(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 04 تشرين2/نوفمبر 2015 08:32

أيها الآباء.. ارحموا الأبناء مسؤوليات الآباء تجاه أبنائهم في الشريعة الإسلامية

كتبه  الأستاذ مسعود صبري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ربما يكون طرحا جديدا أن نتحدث عن عقوق الآباء و الأمهات لأولادهم، و ذلك انطلاقا من مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم، و التي قال عنها النبي صلى الله عليه و سلم: “كلكم راع، و كلكم مسئول عن رعيته”، و ليس من الحكمة أن يمرض الإنسان، و يخفي مرضه خشية منه، فذلك يعني أنه سيستمر المرض و يستشري في جسده، حتى يفتك به، و مثله السكوت عن أمراض المجتمع، فتركها يكاد يمزق بنية المجتمع و لحمته.

و قد كان من هدي النبي صلى الله عليه و سلم إذا انتشر مرض في المجتمع، جمع الصحابة و خطبهم قائلا: “ما بال أقوام يفعلون كذا و كذا”، حتى يلفت الانتباه إلى الخطر، و يقدم العلاج للناس.

و حتى نقف على الظاهرة من الناحية السلوكية في المجتمع يجب ألا نقف موقف المنظر الذي يقول: هذا واجب، و هذا حرام، و هذا حلال، و هذا خطأ، و هذا عيب، بل نحن في حاجة إلى الغوص في حالات المجتمع حتى تتكون لنا صورة قريبة إلى الصورة الشاملة لهذه الظاهرة.

صور عقوق الآباء للأبناء

و من أهم صور عقوق الآباء للأبناء:

  • التفرقة في المعاملة : فبعض الآباء و الأمهات يجد بعض الأبناء أقرب إلى قلوبهم، فيظهرون هذا في معاملتهم؛ و هو ما يولد حقدا و كرها من الولد للأم و الأب و الإخوة أيضا، و لا يمكن لنا أن نحجر على الحب الزائد، فقد كان يعقوب عليه السلام يحب ولده يوسف -عليه السلام- أكثر من إخوته؛ و هو ما حدا بهم إلى محاولة قتله و التخلص منه، فرموه في البئر، غير أن يعقوب كان يدرك هذا تماما، و لم يكن يظهره.

و لما رأى يوسف عليه السلام الرؤيا {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}، قال له أبوه يعقوب عليه السلام {يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، ثم فسر له الرؤيا، فقد أدرك خطر معرفة إخوته للرؤيا، و أن كيدهم سيزيد له، فقدم الأهم على المهم، و نصحه بإخفاء الأمر على إخوته أولا، ثم فسر له الأمر ثانيا.

و إن كنا لا نستطيع مصادرة القلوب، و أن نجعلها تقسم الحب بالتساوي، فيجب أن يظهر هذا في الأعمال المادية، من التسوية بين الأبناء في العطية، و الابتسامة و القبلات و غيرها قدر الإمكان، و قد رفض الرسول أن يشهد على هبة والد لأحد أبنائه، و قال له: “إني لا أشهد على جور”. و هذا يعني أنه قد يكون في القلب حب زائد لولد دون آخر، بشرط أن يبقى شيئا قلبيا “اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك و لا أملك”.

  • طبيعة التعامل : و بعض الآباء يرون أن تشديدهم على أبنائهم في بعض مظاهر الدين هو الدين كله، مع أنهم يخطئون في حق أبنائهم، فيتهمون أبناءهم في بعض السلوكيات على أنهم “فسقة”، و أنهم “منحلون”، و أنهم يريدون العبث و اللهو، و هذا حرام، مع أن هذا الشيء قد لا يكون حراما، فهذا التضييق و التشدد يجعل الأبناء في حالة تشتت؛ لأن التشدد من الآباء يلقي بظلاله عليه.

و على الآباء أن يدركوا طبيعة المرحلة التي يعيشها أبناؤهم، و أن يدركوا أيضا أن الأجيال مختلفة، و أن التأثيرات في البيئة المحيطة تحدث نوعا من التغيير. و لهذا ما أحسن ما كان يعالج به النبي صلى الله عليه و سلم خطأ الناس.

و مثال ذلك الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنى، و كاد الصحابة أن يجنوا من طلبه و أن يبطشوا به، و لكنه قربه منه، و كلمه بحوار العقل و القلب، و طرح عليه أسئلة تهدم، بالحوار البناء، رغبته الهدامة، فقال له:” أترضاه لأمك؟” قال: لا و الله يا رسول الله. فقال له صلى الله عليه و سلم: “فإن الناس لا يرضونه لأمهاتهم”، أترضاه لأختك؟ قال: لا و الله يا رسول الله؟ قال: فإن الناس لا يرضونه لأخواتهم… و ما زال به يذكر أقاربه من عمته و خالته، ثم وضع يده على قلبه، و دعا له بالهداية.

فخرج الشاب و هو يقول: و الله يا رسول الله ما كان أحب إلى قلبي من الزنى، و الآن ما أبغض إلى قلبي من الزنى. فإن رأى الآباء شيئا يكرهونه من أبنائهم، فليكن الحوار هو السبيل الأمثل للاقتناع لأجل ترك شيء، أو فعل شيء.

  • لا للاستبداد : و من صور العقوق أيضا إظهار الآباء أنهم يملكون الحق الأوحد، و أن الأبناء دائما على خطأ، فيشعر الأبناء أن آباءهم و أمهاتهم لا يملكون القدرة على خطابهم، و أنهم يسيئون إليهم دائما؛ و هو ما يحدث فجوة كبيرة بين الآباء و الأمهات.
  • إن احترام آراء الأبناء و سماعهم و التحاور معهم و إقناعهم هو السبيل للتربية الصالحة، أما أن يكون الآباء و الأمهات ملائكة لا يخطئون، فهذا هو الخطأ بعينه، و لا يظن الآباء أنهم باعترافهم أنهم كانوا خاطئين في هذا الموقف أن صورتهم تهتز أمام أولادهم، إنها إن اهتزت لأول وهلة، و لكنها ما تعود لتثبت كالجبال الرواسي، كما أنه يولد في الأبناء الاعتراف بالخطأ، و ما يتبع هذا من فوائد في حياة الأبناء.

    • و من صور العقوق أيضا؛ الاستبداد في الرأي، و خاصة إذا كان هذا الرأي متعلقا بالأولاد، و أخطر هذا الاستبداد أخذ قرار بتزويج فتاة دون رضاها، فهذا من أشد العقوق، و قد جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه و سلم تشكو إليه أن والدها أراد أن يزوجها قريبا لها ليرفع به خسيسته، فرد الرسول صلى الله عليه و سلم الزواج، فلما رأت الفتاة أن الأمر لها، قالت: يا رسول الله، قد أجزت ما أجاز أبي، غير أني أحببت أن أعلم من ورائي من النساء أن ليس للآباء في هذا الأمر شيء.

    و هو درس للآباء أن من يتقدم قد توافق عليه الفتاة، و تراه مناسبا لها، غير أنها حين تشعر بالإجبار ترفضه، و موافقتها حق شرعي يسبق موافقة الأب نفسه؛ لأن هذه معيشتها و عشرتها لا معيشة أبيها و لا عشرته، و لكن يشترط موافقة أبيها لأنه الحارس الأمين عليها.

    • و من مظاهر العقوق أن يدخل الوالد ولده -أو بنته- كلية لا يرغب فيها، أو أن يفرض عليه عملا معينا لا يحبه، أو مهنة لا يهواها، كل ذلك نوع من الاستبداد المرفوض، و الذي يجب أن ينتهي الآباء عنه فورا.

    عوامل خارجية 

    • العلاقات المحرمة من أهم مظاهر العقوق، فعدد غير قليل من الآباء المتزوجين لهم علاقات حب و عشق مع نساء أخريات، و هذا -فضلا عن حرمته- فإنه يؤثر سلبا على تربية الأولاد، بل يكتشف الأبناء -في بعض الأحايين- هذه العلاقة، فتنهار كل المثل العليا التي يرونها في أبيهم، و تتحطم في عيونهم الصورة الجميلة للأب، و قد يؤثر هذا عليهم سلبا فينشئوا هم علاقات محرمة؛ لأنه عند غياب التربية قد يقع الأبناء في معاصي الآباء.
    • و مثل تلك العلاقات يجب أن تكون واضحة، إما أن تكون في إطار حلال أو ترفض، و ما أبلغ الرسول صلى الله عليه و سلم حين قال:” اتق المحارم؛ تكن أعبد الناس”.

      • و من مظاهر العقوق الاهتمام بالمظهر دون المخبر، فكثير من الآباء يعتقدون، بالخطأ، أن دورهم محصور في توفير الطعام و الشراب لأبنائهم، فيسعى للسفر حتى يعيش أبناؤه في معيشة أفضل، و هذا أمر لا بأس به لكن لا بد من دراسة الأمر جيدا من كل النواحي؛ فالسفر له موازناته، و قبل اتخاذ قرار بالسفر و ترك الأولاد و الزوجة يجب أن يقع حوار و مشورة بين الزوجين، كما لا بد من دراسة أثر ذلك على الأولاد، فمن الناس من سافر لجلب المال، فقامت الزوجة بدورها و حافظت على أبنائها، و من الناس من أضاع أبناءه بسفره، بل ربما ضاعت زوجته مع أولاده أيضا.

      و من أشد الخطر في السفر غربة الروح و الجسد، حين يسافر الوالد مع أبنائه إلى بلد غير بلده، فيبيع دينه لأجل دنياه.

      و من قصص الواقع أن والدا من إحدى الدول العربية سافر إلى بلد أوربي ليقضي هو و أسرته الصيف فيه، فإذا بهم يقضون الليل في أماكن لهو و عبث، ذهاب هنا و هناك، الحرية ممنوحة للجميع، مشاهدة كل الأفلام التي لا تتناسب مع مجتمعنا و قيمنا و ديننا، و بينا البنت تشاهد إحدى القنوات العربية، فإذا بها تسمع شيئا لم تسمعه منذ زمن، إنه الأذان من الحرم، فهز كيانها، و صرخت في وجه أبيها: لماذا أتيت بنا إلى هنا؟ أردت أن تضيع ديننا؟ و بعد هذا المشهد الذي أخرجت فيه الفتاة كل ما في قلبها، قرر الوالد العودة فورا، بعدما أفاق من غفلته.

      و إن كان من الناس من يستثمر في الأموال، و لكن هناك من العقلاء من يستثمر في أولاده، و كم تفوق أبناء الفقراء، بحسن رعايتهم و اهتمامهم؛ فالتفوق و حسن التربية لا علاقة لها بفقر أو غنى، و لكن لها علاقة بالتربية و البذل.

      أخيرا: العقوق من أمراض المجتمع، و التي يجب الانتباه لها، و أن توظف لها الطاقات المتنوعة، من دور العلماء في الدعوة و خطب الجمعة و دروس العلم، و من الإذاعة و التلفزيون، و لعله قد يكون من المفيد أن يتبنى بعض الكتاب تأليف بعض الروايات عن هذه القضية، و أن تتحول هذه الروايات إلى مسلسلات وأفلام، حتى نستخدم الفن الهادف في علاج قضايانا، و لا شك أن الطرح الإعلامي من أبرز الوسائل تأثيرا في حياة الناس، خاصة في ظل العولمة التي نعيشها، و التأثيرات المتبادلة بين الحضارات من جراء ثورة الاتصالات.

    • الرابط :http://islamonline.net/13953
قراءة 2120 مرات آخر تعديل على الجمعة, 06 تشرين2/نوفمبر 2015 05:59