بسم الله الرحمن الرحيم
كانت تتحدث في المجموعة مع صديقاتها القريبات و قد أنعمَ الله عليهنَّ بزيجات و أبناء و أٍنعمَ الله عليهنَّ بالحياة الكريمة مع أزواجهنَّ إلا هي لم يكتب الله لها الزواج و ظلَّ هذا الأمر حَرَّة و حُرقة تكتمها فقالت لصديقاتها : كلُّ العالَمِ تغيّـر و حتى الشعوب و الحكّـام بل حتى الكرة الأرضيِّـة تغيّـرت و لا زلت على وضعي ، لكن أسأل الله العوَضَ الخير في ما أنا فيه بزواجٍ قريب أعيش فيه الحياة الطيبة في طاعة الله فازدرت إحداهنَّ همها و مشكلتها و قالت كلامًا معناه أنه ينبغي للإنسان ألا يهتمّ لأمور الحياة هذه، و أن يلتفت لعبادته وينشغل بها . بعد دقائق ترسِـل فتقول كنت عند الطبيبة و قد ضاق صدري و خائفة لأنه يوجَـد عندي مشكلة بالمبايض و أخاف أن يؤثِّـر على الإنجاب !! ألستِ يا فاضلة قبل قليل تزدرين همّ أختكِ و تقولين أنَّ عليها أن تنشغل بالعبادة و ألا تفكِّـر في ملذات الدنيا الطيبة الحلال ؟!! فما بالكِ اهتممتِ و اغتممتِ لمّـا أصابتكِ مشكلة بسيطة، بل و أنتِ سبقَ أن رزقكِ الله بالحمل مرتين ؟! أم أنَّ الولد ليس مِن مُتعِ الحياة ؟! و هذه التي طلبت الزواج أليس الزواج بابًا للإنجاب ؟! فلماذا انعكس الموضوع و انقلبت الموازين لمّـا صار الموضوع في طرفكِ أنتِ ؟!!! ثمَّ أليس الزواج باب مِن أبواب العبادة ؟ و أليس الزواجُ سُنة مِن سنن الأنبياء ؟ و أليس الزواجُ دليل طُهر و عِفّـة ؟ و أليس لزواج سكَـنًا ؟ و أليس الزَّواجُ طريقًا للجنة ( إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا وَ صَامَتْ شَهْرَهَا وَ حَفِظَتْ فَرْجَهَا وَ أَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ ) كما في الحديث . لمّـا رأيت الموضوع – و أنا شريكة في المجموعة – قلت اللهم صلِّ و سلِّم عليك يا رسولَ الله ما كان ينهرُ أحدًا و لا يزدري همَّ أحد كان يسمع و يحمِـل صدره كل همومِ النَّاس نحن اليوم ندّعي أننا نسمع هموم النّاس فإذا سمعنا استخففنا بأهلها ! و بيّـنا لهم أنّ همومهم حقيرة صغيرة تافهة !! و أنّه لا ينبغي لهم أن يحزنوا ؟!! مشارِب الناس مختلِفة و همومهم متنوّعة و الله أدرى و أعلم بِما يبتلي به عبده و ليس مِن حِكمة الله تعالى أن يبتلي عبده في شيءٍ لا يحبّـه ، و إلا لما كان هناك غايةٌ مِن هذا البلاء . كلُّ إنسانٍ يشكو مِن شيءٍ يُحزنه فهو يحزنه و يراه همًّا بميزانه هو .. فلا يصلُح أن نوزِن هموم الناس بميزاننا نحنُ و نعتبِر أنفسنا حكّـامًا على مكنونات صدور النَّاس ! قد لا أكون الأجمل .... و قد لا أكون الأروع قد لا أكون الأذكى .... و قد لا أكون الأبرع و لكني أذا ما جاءني .... المهموم أسمع و إذا ما ناداني صاحـ .... ـبي لحاجة أنفع و حتى أذا حصدت شوكا .... فسأظل للورد أزرع و إذا ما كان الكون واسعا .... فإن قلبي أوسع اللهم صلِّ و سلِّم عليك يا رسول الله رغم أنه مؤيَّدٌ بالوحي، لكن كانت تعتريه الأحزان مِن صدود قومه و مِن تقوّلهم عليه حتى قال الله تعالى { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ } و يقول {َلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَ ضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } فالحُزن شعور إنساني يدخل الصدر لحِـكمةٍ أرادها الله تعالى .. و العِـبرة بِرضا العبد وقبوله بأقدارِ الله و إلا فالحُزن لا يملِك دفْعه أحد .. و البلاءُ إذا نزل أوجعَ ، و لكن صبر الإنسان و يقينه بربِّـه يخفِّف الوجعَ و يهوِّن الألم. و أخيرًا : هل التفكير في الزواج يُدخِل في حديث (مَن أصبح و همّه الدنيا) ؟
|
http://saaid.net/daeyat/fajr/79.htm