردن، و مصر، و لبنان، و العراق، و تركيا، ...
و لا يزال تدفق اللاجئين السوريين من نساء و أطفال و شيوخ، أصحاء و مرضى، حوامل و مرضعات إلى هذه البلدان و غيرها مستمرا، و قد ارتفع العدد بشكل كبير منذ بداية العام ليصل إلى مليون. و أشارت التقارير إلى أن نصفهم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما، و أن من بين كل خمسة لاجئين طفلاً يقل عمره عن خمسة أعوام، و أنهم جميعا يعانون من أمراض بسبب المناطق التي هم فيها، إلى أن وصلا بهم و بأبنائهم المعاناة إلى حد الإصابة بوباء "الجرب" الذي انتشر بين الكبار و الصغار، و ذلك كما قلنا لافتقار البيئة التي يحيون فيها إلى المياه اللازمة، ناهيكم بالصدمات النفسية التي ليس لها أول و لا آخر، بسبب فقدانهم لأفراداً من عائلاتهم، و ها هم يئولون إلى مخيمات بائسة يعتمدون فيها على سخاء البلدان المضيفة، و استجابة الوكالات الإنسانية و الدعم المالي من جانب الحكومات و الأفراد.
إن نساء الشام و أطفالها يعانون الأمرّين في مخيمات اللاجئين، على كل الأصعدة، و تشير التقارير أيضا إلى ارتفاع نسبة الولادة المبكرة بسبب سوء الأحوال النفسية و الغذائية، و الخوف الذي يعانين منه بسبب استمرار عمليات التهجير و الفرار من البلد....
تقول السيدة سمانثا كاميرون، سفيرة أنقذوا الأطفال:" لقد كان مؤثرا و ملهما جدا لقاء هؤلاء الأفراد الشجعان، و الكثير منهم أطفال، و الاستماع لقصص نجاتهم و تشردهم، و ما فقدوه نتيجة القتال. علينا مضاعفة جهودنا لتنفيذ ما تعهدت به الدول المانحة خلال مؤتمر الكويت، و مساعدة من هم في أمس الحاجة للمساعدة".
و قد تحدثت إلى الأطفال الذين شهدوا حالات القتل الوحشي لآبائهم و إخوانهم، و أمهات فقدن أبناءهن برصاص القناصة، و عائلات أجبروا على هجر بيوتهم تحت الرصاص، و هم لا يحملون معهم سوى ما يرتدون على أجسامهم. لقد واجهت العائلات عنفا رهيبا، و هم يعيشون الآن في ملاجئ متواضعة، و يتلقون كميات محدودة من المواد الغذائية و المياه و الأدوية.
و هذا ما كان تعليقهم
- طفلة عمرها 10 سنوات شاهدت أمها و قد قتلت بعد قصف منزلهم، بينما أبوها مازال مفقودا في سورية
- طفلة عمرها 13 عاما تحدثت عن الأهوال التي شهدتها أثناء القصف المتواصل، و ساعدت في سحب جثة عمها، بعد أن قتل نتيجة إطلاق النار عليه في الشارع
- أم قتل طفلها الذي لم يتجاوز عمره العامين برصاص قناصة، أمامها و أمام أطفالها الستة الآخرين
- أم وجدت صعوبة بالغة، نتيجة القصف المتواصل و رصاص القناصة، في الحصول على الرعاية الصحية في سورية لطفلها الذي يعاني من إعاقة شديدة.
كل هذا و ذاك هو غيض من فيض مما تعانيه الشعوب خصوصا المرأة و الطفل، و لا ملجأ لهم و لا مفر إلا الصبر و التجلد، و مع ذلك نجدها في مواقف كبيرة كهذه شامخة، عالية، محتسبة. كما عودتنا المرأة العربية المسلمة، لك الله يا أخت الشام أنت و طفلك.
say.amal