أثناء إلقاء محاضرة حول كيف تعامل النبي -صلى الله عليه و سلم- مع مشاكله الزوجية بمقدونيا قامت امرأة مقدونية و عرفتني بنفسها بأنها دكتورة بالجامعة و تدافع عن قضايا المسلمين من خلال وسائل الإعلام، و تشعر بالضعف عندما ينتقد من يحاورها الإسلام في قضية تعدد الزوجات، فأجبتها بأنه لا بد أن توضحى لمن تحاورينه أن الأصل في الإسلام هو زواج الواحدة و ليس كل رجل ملزما بأن يعدد، فهو تشريع لظرف استثنائي و كأنه دواء يستخدم وقت اللزوم.
و من ميزات الإسلام أنه قدم حلولا للحفاظ على المجتمعات من خلال تنظيم الزواج سواء كان الزواج من واحدة أو أكثر، فالإسلام لم يبتكر نظاما جديدا في التعدد لأن التعدد معروف منذ القدم، و لكنه نظم التعدد و هذه هي الإضافة، ثم قلت لها إنه دار حوار بيني و بين رجل في ألمانيا اعترض على التعدد فسألته كم علاقة نسائية عملت في حياتك؟ فقال كثير. فقلت له: إذن أنت معدد و لكن الفرق بين طريقتك في التعدد و طريقة المسلمين أن التعدد عند المسلمين منظم و فيه تحمل للمسؤولية و محدد بعدد واضح، بينما أنت تعددك فوضوي و ليس فيه احترام للمرأة و قد جعلتها كأنها لعبة تلعب بها متى ما تريد.
ثم إن الإسلام دين واقعي و عملي و يحرص على استقرار الأسرة و عدم تمزقها، فلو كانت المرأة عقيما أو مريضة مرضا مزمنا أو معديا أو تعيش في حالة نفور تجاه زوجها فالإسلام قدم حلا بديلا لاستقرار بيتها و عدم انفصالها، فقد تكون الزوجة غريبة في بلد الزوج أو لديها ظرف خاص و تريد أن تعيش مع أولادها فيكون نظام التعدد حلا لها.. و قلت لها لما كنت أنا قاضيا طلبت مني بعض الزوجات أن أقنع أزواجهن بالتعدد لأسباب عديدة منها صحية أو نفسية أو اجتماعية أو غيرها من الأسباب الخاصة، فالإسلام إذن راعى هذه الحالات و إن كانت حالات قليلة، فعندما يراعي القانون الحالات الخاصة في المجتمع و يضع لها حلولا فهذا يدل على أن هذا القانون مميز.
إن العلمانيين إذا ناقشناهم بتشريعهم لحالات الشذود أو لزواج الرجل من الرجل يردون علينا بأن هذه حرية شخصية و الطرفان راضيان بذلك، فلماذا لا يطبقون نفس هذا المنطق مع نظام التعدد عندنا و تراضي الطرفين به؟! فهل حريتهم تختلف عن حريتنا؟!.
إن من ميزة الإسلام أنه يراعى اختلاف الثقافات بين المجتمعات ففي مجتمعات يكون التعدد عندهم هو الأساس مثل موريتانيا أو جنوب أفريقيا فيكون هذا التشريع مناسبا لهم، أما المجتمع الذي لا يقبل بالتعدد فالإسلام قدم له الزواج الفردي، بل حتى رسولنا الكريم -صلى الله عليه و سلم- بقي مع زوجة واحدة و هي خديجة -رضي الله عنها- لمدة 25 سنة و لم يتزوج عليها حتى توفيت ثم عدد عليه السلام بعدها، و إضافة أخيرة نقولها: إن الإسلام أعطى للمرأة الحق بأن تشترط على زوجها بأن لا يعدد عليها في عقد الزواج، و كذلك أعطاها الحق بأنها لو أرادت أن تتزوج آخر غير زوجها فإنها تنفصل عن زوجها و تتزوج آخر و لا تكون مع الزوجين بنفس الوقت لتعارض ذلك مع نظام القوامة في الإسلام و حتى لا تختلط الأنساب.
كانت الدكتورة تكتب كل ما أقوله أثناء المحاضرة ثم طلبت مني أن أزيدها بمعلومات فقلت لها سأرسل لك كتابي (لماذا تظلمون المرأة) ففيه تفصيل أكثر.
Comments
RSS feed for comments to this post