يقول العلماء في تعريف الإيمان و دوره الفعال و المؤثر في حياة الإنسان:” الإيمان بالله هو الاعتقاد الجازم بوجوده سبحانه و تعالى، و ربوبيته، و ألوهيته، و أسمائه و صفاته، فالإيمان بوجود الله تعالى و وجود الله تعالى قد دل عليه العقل و الفطرة، فضلاً عن الأدلة الشرعية الكثيرة التي تدل على ذلك، و من دلالة الفطرة على وجوده: إن كل مخلوق قد فطر على الإيمان بخالقه من غير سبق تفكير أو تعليم، و لا ينصرف عن مقتضى هذه الفطرة إلا من طرأ على قلبه ما يصرفه عنها، و لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم:( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)[رواه البخاري 1358. ومسلم 2658]. و من دلالة العقل على وجود الله تعالى؛ أن هذه المخلوقات سابقها و لاحقها لابد لها من خالق أوجدها، إذ لا يمكن أن توجِدَ نفسها بنفسها، و لا يمكن أن توجد صدفة.
فالإيمان بالله في ربوبيته و ألوهيته و صفاته و أسمائه له الدور الفعال في تقييم السلوك الإنساني، فكل حركة أو سكون تكون فيها المراقبة الذاتية للخالق تبارك و تعالى، و لنضرب مثالا لذلك: فالمرأة بحكم موقعها في المجتمع كربة بيت، أو على مستوى عملها، أو على مستوى أسرتها الكبيرة أو الصغيرة، تجعل من عالمها بستانا أو قبوا، و الرجل المهندس في موقعه و مراقبته لعمله في كل صغيرة و كبيرة، و المُعلِّم في مدرسته الذي يربي لنا جيل المستقبل و الذي نطمح أن يكون هذا الجيل عضدا قوية لوطنه الكبير، و لوطنه الصغير، و الطبيب في مشفاه الذي يزرع البسمة من جديد على كل محيا، و العامل و الزارع و الصانع و غيرهم، لو أن هؤلاء جميعاً عاشوا في ظل مراقبة الله سبحانه، لأدَّى كلُّ واحد منهم دورَه المنوط به في الحياة على أكمل وجه، ليس لأنه مكلف به و مطلوب منه، و إنما لأنَّ الله تعالى يراه، و لأنه يؤمن بأنَّ الله سبحانه يراه، و يجازيه الجزاء الأوفى على ما يقوم به، ليس لوجه فلان أو علان، و لكن لأجل الخالق الديان، الذي يحاسبه على كل صغيرة و كبيرة.
و إذا تطرقنا إلى باب معاملة الخلق فيما بين بعضهم بعضا، نجد أن الإيمان يجعل الفرد المتحلي به، ينبثق منه جميل السلوك و الأخلاق، التي ترتد على الفرد و مجتمعه بالخير و البركة، بحيث يجعل ذلك السلوك الطيب في التعامل في باب الأمانة، و باب الكلمة الطيبة، و باب قضاء حوائج، و باب نقاء النفس من النفاق، و غيرها من أمراض القلوب، فيتوج بالصادق، أو الفاضل، أو الكريم.
و العكس بالعكس إذا تجرد الإنسان من الإيمان قَبُح سلوكه، و انحطت أخلاقه، و تداعت إليه كل الرذائل من نفاق، و تجريح، و سوء تأويل و هكذا تباعا.
خلاصة القول: إن الإيمان هو الأصل فيما نصادفه في الحياة من جمال و كمال، و هو الذي يرفع به الله رجالا و نساء إلى مصاف الصالحين من الأخيار و الأبرار…
الرابط : https://elbassair.dz/4473/