ان المتتبع لواقع حالنا المليء بالفتن و الخزعبلات التي تزداد و تقوى حدتها عندما تكون هناك مناسبة أو عيد سواء كان ديني أو وطني. من وراء هذه الفتن ؟ أهي السلطة ؟ أم أصحاب النفوذ و المال ؟ أم هي فئة من الشعب التي لا تريد الخير للجزائر؟ أم مدبروها هم من سلالة يهودية ؟
انها الفتن التي قال فيها النبي صلى الله عليه و سلم أنها أَنواع من الفتن وقعت و ستكثر و تتفاقم في آخر الزمان، إذا كثر المفسدون هلك الجميع و إن كان فيهم الصالحون.
قال البخاري: حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا ابن عيينة أنه سمع الزهري يروي عن عروة عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش أنها قالت استيقظ النبي صلى الله عليه و سلم من النوم محمراً و هو يقول:
"لا إلهَ إِلا اللَّهُ ويْلُ للعرب من شر قد اقترب فُتِحَ اليومَ من ردم يأجوجَ و مأجوجَ مِثْل هذه و عقد تِسعين أو مائة" قيل? أو نَهْلِكُ و فينا الصالحون? قال: "نَعَم إِذا كثر الخَبَث1".
و هكذا رواه مسلم، عن عمرو الناقد، عن سفيان بن عيينة، و قال: عقد سفيان بيده عشرة، و كذلك رواه عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس الزهري به. و قال: و حلق بإصبعيه الإِبهام و التي تليها، ثم رواه عن أبي بكر، عن ابن أبي شعبة و سعيد بن عمرو و زهر بن حرب و ابن أبي عمر، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن زينب، عن حبيبة، عن أم حبيبة، عن زينب فاجتمع فيه تابعيان و زينبان2 و زوجتان أربع صحابيات رضي الله عنهن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1الخبث: الفساد و الشر.
و الحديث رواه البخاري- 92- كتاب الفتن. 4- باب قول النبي صلى الله عليه و سلم: "ويل للعرب من شر قد اقترب" حديث رقم 7059.
2 كذا بالأصل و الصواب كما في فتح الباري 13- 12 ط. السلقية "و قال الحميدي قال سفيان: حفظت عن الزهري في هذا الحديث أربع نسوة زينب بنت أم سلمة عن حبيبة و هما ربيبا النبي صلى الله عليه و سلم عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش و هما زوجا النبي صلى الله عليه و سلم .
إشارة نبوية إلى تغلغل الفتن في الأوساط الإِسلامية
ثم روى البخاري و مسلم من حديث الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلى الله عليه و سلم على أطم من أطام المدينة فقال:
"هَلْ ترون ما أرى?"قالوا : لا، قال: "فإني لأرى الفِتَنَ تقع خِلالَ بيوتكم كَوَقْع المطَر".
و روي من حديث الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "يتقاربُ الزمانُ و يَنْقُصُ العلم وَ يَبْقَى الشحُّ و تظهر الفتنُ و يكثر الهرْجُ".قالوا: يا رسول الله إِيما هو ? قال: "القتلُ القتلُ1".
و رواه أيضاً عن الزهري، عن حميد، عن أبي هريرة، ثم رواه من حديث الأعمش، عن سفيان، عن عبد الله بن مسعود و أبي موسى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري 92- كتاب الفتن 5- باب ظهور الفتن حديث رقم 7061 و رواه مسلم "2/305". و رواه أحمد رقم "7186"
اللغة:
الهرج: القتل.
كل زمن يمضي هو خير من الذي يليه
و قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الزبير، عن عدي قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحَجَّاج، فقال:"اصبروا فإنه لا يأتي على الناس زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم"سمعت هذا من نبيكم صلى الله عليه و سلم1. و روي عن الترمذي من حديث الثوري فقال: حسن صحيح، و هذا الحديث يعبر عنه العوام فيما يوردونه بلفظ آخر كل عام ترذلون.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري 92- كتاب الفتن.
إشارة نبوية إلى ما سيكون من فتن شديدة تقتضي الحذر منا و البعد عنها
و روى البخاري و مسلم من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
"ستكونُ فتن القاعدُ فيها خير من القائِم، و القائمُ فيها خيرٌ من الماشي، و الماشي فيها خيرٌ من الساعي مَنْ يُشْرفْ لها تَسْتَشْرِفْه فمن وجد فيها مَلْجأ أو مَعَاذاً فَلْيَعُدْ به"1.
و لمسلم عن أبي بكرة نحوه بالبسط منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 رواه البخاري 92- كتاب الفتن.
رفع الأمانة من القلوب
و قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، حدثنا الأعمش، عن زيد بن وهب، حدثنا حذيفة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حديثين رأيت أحدهما و أنا أنتظر الآخر حدثنا قال :
"إن الأمانة نزلت في جذور قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن ثم علموا من السّنة" و حدثنا عن رفعها قال :
"ينام الرجل النَّوْمَةَ فتُقْبَضُ الأمانة من قلبه فيظَلُ أَثرُها مِثلَ أَثَرِ الْوكْتِ1، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل أثر المجْل2كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ على رجلكَ فَنفَطَ3، فَتَرَاهُ4 مُنْتَبِراً ليس فيه شيءُ فيصبح الناس فيتبايعون و لا يكاد أحد يُؤذي الأمانةَ، فيقال إن في بني فلان رجَلاً أميناً، و يقال للرجل ما أَعْقَلهُ و مَا أَظْرَفَة و ما أَجْلَدَهُ و ما في قلبه مثقالُ حبةِ خَرْدَلَ من إِيمانِ، و لقد أَتى عليَّ زمان و مَا أبالي أَيًّكم بَايَعْتُ5، فإِن كان مسلماً رده عليَّ الإِسْلامُ، و إِن كان نصرانياً أَو يهودياً رده عليَّ سَاعِيهِ، و أَمَّا اليَومَ فما كنت أَبايعُ إِلاَّ فلاناً و فلاناً".
و رواه مسلم من حديث الأعمش به، و رواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الوكت بفتح الواو و سكون الكاف السواد اليسير.
2 المجل : بفتح الميم و سكون الجيم أو فتحها ما يظهر في اليد من أثر العمل بفأس و نحوها من انتفاخات جالدية فيها ماء قليل.
3نفط : مجل، و أريد بالرجل العضو و بهذا قيل نفاط بالتذكير و كذا قيل تراه.
4 منتبرا : مرتفعا مأخوذ من المنبر لارتفاعه.
5 بايعت : من المبايعة و هو عقد البيع و الشراء.
إشارة نبوية إلى أن الفساد سيكثر حتى ليغبط الأحياء الأموات
و قال البخاري : حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول:
"لا تقومُ الساعة حتى يمر الرجلُ بِقَبْر الرجل فَيَقُولَ يا ليتني مكانَه".
لنرجع قليلا الى واقعنا بخصوص المفرقعات أو ما يسميها عامة الناس بالمحيرقات : من مستوردها ؟ من منحه رخصة استيراد هذه المادة ؟ كم قيمتها بالعملة الصعبة ؟ من هم مروجوها ؟ من هم ناقلوها ؟ انها تكاد تصل الى كل حي و بيت بل و الى كل غرفة، منهم شوهت لهم أجسامهم ، و منهم من حرقت له الأثاث كله، أليس هذا من عمل ابليس الذي لا يقف عند هذا الحد بل يلوم الزوج زوجته و يقول لها انت السبب في حرق البيت لأنك أعطيت النقود للطفل و يصل الأمر الى الطلاق و ذاك ما كان يرغب فيه ابليس اللعين.
أما بخصوص بعض الأسماء أو المعاني المقدسة عندنا نحن المسلمون مثل : رحمة ربي، بعض الحلويات و الشكولاتة المسماة بالسلام و التي ترمى معلباتها في القمامة، كان الأولى أن تعترض أجهزة الدولة على هذه التسميات و اشعار أصحابها باستبدال اسمائها حتى لا نقع في عمل الشيطان، الحذر ثم الحذر من غضب الله علينا. أين هي تللك الغيرة و العزة التي أعزنا بها الإسلام، في صميم هذه العزة أغتنم فرصة كتابة هذا المقال لأضع في متناول القراء الكرام هذه الطرفة المعبرة : إبان فترة المستدمر الفرنسي بالجزائر بإحدى مدن الشمال كان عامل نظافة إسمه محمد يمارس مهنته في نهج مكتظ بالمارة المعمرين و الجزائريين، سمع مناداة من أحد اصدقائه و هو يقول له محمد ...محمد ثم كررها محمد...محمد لكنه نكره و لم يبالي به، في المساء التقى مع صديقه و قال له لماذا لم تلتفت إلي و أنا أناديك يا هل ترى ماذا كانت اجابته ؟ قال له هل تحب ان يتشفى فينا المعمر و يقول أنظروا الى اسم رسولنا محمد صلى الله عليه يعمل في الزبالة ...بهذا الكلام البليغ....ندم صديقه ندما كبيرا فأصبح يضرب لهذا العامل البسيط ألف حساب بل إنه كان يحب رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم حبا جما. أين نحن من هذا الجيل ؟ هذا هو سلوك البسطاء ما بالك بالعلماء في تللك الحقبة على الرغم من قساوتها و مرارتها. اخوتي فلنتدارس السيرة العطرة لرسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم و ندرسها لأبنائنا و نحببها اليهم لأنه بدونها نصبح همجيين في معاملاتنا و تصرفاتنا و نصبح كالدمى في يد ابليس اللعين و منه تصيبنا لعنة الله عز و جل.
يا رب ما قدرناك حق قدرك لا تؤاخذنا بما فعل السفهاءُ منا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين.
المراجع : موسوعة علوم الحديث -اعداد روح الإسلام-
Comments
وافر احترامي وتقديري
RSS feed for comments to this post