من العجب العجاب أن يلام العرب على ما يتخبطون فيه اليوم من مشاكل. نعم إن حال العرب اليوم، لا تسر صديقا و لا تضر عدوا، فما من دولة من الدول العربية إلا و هي تكابد شرورا و أهوالا، يشيب لها الأطفال و يعي بحلها الرجال، و ننسى أو نتناسى أن هذا الوضع الذي هم فيه اليوم هو مفروض عليهم، لأسباب عديدة أهمها:
ـ أن بلدانهم تحتل موقعا استراتيجيا من العالم، و تشغل مساحة جغرافية فسيحة و ممتدة.
ــ أن بلدانهم تمتلك مخزونا هائلا من الثروات النفطية و الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية، و الثروات الباطنية من ذهب و يورانيوم و فوسفات و حديد و منغنيز و إلى غير ذلك من المواد الأولية الصناعية و الزراعية.
ــ أن شعوب هذه المنطقة تجمع بينها روابط لغوية و ثقافية و تاريخية قوية و متينة، تجعل احتمال قيام وحدة سياسية و اقتصادية بينها أمرا ممكنا.
ــ أن أغلب الشعوب التي تسكن هذه المنطقة من المحيط إلى الخليج تدين بالإسلام، و هو الدين الذي وحّدهم في الماضي، و مكنهم من فرض سيطرتهم على أكثر من نصف الكرة الأرضية.
ــ أن التجارة البحرية العالمية تتأثر إلى حد كبير بالممرات المائية التي توجد في هذه المنطقة التي تصل إفريقيا بآسيا و أوروبا.
ــ أن اطراد النمو الاقتصادي و الرفاه الاجتماعي للغرب جميعا يدعو إلى بسط هيمنتهم على المنطقة حتى يضمنوا الحصول على مواردها الطاقوية و الأولية بأرخص الأثمان و أقل التكاليف حتى تواصل صناعاتهم انتعاشها، و اقتصادهم نموه.
ــ أن بالمنطقة كتلة بشرية، لو قدر لها أن تتوحّد في يوم ما، فإن ذلك سيشكل تهديدا حتميا لمن يحتكرون قرار السياسة الدولية، و يجعل من دول المنطقة رقما يصعب تجاوزه.
ــ أن بقاء الدول العربية في صراع فيما بينها، و أبنائها في حالة تجاذب لأسباب عرقية و لغوية و دينية و دولهم في وضعية سياسية و اقتصادية غير مستقرة، يضمن للغرب و أوروبا، الحصول على اليد العاملة الرخيصة، و الكفاءات العلمية المتميزة، لاضطرارهم بحكم تلك الأوضاع السيئة، للانتقال إلى المجتمعات الأكثر استقرارا و الأوفر أمنا، و قد ثبت أن نصيب العالم الثالث الذي تدرج فيه الدول العربية من براءات الاختراع في شتى المجالات بلغ 94 بالمائة، و هذا يعني أن بقاء الصراع في المنطقة العربية لا يخدم نموهم الاقتصادي و رفاههم الاجتماعي فحسب، بل يدعم تقدمهم العلمي الذي يضمن لهم تواصل بسط هيمنتهم على العالمين.
فلهذه الأسباب كلها يتذرع الغرب و أوروبا بكل الوسائل و الأدوات و الأسباب للتدخل في شؤون المنطقة العربية مستعينا بحلفائه فيها، من دول عربية و إسلامية، فالدول العربية لا تواجه شيطانا واحدا بل هي تواجه شياطين كثر، من بينهم إيران و إسرائيل و روسيا فضلا عن أمريكا و أوروبا، و من ثمة فإن حالها كحال الشاعر العربي الذي قال:
لو كان سهما واحدا لاتقيته
و لكنه سهم و ثان و ثالث
و لا يعني أنني ألتمس لها المبررات للبقاء في هذا الوضع المرفوض و إن كان مفروضا عليها، و لكنني أشرت إلى ذلك من باب لفت الانتباه إلى الضغوط التي ترزح تحتها، حتى يبادر أخيارها بالتصدي لها و تحريرها من نيرها، لتسترد عافيتها، و تنهض من كبوتها، و تأخذ زمام المبادرة بيدها من جديد، و ما ذلك على الله بعزيز...
الرابط: http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=4908