ثم في حالة ما كان الأمر كذلك أي أن الإتفاقيات تعني دولة مصر و كيان العدو وحدهما، لماذا إدعت مصر منذ جمال عبد الناصر و قبله أن حربها علي العدو الصهيوني كان منطلقها الإنتصار لحقوق الفلسطينيين ؟
ثم نري في الفقرة الأخيرة كيف أن ذلك السلام الذي كانت تنشده دول الإستكبار كان متبوعا بإنقاص من سيادة دولة مصر علي أراضيها في شبه جزيرة سيناء و قد قبلت علي نفسها دولة السادات مثل تلك المعاملة المهينة و تنازلت عن قدر كبير من سيادتها علي أرضها في سيناء بدعوي أنها تنشد السلام مع دولة جارة. فلنا أن نتساءل كيف تحول كيان غاصب محتل لأرض فلسطين إلي دولة جارة وجب علينا مسالمتها و إنهاء حالة الحرب معها عوض أن نعمل علي تحرير الأرض بقوة السلاح ؟ و لماذا نبحث عن السلام مع كيان بني علي إغتصاب أرض مسلمة مقدسة و تفريغها من سكانها الأصليين ؟
بينما إعترفت هيئة الأمم المتحدة بحق الشعوب في مقاومة الإحتلال و السعي إلي تحرير بلدانهم بكل الوسائل الممكنة بما فيها اللجوء إلي السلاح بإصدارها لقرار رقم 3034 ( الدورة 27 بتاريخ ديسمبر 1972 و نص القرار ستجدونه كاملا في نهاية هذا البحث المتواضع[1] .
ثم علينا بضبط مفهوم جد مهم بالنسبة لنا في إدارة الصراع بيننا و بين الصليبيين و الصهاينة في أرض فلسطين، لماذا خاضت الدول العربية حرب 1948 هذا بعد ما رفضت قرار التقسيم التي أصدرته هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 1947 ؟
لسبب بديهي، أنه لا يحق لنا التنازل عن فلسطين 1948 أو عن أي جزء من تراب فلسطين للعدو المحتل. فلماذا ما لم نقبله في 1948 و قد كنا دولا مستعمرة أو تحت الهيمنة البريطانية الفرنسية الأمريكية، قبلناه اليوم و صرنا نتعامل مع وجود كيان غاصب كدولة قائمة بذاتها و علي أن وجودها مفروغ منه ؟ من أعطي الشرعية لهذه الكيان الغاصب ؟ محفل دولي يمثل دول الإستكبار المعادية لديننا و لحضارتنا و لوجودنا و هو مجلس الأمن في الأمم المتحدة !!! فهم أعطوا ضحايا النازية ما لا يملكون، أعطوهم أرضا ليست أرضهم !!!
ماذا كان مطلوبا منا في السبعينيات من القرن الماضي ؟
كان مطلوبا منا مسح عار هزيمة 1967 بإستعادة سيناء و فلسطين 67 بما فيها القدس و الحفاظ بعدها علي حالة لا حرب لا سلام مع العدو دون توقيع أي معاهدة سلام أو إستسلام معه. فالوضع الجيوإستراتيجي آنذاك كان يسمح لنا بأن نخوض حربا نسترجع فيها جزءا عزيزا من فلسطين التاريخية و في حالة إنتصارنا العسكري لم يكن بوسع واشنطن أن تملي علينا أي شيء و قد كان بإمكان آنذاك العدو أن يقبل بحالة لا سلام و لا حرب عندما يري عزيمة العرب و المسلمين علي عدم الدخول معه في مسلسل سلام مخزي، بالرغم أن غولدا مائير[2] و من قادوا العدو بعدها كانوا يحضرون لصفقة الإستسلام و ليس السلام، سلام الإعتراف بحق اليهود الصهاينة المغتصبين في أرض فلسطين 1948 و هذا ما يقره بالحرف كورت والدهايم الأمين العام للأمم المتحدة السابق في مذكراته بعنوان "في قلب الإعصار"[3].
إلا أن قلب أوراقهم كان بيدنا إلا أننا لم نفعل ذلك بل ذهب الرئيس السادات إلي القدس و قايض نصر حرب أكتوبر بسلام دائم و إسترجاع سيادة غير كاملة علي أرض سيناء و أما القضية الفلسطينية فقد تعامل معها السادات و من منطلق إعترافه بحق اليهود الغاصبين في أرض 1948 أنه من هنا فصاعدا علي العرب و الفلسطينيين أن يمحوا آثار العدوان الصهيوني علي أراضي فلسطين 1967 و فقط!!
* مضمون إتفاقيات أوسلو - واشنطن :