ليلٌ بهيم، و سماءٌ غضبَى، و أرضٌ في وجوم.
و في الرأس سباقُ أفكار لا تنام،
و في القلب حفيفُ أشواق وارفة، نديَّة،
و في العين رسومُ أشباح تتساوم على بني الإنسان و تتصافق،
و في الأذن جلبةٌ من صلوات و عربدات، و زفرات وقهقهات، و أنين شيوخ، و انتحاب أطفال، و دمدمة براكين، و هدير بحور كثيرة.
و على الشفاه دبيبُ حروف و مقاطع و كلمات تنتظم و تنتثر تسابيحَ خافتةً حَيِيَّة لاسمك القدوس، يا مَن تعالى عن الأسماء و التسبيح.
*
يا ناشر الليل من كبد النهار، و مُضْرِمَ النهار من محاجر الليل،
طال ليلٌ نشرتَه فوق أرض حسيرة عشواء – طال و ادلهمَّ و تغضَّن و ترهَّل، و لكنه ما شاخ بعدُ و لا ابيضَّ فوداه. و بنو الأرض يدأبون في غضونه و يكدحون كما تدأب المناجذ و تكدح في غياهب التراب.
يكدحون و يدأبون، إلاَّ أنَّهم حيث يبدأون ينتهون.
يزرعون و يحصدون، و في الأهراء يخزنون، و لكنهم أبدًا جياع و أبدًا معوزون.
من حشاشة الأرض يأكلون، و من مآقي المُزْن يشربون، و لكنهم في غُصَّة دائمة بما يأكلون و بما يشربون.
يتزاوجون و يتناسلون، و أبدًا عن سَنَدٍ و عَوْن يبحثون.
يتخاطبون و يتكاتبون، فما يتعارفون و لا يتفاهمون.
يتنازعون على أردان الليل و أذياله، فيمزِّقون لحومَهم بأظفارهم، و يسحنون عظامَهم بأضراسهم، و بغير نُتَفٍ من جلابيب ليلهم لا يظفرون.
من أين للأرض هذا القرمز في وجنتيها؟
الرابط:
http://www.adab.com/literature/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=83856&r=&rc=7