سلام عليكي أيتها الواحة المسكيّة الشذيّة، سلام على أهلك الطيبين، سلام عليكي مدى الدهر يا خالدة المجد، و يا بيرق الصمود، و أنت تصوغين اخضرار الحياة، و أنت تعيدين مجد الأباة و أنت تلوحين عبر زمان الهزيمة، مثل شعاع يبدد حلكة ليل المذلّة و الإنكسار، سلام ايا غزة الإنتصار، و يا غزة الإنعتاق البهيّ و أنت تميطين عن أمّة العرب منذ سنين أذى الإنخذال، و فكر الهزيمة، و القيد يخجل منك، و لا يجرؤ حتى على أن يلامس معصمك المنطلق بألف قذيفة رعب، و ألف كنانة سهم سديد، تحط باعمق عمق اليهود، و يا سيف أمتنا المشرع للنصر، يا جبلا صامدا تلتقي في سفحه باسقات النّخيل، و آلاف النسور، و تزأر في فضاءاته الأسد تقسم أنّ غزّة هاشم لن تكون ممرّا لرجس اليهود، و لن تسترقّ بقيد اليهود، و لن تستكين لخبث اليهود.
لك الله يا من وقفت لوحدك تلوحين بسيف الجهاد و قد عطلت كل آي الجهاد، و تلتفتين بكل السموّ و كلّ الحنوّ إلى أمتك و هي ترسم لوحة الربيع الاسلامي، فتبتسمين للغد الآتي بالبشارات المحمدية، و تطمحين لان تكوني أهل ذلك القول النبوي الشريف {ما تزال طائفة من امتي ظاهرين على عدوّهم لا يضرهم من عاداهم إلى يوم القيامة قيل: فأين يا رسول الله قال: ببيت المقدس و أكناف بيت المقدس} فظننت بنفسك و أمتك الخير و رابط أهلك و بنيك و نساؤك و أطفالك، حقّ الرّباط، و هم يبتسمون للجراح الرّاعفة العندميّة، و يهزأون بالشيطان و الخذلان، و لا يقيمون وزنا لإرجاف المرجفين، و لا لتخاذل المتخاذلين، و قد التمست لضعفنا بضعة و سبعين عذرا، فما أكرمك يا غزة، و أنت تقدمين الأرواح و الممتلكات رخيصة لإعلاء كلمة الله، و ما أحناك يا غزة على الامة و أنت تردين عنها غضب الله، فتقيمين فريضة الجهاد، و ترابطين على بوابة الأقصى، و تصدين بيدك العزلاء رماح الغدر و القتل و التشكيك، و ما أطهرك يا غزة، و أنت تسبحين ببركة من دماء شهداءك الطاهرين، كواكب تشرق كل ليلة، فتغمر روابيك الطيبات بنور الشهادة، و أقمار فداء، تنير حلكة ليل الثكل و اليتم و الفقد، و خبزا و ماء و مسكا و شمسا، تدفيء اكواخك القانعات برزق الكريم، و فيض الكريم، و عفو الكريم، و تحمل شواطئك كل حين مع الريح أخبارك المفجعة، و ترسل كل المراكب نحو بلاد الإسلام، إشارات الإستغاثة المترفعة عن الإنكسار والاستعطاف، وصوت حنين النسيم، و هدير أمواج الشواطيء، و صوت القذائف حين تلقي بأحمالها الحاقدات، و نيرانها الحارقات، على البيوت الآهلة بسكانها، و الطرقات الزاخرة بروّادها، و الحقول المورقات الزاهيات بخضرة اغصانها، و قناديل ثمارها، فتحرق كل عروق الحياة، و تيبس كل غصون الحياة، و تسلب أطفالك نسمات الحياة.
و غزّة تلقي بنظرة عتب عابرة، على أمة شرذمتها المطامع، و مزقتها الحدود، و فرقت شملها قوانين الإستعمار، أمة ضيّعت طريقها قرونا، و تاهت بتيه التشرذم و الإنقسام سنينا، و لمّا أفاقت و صارت تتلمّس طريق الإنبعاث، وجدت سدودا، و صحارى تسد طريق المجد المنشود، و لكنها ركبت صهوة الإنطلاق، و حوّلت اتجاه الرّياح لصالحها، و اصرّت على أن تعود إلى حدود الطريق الصحيح، و غزّة ترقب كل هذا و تحمل على عاتقها وحدها حماية الأقصى، و صون تراب فلسطين، حتى غدت مسك الأرض، بطهر جراحها و دم شهداءها، و تدعو لأمتها بالهداية و الإنتصار، و ترجو لها وحدة الصفّ و الإلتفاف حول كتاب ربها و سنة رسولها صلى الله عليه و سلّم.
و غزّة ترسم اليوم لوحة جديدة للنّصر و الصبر و الإستعلاء على الجراح، و تقدّم كوكبة من اسود النزال، و أقمار الجنان، و قناديل الشهادة، و تستنهض بجراحها الطاهرة، و ليل الظلم الذي طال عليها، و أنين أطفالها الموجعين، و دموع حرائرها الصابرات، تستنهض الهمم، و تخاطب الإيمان الذي يعمر القلوب، و تهتف بإسم فريضة الجهاد المغيبة، أن أغيثوا غزة، و انصروا الأقصى، و لبّوا نداء الله، و أحفظوا مساجد الله، و حرمات الله، و انصروا الله فما هي و الله إلّا حرب يهود على دين الله، اللهم نصرك الذي وعدت المجاهدين في كل زمان و مكان.
[إن تنصروا الله ينصركم]
http://www.arabrenewal.info/2010-06-11-14-22-29/