قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

Monday, 21 September 2020 19:02

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، و على آله و صحبه الطيبين و بعد:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله بمنكبي فقال :( كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل).

و كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول:" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، و إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، و خذ من صحتك لمرضك، و من حياتك لموتك"

الغريب لا ينافس أهل البلد في بلادهم، لا يشتغل بما يشتغل به أهل الدنيا إنما يعد للرحيل، و هكذا الناس مستقرهم في الجنة، و لا يشتغلون بهذه الدار التي هي محل التنغيص، و الكدر، الناس في رحيل إلى الآخرة، هذه الدنيا مزرعة الآخرة، الذي يبني على الدنيا كالذي يبني على البحر، يأتي الموج فيأخذ كل شيء.

و هذا الحديث أصل في قصر الأمل في الدنيا، و أنّ المِؤمن لا ينبغي له أن يتخذ الدنيا وطنا و سكنا، فيطمئن فيها، و لكن ينبغي أن يكون فيها على جناح سفر، يهيئ جهازه للرحيل، و قد اتفقت على ذلك وصايا الأنبياء، و أتباعهم، قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون، أنّه قال :( يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع و إنّ الآخرة هي دار القرار) غافر 39.

كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول :( مالي و للدنيا إنما مثلي و مثل الدنيا كمثل راكب قال في ظل شجرة ثم راح و تركها) و من وصايا المسيح عليه السلام أصحابه أنه قال لهم : " اعبروها و لا تعمروها" و روي عنه أنه قال :" من ذا الذي يبني على موج البحر دارا، تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا"، و دخل رجل على أبي ذر، فجعل يقلب بصره في بيته فقال :" يا أبا ذر أين متاعكم؟ فقال :" إنا لنا بيتا نوجه إليه، فقال :" إنّه لا بدّ لك من متاع ما دمت ها هنا، فقال:" إن صاحب المنزل لا يدعنا فيه."

أما أكثر الناس فلم يزالوا في سكرة الدنيا، و التكاثر فيها، فشغلهم ذلك عن الآخرة، حتى فاجأهم الموت بغتة على هذه الغرة فهلكوا، و ما أحسن قول يحي بن معاذ الرازي :" الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها لم يفق إلاّ في عسكر الموتى نادما مع الخاسرين"

هناك مسألة مهمة يجب التنبيه عليها، إذا أراد المسلم أمرا من الأمور عليه أن يدرس المسألة درسا دقيقا، خاصة الأمور التي يقال أنها مصيرية، أي تتعلق بأعمال دائمة، كاتخاذ قرار عمل، أو انتقال إلى بلد، أو الزواج، أو الدخول في شراكة، أو عقد عمل، قد يصاحب الإنسان هذا الشيء إلا أن يلقى الله تعالى، عليه أن يدرس هذا الأمر و ينظر إليه من جوانب كثيرة، أكثر الناس اليوم إلا من رحم الله ينظر إلى هذه الأمور نظرة واحدة فقط، و هي نظرة اقتصادية، يدخل في شراكة مع فلان الربح مضمون مائة في المائة أو خمسين في المائة، لكن ينسى أن ينظر إلى تلك الشراكة ما هو أثرها على عبادته، كان لديه فراغ يقوم الليل، يصوم النهار، ما هو الشيء المكلف به، لربما أخذ هذا المشروع التجاري وقته كلّه، هذا يغفل عنه الكثير من الناس، ينظر الى أثر هذا المشروع على عبادته، على دينه، على أولاده، على زوجته، على صحته، بعد ذلك يمكن أن يقال أنّ هذا المشروع ناجح، إذا حقق المقاصد الشرعية، و المقاصد الدنيوية، أمّا دنيا و ضررها على ضياع الدين فهذا من تلبيس الشيطان، يدخل بعض الصالحين في أمور أخرى، ثم بعد ذلك يقطعهم عن العمل، و لهذا الكثير من السلف كانوا يحذرون من الدخول في الدنيا، لأن الشيطان عندما يأتي الإنسان الصالح لا يغريه بالدنيا من أجل الدنيا، و لكن يقول له اتجر فإذا اتجرت تربح الأموال، ثم تتفرغ للعبادة، و تبني المساجد، و تحفر الآبار، و تطبع الكتب، ثم لا يزال يغريه بهذا حتى يشغله بالدنيا، و لا يحصل له ما أراد، و إن أفضل ما طلبت به الآخرة العلم و العمل. لا يعرف أن السلف طلبوا الآخرة بالدنيا، بجمع الأموال و الإنفاق، و لكن إذا يسر الله للعبد التجارة، و أن يكسب الأموال من حلّها دون أن يضر بدينه، و ينفق في سبيل الخير فحسن، و لكن ليس على حساب الدين، و على حساب ضياع الأوقات.

الكثير من الصالحين إذا عرض عليه الشيء قال هذا يتعارض مع ديني، على الإنسان أن ينتبه، و يدرس هذه الأمور دراسة دقيقة، و ينظر إليها بعدة أعين، فإذا تحققت المصلحة، و عرفت طرق الخير و عزمت فتوكل على الله، إنّ الله يحب المتوكلين.

Read 898 times Last modified on Tuesday, 22 September 2020 07:43

Add comment


Security code
Refresh

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab