وقفت على قبرك يا والدي.. أرنو التراب الكثيف الذي غطاك.. طيفك في كبرياء يودعني.. يشفق علي..
شعرت حينها بالدوار.. أو ببساط يسحب من تحت قدمي.. تراجعت قليلا إلى الوراء.. مترنحة.. فإذا بيدك الحانية تربت على كتفي، لتزرع الأمان، و من جديد في.
فجعني الزمان فيك يا سندي. يا تاج رأسي و سؤددي. صوتك الحنون؛ لا يزال يترنم في أذني، ذكريات
الصبا، أنهار كلماتك الجارفة تتدفق إلى الآن؛ فتغمرني.. لتبعث الدفء، و من جديد في.
دروبي صارت وعرة بعدك.. عرضي كلأ مستباح.. و الحياة بلا طعم و لا ذوق..
بيتنا العامر صار مهجورا، إلا من أشباح الذكرى.. كل الأحبة تفرقوا.
صبيحة يوم العيد؛ هاتفت أدعو إحدى عماتي.. فاعتذرت؛ لأن العيد لم يعد سعيدا يا والدي.
بعدك.. عرفت أناسا كثر. قالوا أنهم أحبوني.. كذبوا جميعهم.. أو هكذا يخيل لي. حتى ذاك الذي قال
لي يوما: أنت معبودتي، سكنى قلبي، و نفس رئتاي. قالها صادقا، لكنها مغلوطة و الله يا والدي. فأنت
وحدك من أحبني بصدق، بلا هدف و لا عنوان.
بعدك يا والدي.. أشرق نور تربيتك الصالحة لي، بنيت به برجي الأخلاقي. فما طالتني سهام الأعداء.
توجيهاتك كانت دافعي و محفزي إلى النجاح، صنعت نجاحاتي، فأكملت الطريق..
طالما رجوت أن أكون فخرك و ذخرك، صدقتك و وقفك، لتسعد بي يوم اللقاء. فيا لشوقي لذاك اللقاء.