في فلسطين نقاوم عدو صهيوني ظاهر و أما في بلادنا فأكبر عدو لأي نهضة أو إزدهار هو تحالف الرديئين و الفاسدين المفسدين.
ليس هناك أفظع علي المرء من معايشة الرداءة التي يروج لها سلوك ضعاف النفوس و الإيمان و الذين ينتشرون مثل الفقاقيع علي سطح الماء و لا سبيل لردهم عن غيهم سوي اليقظة و معرفة حقوقنا و القيام بواجباتنا.
تتعاقب الإنتخابات و لا جديد في الأفق، أداء السلطة التنفيذية و الهيئات المنتخبة ضعيف لأبعد الحدود. نفس المشاكل و العراقيل التي فجرت إنتفاضة 5 أكتوبر 1988، لازالت قائمة اليوم. مشكلة السكن و التشغيل مع تدني في الوعي المدني، فعملية توزيع السكنات تخضع للأهواء أكثر منها إلي القانون. و لم نري الإضرابات و الإعتصامات المتوالية تفضي إلي حلول ناجعة و دائمة. يجد المواطن الجزائري نفسه سجين وظيف عمومي متعسف، و قد سبق لي و أن تعرضت لآفة البيروقراطية التي أعدها أحد أكبر معاول الهدم التي تتهدد التنمية.
عجلة التنمية بطيئة بشكل مخيف، و الذي يضع العراقيل في وجهها لامسؤولية المسؤولين و لا نستثني منهم أولئك الذين حازوا علي ثقة مواطنيهم عبر الإنتخابات، المشكلة الكبري التي تواجهنا حاليا كيف أصبحت الإنتخابات فرصة للإنتهازيين لتبوء مقاعد المسؤولية و الضرب عرض الحائط بمصالح المواطن البسيط.
و المعضلة الأخري، عدم وعي شرائح واسعة من المجتمع بحقوقها و ممارستها لفعل رفض السياسات الظالمة، كثيرا ما يتخذ مظهر العنف و هكذا ردة فعل لا تحل المشاكل بل تفاقمها.
نحن بحاجة إلي إعتماد أكثر العمل الفردي و الجماعي، بعيدا عن مطالبة الدولة بالتدخل في كل مرة و في قضايا لا تستدعي ذلك.
ثقافة التمكين، هذا ما نحن في حاجة إليه في توقيت زمني، نجد أنفسنا نتخلف عن الركب الحضاري بدون أن نعطي فرصة للعمل الهادف و المنظم. فنحن قادرين علي إدارة شؤون الأحياء مثلا، بمراعاة شروط النظافة و الجمال العمراني و ترشيد الإستهلاك و هذا لن يتم إلا بالعمل التطوعي الذي هو إضافة هامة في لبنة المواطنة و ممارسة حقوقنا المدنية.
فروح التوكل علي الله و إعتماد حلول من صميم بيئتنا و اللجوء إلي بركة العمل هذا الفارق النوعي الذي يرقي بنا و نتائجه مباشرة نتحسسها في واقعنا اليومي، فهل لنا أن ننتقل من مرحلة الرفض إلي مرحلة التدبير و السعي إلي تجسيد المطالب في أرض الواقع ؟