تعرفت عليها و أنا أزور إحدي صديقاتي المقربات من اللواتي تعمل في إحدي جامعاتنا، كان ذلك اليوم مشمسا و بقيت أنتظر صديقتي الدكتورة في الحديقة إلي حين ما تنتهي من عملها في مخبرها.
مرت بي مسرعة ثم تراجعت خطوات إلي الخلف لتقف أمامي، نظرت لي بتركيز ثم سألتني :
-هل تنتظري أحد سيدتي ؟سألتني.
-نعم.أجبتها.
ترددت لحظات ثم إستجمعت شجاعتها و قالت لي :
-إنني في حاجة إلي نصيحة سيدتي.
جلست إلي جنبي و قلت لها إبتداءاّ
-إنك لا تعرفينني، كيف تطلبين مني النصيحة ؟
-إرتحت لك من أول ما نظرت لك.
-أستمع إليك.
-إنني طالبة في مرحلة ما قبل التخرج بعام و كوني أحضر رسالة ماستر، أحيانا أحتاج إلي الأستاذ المؤطر لرسالتي و هو في كل مرة يطلب مني الذهاب إلي مكتبه و أول مرة فعلت لم أرتاح لأنني وجدت علي مكتبه قارورة خمر و جزء من حديثه كان فيه تلميحات غير أخلاقية. لهذا توقفت عن زيارته في مكتبه و صرت أطلب منه النصح في قاعة الدرس أمام الطلبة.
-جيد. قلت لها.
-المشكلة أنه يرفض أن يتابع عملي مشترطا علي مقابلتي في مكتبه و كوني رافضة للفكرة تعطل جهدي العلمي، في رأيك ماذا يجب أن افعل ؟
-ما إسمك ؟
-سحر.
-ما شاء الله، مطلوب منك أمر، أن تواصلي علي نفس الوتيرة بحثك العلمي و خوذي معك إحدي زميلاتك إلي مكتبه و أطلبي منه صراحة أن يخفي قارورة الخمر مذكرة إياه بثوابت دولتنا. أجبتها.
-هل تعتقدي أنه من السليم أن أذهب إلي مكتبه ؟
-لا، لا أري ذلك من السليم لكن الأحوط لك أن لا تكون هناك خلوة بينه و بينك و لكي تسحبي منه أي حجة فأي تصرف خطأ يصدر منه حينها سيكون لصالحك. شرحت لها.
-سأحاول سيدتي، هل تتكرمي بإعطائي رقم هاتفك هكذا سأبلغك بنتيجة ما سوف أقوم به و طلب مشورتك إن إحتجتها مرة أخري.
ناولتها رقم هاتفي.
بعد أسابيع إتصلت بي الطالبة الكريمة :
-بورك فيك، فالرجل إرتدع من أول ما ظهرت مع صديقتي المقربة و هي زميلتي و نحن الإثنتين طلبنا منه بنزع الخمرة من فوق مكتبه و إن كان أبدي نوع من التلكأ في متابعة تصحيح رسالتي إلا أنه إستوعب رسالتي جيدا و المضحك أنه طلب مني أن لا آتيه إلي مكتبه مرة أخري و أنه سيكتفي بأخذ نسخة من عملي و إيفادي إلكترونيا بملاحظاته.