يعاني الكثير من الآباء من تصـرفات أبنائهم المراهقين التي يرونها مستفزة لهم؛ مما يضطرهم إلى الصراخ الدائم في وجوههم، و إلقاء التنبيهات و التحذيرات ليل نهار على مسامعهم، و دون أن يدري أحد تتسع الفجوة بينهم و بين أبنائهم، و يصعب بعد ذلك تقريب المسافات و تفهم وجهات النظر، فيكون الخلاف هو أساس التعامل بين الآباء و أبنائهم، و يصبح البيت كله متوترًا لتوتر العلاقة بين أفراد الأسرة، و للشد و الجذب المستمر في تلك العلاقة.
و إليكم بعض النصائح التي تعينكم على تقريب المسافات بينكم و بين أبنائكم المراهقين، و من ثم يسهل مصاحبتهم و معرفة ما يدور داخلهم، و يسهل بعد ذلك إزالة الحواجز بينكم و بينهم:
1. أساس العلاقة هو الاحترام.. احترم ابنك يعطيك حبًّا و احترامًا.. احترم رأيه و استمع إليه جيدًا و لا تهاجمه باستمرار.. قل له: «أُقدِّر رأيك لكن لي رأي مختلف»، و اشرح له وجهة نظرك، ثم اترك له الخيار في النهاية.
2. امدح ابنك لحسن تصرفه، و امدحه إذا قدَّم خدمة لك، و الأم تمدح ابنتها، و تشكرها إذا ساعدتها في شؤون المنزل.. كلمة (شكرًا يا حبيبتي.. جزاك الله خيرًا يا حبيبي) لها مفعول السحر في نفوس الأبناء؛ فيتعلمون منكم وجوب شكر كل من قدم لهم معروفًا، و هذا الشكر و الدعاء بالخير لهم يكون دافعًا قويًّا لمزيد من مساعدتكم و مزيد من تحسين السلوك.
3. لا تستهزئ أبدًا بابنك خاصةً أمام أخواته البنات، و أمام الآخرين، فالولد يشعر بأنه قد أصبح رجلاً و يطلب من الكل احترامه؛ فلا تشتمه أبدًا و لا توبِّخه أمام أحد.. عاتبه بينك و بينه، و بصوت معتدل دون تخويف و صراخ و بالطبع دون ضرب؛ فهو قد أصبح رجلاً.. و كذلك الحال مع البنت؛ فهي أكثر حساسية من الولد، و تتعب نفسيًّا، و تهتز ثقتها بنفسها إذا استهزأت بها أمها أمام إخوتها و أمام صديقاتها؛ فيجب على الأم مراعاة ذلك.
4. الشباب في هذا الزمان لهم تقليعات غريبة و سلوكيات نراها نحن غير لائقة، فلا تستهزئ بطريقة ملابسه، بل وضح له أن هذه الملابس لا تناسبه، فهي -مثلاً- ضيقة أكثر من اللازم و لا تناسب الرجال، و تظهر عيوب جسده، و قصة الشعر تلك لا ينبغي أن تكون لرجل، أو منهي عنها في السنة النبوية (كمن يحلق رأسه قزعًا)، و تطويل شعره مع ربطه من الخلف لا يليق برجل أبدًا، فهذا للنساء فقط، و لا تكثر عليه في النصائح.. اكتفِ بالنصح و قل له: «أنصحك لأني أحبك و أخاف على منظرك أمام الناس، و أرجو احترام الجميع لك، و أنت حر»، ثم اترك له الخيار.
5. يجب أن يكون الوالدان ذكيين في إسداء النصح لأبنائهما، فالبعد عن لهجة الأوامر و التهديد يجعل كلامهما مقبولاً لديهم. و إعطاء الأبناء حرية الاختيار يعطيهم فرصةً للجلوس مع أنفسهم و التفكير فيما تقولونه لهم، و من ثمَّ القرار الصائب، الذي غالبًا يكون ما ترونه و تنصحون به.. المهم أن ينصح الوالدان بحب و بلا تهديد و لا صراخ، و تكون النصيحة قصيرة لا تتعدى خمس دقائق، تلقيها على مسامع أبنائك، ثم تسكت أو تغير الموضوع و تتكلم في أي شيء آخر، و لا تكرر النصيحة في اليوم الواحد؛ لأن نفوس الأبناء تملُّ النصح الدائم و العتاب الدائم، تمامًا كما نملُّ نحن ممن يكثر عتابنا و يثقل علينا في النصح.
6. الثناء على اختياراتهم إن كانت صحيحة أمر مهم جدًّا في تنمية أواصر المحبة و الثقة المتبادلة بينكم.. فإذا اشترى الولد ملابس مناسبة امدحه و قل له: «ذوقك جميل.. الملابس رائعة.. هي مناسبة جدًّا لك.. الألوان متناسقة و اختيارك موفق». و الحال نفسه مع البنات؛ ثناء الأم على اختيارهن الموفَّق لملابسهن و أدواتهن يعطيهن ثقة في أنفسهن، و يمنحهن سعادةً تنعكس فيما بعد على العلاقة بين الأم و بناتها. و إن كانت للأم ملاحظات فمن الممكن أن تقولها وسط ثنائها على الملابس و الاختيار.. مثلاً: «هذا الفستان مناسبٌ لك، لكن أرى أن ألوانه غير متناسقة، فحبذا لو بحثتِ عن نفس الموديل بلون مختلف»، و دائمًا نحترم اختياراتهم و نترك لهم حرية القرار.
7. وجود الحوار المتبادل بين الآباء و أبنائهم يختصر الكثير من المسافات بينهم.. تحدثوا مع أبنائكم و أنتم على مائدة الطعام.. اسألوهم كيف كان يومهم في المدرسة.. احكوا لهم عن مواقف حدثت معكم.. ابدؤوا الحوار و كأنهم أصدقاء لكم.. إذا حكى أحدهم عن مشكلة عايشها، اهتموا و اسمعوه ثم اقترحوا حلولاً لتلك المشكلة، و اسمعوا منه تعليقه.
8. الأم أقدر على مصاحبة أبنائها و بناتها من الأب؛ لذلك عليها انتهاز الفرص لبدء أي حوار معهم.. تجلس مع بناتها تستمع إليهن و إلى ما حدث لهن في يومهن.. تقترح عمل نوع معين من الحلويات أو أي أكلة، و تطلب منهن المشاركة، كما تطلب منهن اقتراحات لطعام الغد.. تسمع أبناءها و تحكي لهم عما واجهها في يومها من مشكلات.. تحكي للجميع أي موقف حدث معها و تسمع منهم و تأخذ رأيهم و تطلب مشورتهم.
و أخيرًا أقول للجميع: جربت جميع الطرق في تربية أبنائي، فلم أجد أفضل من الحب و العدل في توزيع المشاعر على الأبناء، و الاحترام، هذه الثلاثة هي أساس العلاقة الناجحة بين الوالدين و أبنائهما، و يجب على كل أب و أم أن يراجعا تصرفاتهما مع أبنائهما، و يضعا دائمًا أنفسهما مكانهم، و يبتعدا -و لو قليلًا- عن المشكلة ليستطيعا التعامل مع الموقف بحكمة و حسن تصرف.
رابط المقالة : https://www.ida2at.com/how-to-accompany-young-children/