المسلم أكثر أتباع الديانات خلودا إلي متاع الدنيا الزائل في زماننا الحاضر، لماذا يا تري ؟ هل العلة فيه أم في دينه ؟ هكذا يتساءل المتشككون و نحن نعلم أن العيب في نفس المسلم المريضة و ليس في دينه، فالإسلام دين مكارم الأخلاق.
عندما نقلب نظرنا في أحوال مجتمعاتنا، أول ما ننتبه إليه الضعف الذي يعاني منه الإنسان المسلم في مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء و كيف أن الأهواء تتقاذفه يمينا و شمالا.
فالفرد عندنا لا يقيم وزنا لطاعة خالقه، فلا يتعامل بجدية بالغة مع الأمر الإلهي الوارد في الآية القرآنية 13 سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم (و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار) و في الآية 52 من سورة النور قال جل و علا ( و من يطع الله و رسوله و يخشي الله و يتقه فأولئك هم الفائزون) و نهانا عن طاعة الغافل المتبع لهواه في الاية 28 من سورة الكهف ( و لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و أتبع هواه) لكن هل نتعظ ؟
يعيش كثيرون في غفلة و ينسون أن هذه الدار ما هي إلا دار عمل و أن الجزاء يترقبنا هناك، خيرا فعلنا أم شرا.
كثيرون لا يتبعون توحيدهم بأعمال ملموسة في واقعهم، كذلك الشخص الذي يصلي صلاة في وقتها و يحارب زميلته في العمل حرب ظالمة و عندما إستوضحت منه سبب عداءه لها، برر موقفه الظالم ذاك بأنه لا يرتاح لإستقاماتها !!! هل يعقل أن نحارب بعضنا البعض علي الإستقامة الأخلاقية ؟ هل يعقل أن لا يردعنا توحيدنا عن الشر ؟ و ماذا نسمي هذا الموحد الذي لا يخاف الله في الآخرين ؟
هذه الإزدواحية بين الإقرار برب واحد و بمحمد كخاتم للأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام و بين سلوك فردي و جماعي مخالف تماما للإعتقاد، هي السبب الرئيس في إنحطاطنا و تخلفنا.
فماذا نسمي إيمان لا يصلح ما في الإنسان من سوء نية و من سوء الخلق ؟ كيف نقابل الله في الصلاة يوميا و لا نخجل من سلوكاتنا العاصية ؟ كيف تمر علينا الأيام و الأسابيع و الشهور و الأعوام دون أن يخالجنا شك في سيرتنا المريضة ؟
كيف نتعامل بهذه الخفة مع وعيد و إنذارات الله المتكررة لنا ؟ هل نحن خالدون كي لا نفكر في عواقب أفعالنا ؟ هل الموت تزور دائما الآخرين و لا تطرق بابنا ؟
فالخروج من عنق الزجاجة يفترض صحوة أخلاقية، فلا بد لنا من وقفات متكررة مع أنفسنا و مع أهلنا و مع مجتمعنا الكبير لنجنح إلي تصحيح أخطاءنا و التخلص من عيوبنا و نتوب عن ذنوبنا. و بدون معاينة دقيقة و صادقة لسلوكاتنا لن نتمكن من إصلاح جاد و حاسم. و قبل محاسبة الغير علينا بأنفسنا، فالأوضاع لن تتحسن طالما تساهلنا مع تقصيرنا، فإستشعار الله حقا يكون بتقواه و خشية المثول بين يديه يوم الحساب خالين الوفاض.
فهل نعي أن قصر العمر لن يمهلنا إلي ما لا نهاية و أحيانا تفاجئنا المنية، فلا نكون قد دخرنا شيئا من الأعمال الصالحة و الحسنات، فالله يمهل و لا يهمل.
Comments
to thank you for your time for this wonderful read!! I definitely loved every part of it and i also have you book-marked to look at new stuff in your site.
RSS feed for comments to this post