بعد التحية التي تعبق بكل الروائح الزكية، من بلاد الجزائر الأبية، الصادرة من أعماق قلب اعتصره الشوق إليكن، و صبا إلى لقائكن، في رحاب قدسنا الشريف، و مسجدنا الأقصى مسرى رسولنا الكريم، صلى الله عليه و سلم، و معراجه إلى حيث تلقاه الرب العظيم، لقد وددت و الله لو شاركتكن الرباط في تلك البقاع، و لكن وا حسرتاه، ما كل ما نرجوه ندركه، و لا كل ما نتمناه نبلغه، و إذ فاتني أن أكون بجانبكن و أشارككن في مصاولة العدو بالصارم و السنان، فلا أقل من أن أشيد بفضلكن بلساني، و أن أبدي لكُنَّ ما أضمرته لكن من إعجاب في جناني، ألا فاعلمن علم اليقين، أنَّكُنَّ في هذا العصر، قلادة الدهر، بارك الله فيكن و في ذرياتكن، لقد صدعتن بالأمر، و قاومتُنَّ القهر، و لزمتُنَّ الصبر، و أثبتن أن الشجاعة ليست مقصورة على الرجال، بل قد تتعداهم إلى ربات الحجال، و هي عندهن نادرة المثال، كيف لا و قد رأيت بأم عيني بعضكُن، و قد أحاط بها العديد من جنود المحتل الغاصب، و هي تتصدى لهن كالليث الغاضب، بادية التصميم ثابتة لا تريم، و إنكن و الله بصبركن و ثباتكن و إصراركن على مغالبة العدو مع امتناع الوسائل، و قلة الناصر، و انعدام الزاد، تؤكدن أن الإرادة هي مفتاح الخلاص، و أن العزم و التصميم هما الأصل و الأساس، ثم لا يحزنكن أخواتي الكريمات انصراف الناس عنكن، و التمسن لإخوانكن من العرب و المسلمين العذر فيما أبدوا من جفاء، فأنتن عل علم بما حل بالبلاد، و ما قد ناب العباد، فقد حل بالكثير منهم الدمار، و هدمت الديار، و تشرد الكثير منهم في الأمصار، و لكنني أجزم أنهم و هم على تلك الحال، يعز عليهم ما تلاقونه من الأنذال، و لكن ما باليد حيلة، فالعين بصيرة، و اليد قصيرة.
أخواتي الكريمات، ها هو عيد الأضحى قد أهل، فما هي إلا أيام فيحل، و بهذه المناسبة العظيمة، التي يستفز الناس فيها الفرح، و يتناسوا و لو إلى حين ما يثقل قلوبهم من أسى و ترح، أسأل الله لكن أن يربط على قلوبكن، و أن يثبت أقدامكن، و أن يحبط كيد عدوكن، و أن يجعل النصر حليفكن، و أسألكن أن لا تحرمن أمتكن الإسلامية و العربية من جميل دعائكن، فأنتن حريات أن يستجاب لكن لكونكن في رباط...