في عتمة الليل تنير مشهد و في ظلمة الأرواح تطّل عليك قبّة ذهبية
شامخة كجبل عرفات لتعلمك أنك في حضرة الإمام الرضا و أنك ستدخل
من باب السلام و تسير على الرخام و السجاد الإيراني الأحمر المزخرف
و ستدخل من أبواب أسدل عليها الله ستائر رحمته و سكينته
لتشعر بغبطة المحب العاشق و بخشوع المتعبّد الناسك
هنا في مقام الإمام الرضا تجتمع خلائق الله على إختلاف مذاهبهم
و طوائفهم و جنسياتهم و أصولهم و حتى ديانتهم فالكل سواء و لا أحد
يسألك من أنت و من أين أتيت و ماذا تريد و ما هي ديانتك و لمن تنتمي
فهنا تلغى فواصل الزمان و المكان، فواصل الفرقة و العنصرية و تلغى
الخلفيات المذهبية و الطائفية و كل أوجه التطرف المقيت،
ففي مقام الإمام الرضا بمشهد عيون تبكي من
خشية الله و عيون تدمع تضرعاً و تقرباً من الله و قلوب وجلة خاشعة
في مقام لا يذكر فيه سوى إسم الله و مكان تستشعر فيه القوة و وحدة
الأمة الإسلامية، هو مكان يزيدك نوراً عل نور فأنت هنا في بيتك تصلي
كما تشاء و تذكر الله كيفما تشاء و متى تحب حيث تسكرك روائح
البخور و الورود الإيرانية، فأنت في قصر تخشاه شياطين الإنس
و الجن و تحفّه ملائكة الرحمان، و هنا تبدأ قصة عشق أبدية بينك و بين
الله و مشهد و حنين يجمعك بالإمام الرضا...