(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 03 آذار/مارس 2024 09:36

عليكم بالصدق... (3)

كتبه  الأستاذ محمد سبرطعي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تواصلنا في الحلقتين السابقتين و قد تحدثنا عن نوعي الصدق المرتبطين بضمير الإنسان و ربه، و كذا فكر الإنسان و نفسه، و سنتحدث هنا عن النوع الثالث المتعلق بسلوك الإنسان و واقعه، و هو الصدق مع الناس.

و قبل بدء الحديث أود الإشارة إلى شيء تربوي، و هو أن سلوك الإنسان بصفة مجملة ثلاثة أثلاث، اثنان منها مرتبطان بعقيدة الإنسان و تربية النفس، و الثلث الثالث هو ما يرتسم على واقع الحياة، و في حالتنا هذه فإن سلوك الصدق في الواقع يسبقه صدق مع الله و صدق مع النفس، و هذا ملمح وجب على الآباء و الأمهات و كل من يتصدى للتربية و التوعية أن يدركه و هو أنه إذا أردت تغيير أي سلوك لأي إنسان فابدأ في ربط السلوك بالله تعالى و بدّل إدراك الإنسان في نفسه حول السلوك تكون النتيجة تلقائية بإذن الله ترضي الله سبحانه و يسعد به الإنسان في الآخرة و الأولى.

ثالثا: الصدق مع الناس

هو النوع الذي يترجم النوعين السابقين و يكون تابعا لهما، فإذا وجدت إنسانا غير صادق مع الناس فمكمن الخلل – لا محالة – إما في صدقه مع الله أو صدقه مع نفسه أو منهما معا.

الصدق مع الناس مطابقة الأقوال و العناوين للأفعال و المضامين، فلا يقول الإنسان قولا و يكون فعله عكسه، بسم الله الرحمن الرحيم " كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون "

الصدق مع الناس هو علامة المؤمن الحق فقد أنكر النبي صلى الله عليه و سلم و اشتد نكيره أن يكون المؤمن كذابا ، كلاّ... أتعلم لماذا؟

لأن الكاذب يستبيح كل شيء و لا يتورع عن أي فعل مهما كانت شناعته ثم ينكر اقترافه إياه، فهو يزني و يسرق و يشرب الخمر...

أما المؤمن فإن أقواله صادقة على طول الخط و لو على نفسه أو والديه، بسم الله الرحمن الرحيم " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين ".

و هو يفعل هذا امتثالا لأمر الله سبحانه و كذا اعتقادا منه أن الصدق منجاة و الكذب مخيّب، بسم الله الرحمن الرحيم " ...فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم " و أن عاقبة الصدق دوما إلى فلاح و حسنى و الكذب إلى خسران و بلوى.

و المؤمن يصدق في أقواله و مواقفه لأنه متيقن من كلام ربه أن تأشيرة النجاة يوم العرض الأكبر هي الصدق "قال الله هذا يومَ ينفع الصادقين صدقهم... " و إذا فُقدت هذه العملة فقد صعٌب على الإنسان مصيره - نسأل الله السلامة -.

و يتجنب المؤمن الكذب لأنه علامة المنافق قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " آية المنافق ثلاث:... و إذا حدّث كذب ... " و هو باب الشر و مفتاح الخسارة و عبّارة الندامة و مرسى الخطيئة و موئل المنحرفين.

و المؤمن يصدق لأن دوام الصدق يورث مرتبة عظيمة عند الخالق و المخلوق هي مرتبة الصدّيقيّة و هذه لا ينالها إلا من تحلى بالصدق و عمل به و عُرف عنه.

و إن من الصدق أيضا الوفاء بالعهد و إنجاز الوعد " و الذين هم لأماناتهم و عهدهم راعون ". لأن من لم ينجز ما وعد به و لا يفي بما عاهد عليه فقد خيّب الناس الذين وضعوا عليه آمالهم و كان حقا على الله أن يخيّبه فيه – نسأل الله العافية -.

فاللهمّ إنا نسألك تمسكا بالصدق و أهداب الصادقين، و أن تقِيَنا الكذب و سوء منقلب الكاذبين، و أن تطهر قلوبنا من النفاق و أعمالنا من الرياء و ألسنتنا من الكذب و أعيننا من الخيانة، إنك تعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور.

  

قراءة 152 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 06 آذار/مارس 2024 09:01